بقلم أيمان نسيم :
مع كل حادث أرهابى ،وسقوط ضحايا أبرياء من أبنائنا فى الجيش والشرطة أو المدنيين، نتصارع لتحليل المشهد
بصدورٍ مُلتهبة،للبحث عن المُذنب الحقيقى فى حق الوطن وأبنائه.
والحق كل الحق ،أن “جميعنا مُذنبين “..فقد شاركنا جميعاً فى صناعة أرض خصبة لتلقى الأفكار المتطرفة،التى
لا يتقبّلها الا عقلٍ مريض.
الأرهابى هو شخصٌ ساخط ..ناقم..مُحبط..جاهل..ليس لديه انتماء للوطن. وهكذا يكون مؤهلاً لأن تُعشش برأسه
عناكب التطرف..فمن يكره ،لا يتردد فى إيذاء مَن يكره ،ولا يتردد فى التحالف مع أعداء الوطن،ليُفرِغ كل طاقته
العدوانية،ويصُب غضبه على وطنٍ كَفُرَ به.
فكيف تكون نشأة أغلب من سقطوا فى براثن الأرهاب؟؟
هُم أبناء فى أُسرٍ تُنجِب بدون تحمُل مسئولياتها تجاه أبنائها ،فأغلبهم يحيا حياة بائسه ،لا يتلقى رعاية أو تعليم مُناسب
،فيكون عقله مِنبراً مُعداً لكل افكار التطرف،،ومُهيأ نفسياً لأستقطابه فكرياً ..فيُصبح خنجراً مسموماً فى ظهر الوطن
،أملاً منه فى ان يجد فى الجنة ،ما حُرِمَ منه على الأرض.
ومنهم من تعرض للتمييز على أيدى أحدهُم ،الذى سلبه حقه فى وظيفة أو درجة علمية ،وقضى على طموحه
وأحلامه فى مُستقبل لم يجد له فيه مكان ،فشعر بالأغتراب فى وطنه ،وأنتابه السخط على وطنٍ لم يُقدم له
أبسط حقوقه فى العدل والمُساواة ومبدأ تكافؤ الفُرص.
وأخرون كادحون ،ينحتون الصخر بأظافرهم، ليحصلوا على لقمة العيش ..فى حين ان الفاسدون ،يغرفون من
خيرات الوطن ويحيّون حياة البزخ ،ويتغذون على أكباد الفقراء ،فلا يتركون لهم فرصة ليلتقطوا أنفاسهم من
الجرى وراء الرزق ..وكأن الفاسدون هم الأبناء الشرعيون للوطن ،وأمواله حق أصيل لهم..فيشعر الأخرون
بالظلم والحنْق على وطنٍ يُغدق خيراته على البعض ،ويترك الأخرون لحياة الحرمان والشقاء .
لقد أذنبنا جميعاً فى حق الوطن ،عندما شوّهنا ماضيه الجميل ،بحاضرنا القبيح ،عندما خلعنا رداء الحضارة وأرتدينا ثوب الصحراء ..عندما حكمنا على مُستقبله بالفشل ،وتبارينا فى أحباط الأجيال الحديثة،وأتخذنا من مقولة الزعيم سعد زغلول نبراساً وشعاراً ” مفيش فايدة”،وأصبحت الحياة مُلازمه لليأس،والجميع أصبحوا مُحللون فى جميع المجالات ،ومُتخصصون فى جعل الصورة مُشوهة و مُظلمة ،وتعظيم حُلم الأبتعاد عن الوطن إلى اى بُقعة على كوكب الأرض.
أذنبنا حين أطلقنا العنان للفن المُغرض ،الذى اصاب اجيالنا بالأحباط والسخّط وعدم الأنتماء .
أذنبنا عندما أهملنا الدور الهام لدور الثقافة ،فى تنوير وتثقيف الشباب وجذبهم للقراءة ،وممارسة الأنشطة الفنية ،من مسرح وشعر وموسيقى ،لتهذيب النفس والأرتقاء بها ،فتركنا العقول كمنابر فارغة ،تعتليها أفكار التطرف .
اذنبنا حينما أهملنا حصة النشاط والموسيقى والمسرح المدرسي ،والأنشطة الرياضية ،فكان الناتج أجيالاً مُشوهه نفسياً ،تميل الى القُبح والعُنف ،وتركناهم تربة خصبة لكُل فكرٍ عَفن .
لقد تكاتفنا لخلق جيلٍ كافرٍ بالوطن ،فاقد الأنتماء ،مشوهه نفسياً ،مشوشاً فكرياً ،مُتردياً ثقافياً ،يائساً من مستقبله،كارهاً لحاضِره ومزدرياً لماضيه.
فالوطنية،وحُب الأوطان لم يَعُد نشيداً نردده فى طابور الصباح ،أو أغانى وطنية تُحِثنا على حُب الوطن..
لكن الوطن فى مفهومه الأشمل ،هو الحِضن الآمن ،الذى يحترم كرامة أبنائه ،وحقّهم فى الحياة ،وتكافؤ الفرّص والمساواة فى الحقوق والواجبات ،وعدم التمييز بأى شكل من أشكال التمييز بين أبنائه.
فيُصبح الأبناء بارين بوطنهم،رافعين من شأنه وساعين لرِفعته.