مأساتنا لا مأساة الحلاج
بقلم إيمان الوكيل
اتساءل كثيرا عن امر من تسببوا في قتله بهذه البشاعة اهو قصور فكر وضيق افق وعدم فهم اللغة العربية جعلهم يتهمون الحلاج بالكفر والسحر والزندقة أم غيرة وحقد ؟…
الحلاج هو أبو المغيث الحسين بن منصور الحلاج، شاعر ومتصوف من أصل فارسي، نال الحلاج شهرةً واسعةً وأتباعًا كُثر بوصفه معلمًا قبل أن يتورط بالدخول في معترك السياسة في البلاط العباسي
أحب الله وعبده بفلسفة وفكر مختلف فنبذوه
وُلد الحلاج في منتصف القرن الثالث الهجري ونشأ بالعراق مسلما لأن والده ترك الزرادشتيه واعتنق الاسلام ، كان الاب يعمل في حلج القطن لذا سمي بالحلاج
في السادسة عشرة من عمره عرف الصوفيين وتتلمذ على يد أعلامهم كالجنيد، وسهل التستري وغيرهم. ثم أصبح له هو نفسه مع مرور الأيام مريدون كثيرون، كان يعبر عنهم في قصائد بقوله : “أصحابي وخلاني”.
لم يلبث الخلاف أن بدأ ينشب بين الحلاج وبين أعلام الصوفية في عصره، فهم يؤمنون بالنص والنقل ولا يحبون التجديد ويتبعون كتم مشاعرهم ووجدهم وأفكارهم وأسرارهم، وكانوا يؤثرون العزلة على الناس، تاركين أمر تدبير الخلق لله ، لم يقدروا حبه التعبير، فجهر بأفكاره وإحساساته في الأسواق ولعامة الناس.
كره سكون الصوفية، وأكثر من التنقل في البلاد، يلقى الناس، ويسمع منهم، ويتحدث إليهم ، افتتنوا به افتتانًا كبيرًا، جعل البعض منهم يرفعه عن أن يكون إنسانًا عاديًا، إلى حد أنهم عندما قتل، أنتظروا عودته زاعمين أن أعداءه لم يقتلوه هو بعينه، وإنما شبه لهم.
كانت البصرة مشتعلة ب حرب الزنج ما بين 869-883، وقد كان الزنج عبيدًا جُلبوا من إفريقيا ومن مناطق أخرى وكان العديد منهم يعملون في مناجم الملح في ظروفٍ سيئة، كما كان معهم عبيدٌ من أعراقٍ أخرى وكذلك عربٌ أحرار وفارسيون، وانتهت الثورة بمجازر كبيرة ارتكبتها الدولة العباسية، فقتلت الكثير من الزنج ، و هرب قليل منهم في الصحراء، كما أعدمت قائد الثورة
أما الحلاج فكان رأيه متشددًا منذ شبابه في هذا الشأن، فكان دائم الاعتراض على الأوضاع القاسية التي يعاني منها الزنج في مناجم الملح وكان يوجه نقده للخلافة العباسية، وهو الموقف ذاته الذي اتخذه في الدفاع عن البدو الجائعين الذين أتوا إلى البصرة وبغداد في جماعاتٍ بحثًا عن الطعام.
تم القبض عليه لمعارضاته لسياسة الحاكم ، وتم تدبير التهم له والتي توافقت مع جهل مشايخ الصوفية بفلسفته في العبادة وعدم تقبلهم لتدخله في السياسة وأتهموه بالكفر والالحاد واحيانا السحر
سجن لتسع سنوات ثم اخرج من السجن لخوفهم من اتباع السجناء والسجانين له فقتلوه شر قتلة ، ضرب بالسوط الف جلدة ثم صلب حتى مات ، تم التمثيل بجثته وقطعت يداه ورجليه وعلقت بجانب رأسه على باب الكرخ
رغم انه لم يعد نفسه شاعرا إلا ان كتاباته تعد من اهم الكتب الشعرية
وهذا حال كل مجدد لذا هي مأساتنا لا ماساة الحلاج