لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنَّا
بقلم / محمــــــد الدكـــــــــرورى
نعيش فى زمان ضاعت فيه القيم والاخلاق الا ما رحم ربى فأصبحنا نرى فى كل مكان امور لا ترضى الله
ولا ترضى رسوله الكريم صلى الله
عليه وسلم ولو تأملنا أعمالنا لوجدنا أن كثيراً منها جاء من الاقتداء، والاقتداء غريزة تكمن في نفوس البشر،
ولكن الناس يختلفون في قدوة كل
منهم، منهم من يكون له قدوة حسنة، ومنهم من يكون له قدوة سيئة، فتأمل مثلاً حال الرجل الذي أطلق
لحيته وقصر ثوبه، وحسن خلقه،
وحرصه على طاعة ربه، من هو قدوته؟
وتأمل آخر إذا مر بك في سيارته صمت أذنك من الأغاني الغربية، ولا يرتاح إلا بلبس الجنز والقبعة،
وربما لبس السروال القصير وساربه في
الشارع أو بعض المنتزهات، هذا وأمثاله من هو قدوته؟
وتأمل إن شئت تلك الفتاة التي لا تغادر بيتها إلا لحاجة ماسة، وإن خرجت خرجت محتشمة،
مبتعدة عن مخالطة الرجال ومحادثتهم، من هي
قدوتها؟
وتأمل حال تلك الفتاة التي تتعذر بالخروج لأتفه الأسباب، وإذا أرادت الخروج بادرت إلى
لبس البنطلون والقميص وأخفتهن تحت عباءتها حتى
تغادر منزلها وتختفي عن نظر ولي أمرها، وإذا وصلت إلى السوق أشغلت نفسها بعابئتها
مرة تفتحها وأخرى تغلقها بحجة إصلاحها، لا ! ولكن
حتى ترى ملابسها، هذه وأمثالها من هي قدوتها؟
إن أخذ الأمور على علاتها وتقليد الآخرين دون تمحيص وتجريد يؤدي بالشباب والفتيات إلى البعد عن الحقيقة، وفقدان الهوية، وذوبان الشخصية
الإسلامية ، لذا اجتمعت على الشباب وسائل الغرب ومغرياته، لتصوغ منهم شباباً لا يعرف نفسه، ولا يستطيع تحديد وجهته، فتقودهم إلى
التبعية التي تفسد عقيدتهم، وتمحو شخصيتهم، وتضر بأمتهم.
والتقليد الضار من الأمور التي يرفضها الإسلام رفضاً قاطعاً . لذا نعى القرآن الكريم على الكافرين تقليدهم لآبائهم أو ساداتهم دون فكر وروية،
وإعمال عقل فيما يقولون أو يفعلون، ومن الآيات التي تدل على ذلك قوله سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ
آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}
كما حذر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما في (سنن الترمذي) عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكونوا إمعة
تقولون: إن أحسن الناس أحسنَّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنُوا أنفسكم؛ إن أحسن الناس أن تُحسِنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا)).
والتبعية العمياء صفة من صفات الجاهلية والتبعية العمياء مموقتة حتى ولو كانت تبعية للآباء والأجداد، أو القيبلة والعشيرة، فكيف إذا كانت
تبعية للأعداد كأعداء هذا الدين.
ولما كانت القدوة حاجة مُلحَّة تحتاجها النفس البشرية فإن الله – سبحانه وتعالى – من منِّهِ وكرمه جعل لهذه الأمة خير قدوة عرفتها البشرية
على مدار التاريخ، جعل لها رسوله الأمين وسيد الخلق أجمعين، فقال – سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}….
فقد جمعت حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – بين الأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، والعواطف النبيلة المعتدلة، والعادات الحسنة، فكل