قرأت لك وأخيراً أعلنت تركيا عن وجهها القبيح لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى فى تصريح للمتحدث الرسمى باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، طبقًا لما ذكرته محطة
(CNN)، قال إن تركيا تريد أن يتم تقاسم جميع الموارد الطبيعية فى شرق المتوسط بشكل عادل. وجاء إعلان
محطة (CNN) فى نقلها للخبر من وكالة الأناضول الرسمية التركية حيث أضاف إبراهيم قالن أن تركيا لن
تقبل بالخطابات التى تتضمن تهديدًا أو تلويحًا بالعقوبات، بل أعلن أننا هنا «يقصد تركيا فى طرابلس» لحماية
حقوقنا. وجاءت هذه التصريحات فى ندوة نظمها مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية ومركز الدراسات الأوروبية
(EPC) ومقره بروكسل بدوائر تليفزيونية مغلقة. وجاءت الندوة بعنوان السياسة الخارجية التركية. وهكذا أظهرت
هذه الندوة وجه تركيا الحقيقى والقبيح وما هو هدفها المباشر وتحركاتها فى البحر المتوسط.. ولقد شهدت
بداية الأحداث عام 2016 عندما أظهرت وثيقة أمريكية لأول مرة الأوضاع فى منطقة البحر المتوسط وأطلقت
مصطلح «شرق المتوسط» الذى أوضحت فيه الولايات المتحدة أن الدراسات الجيولوجية الأمريكية تؤكد أن
منطقة شرق المتوسط التى تبدأ من ليبيا ثم مصر وغزة وإسرائيل ولبنان وسوريا وقبرص واليونان تعوم على
بحيرة من الغاز الطبيعى والبترول، بينما تركيا وسواحلها ليس من المتوقع أن يكون أمامها أى نوع من هذه الثروات
الجديدة من الغاز الطبيعى والبترول. وهنا جُن جنون تركيا، خاصة عندما وجدت أن مصر حققت باكتشافاتها
اكتفاء ذاتيا من الغاز الطبيعى عام 2018، وأنها بدأت التصدير عام 2020، كل ذلك كان طبقًا للدراسة
الأمريكية. أما إسرائيل التى كانت تستورد الغاز الطبيعى من مصر عام 2011 فأصبحت الآن تحقق الاكتفاء الذاتى بل تصدر الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب ومركز الإسالة
المصرى، بل تتعاقد حاليًا إسرائيل لإنشاء خط جديد لتصدير الغاز الطبيعى إلى أوروبا عبر قبرص واليونان،
وحتى قطاع غزة نجح فى اكتشاف حقل غاز جديد، وأمام لبنان وقبرص حقول غاز جديدة، كل ذلك أثار
حفيظة تركيا ووجدت نفسها أمام تطور اقتصادى كبير فى المنطقة بينما يتراجع الاقتصاد التركى بصورة كبيرة
، حيث انخفض سعر الليرة التركية وارتفع معدل البطالة وارتفعت الأسعار وزاد معدل التضخم خاصة، لذلك لم
يجد أردوغان أمامه إلا أن يبدأ فى التحرش بدولة قبرص، حيث أرسل سفن التنقيب عن الغاز الطبيعى أمام
سواحلها، الأمر الذى أثار حفيظة الاتحاد الأوروبى باعتبار قبرص إحدى دول الاتحاد، وبدأ الاتحاد الأوروبى يرسل تهديداته إلى تركيا ووصل الأمر إلى قيام المدمرات
الإيطالية بحراسة وتأمين سفينة التنقيب التابعة لشركة إينى الإيطالية لاستمرار البحث أمام السواحل القبرصية.
وأمام كل هذه التهديدات توجه أردوغان إلى حكومة السراج فى طرابلس التى كانت تأمل فى أى مساعدة
عسكرية خارجية توقف تقدم الجيش الوطنى الليبى بقيادة خليفة حفتر للدخول إلى طرابلس والقضاء على
الإرهاب وتحقيق استقرار دولة ليبيا لأول مرة، لذلك اندفع فايز السراج ليوقع معاهدة أمنية ودفاعية مع أردوغان ليضمن بقاءه على رأس السلطة فى طرابلس.
ورغم عدم شرعية هذه الاتفاقية لعدم موافقة البرلمان الليبى عليها بل معارضتها، لكن على الجانب الآخر فإن
هذه الاتفاقية أعطت تركيا المبرر غير القانونى للاندفاع إلى طرابلس ودعم قوات فايز السراج بالمرتزقة من شمال
سوريا وإقامة قاعدة جوية عسكرية فى مطار الوطية وقاعدة عسكرية بحرية فى مصراتة، وقام وزير الدفاع
التركى ورئيس أركانه بزيارة لهذه القواعد ليؤكد وجود وسيطرة القوات التركية عليها.
وأخيرًا قامت تركيا بمعاونة قطر بتجنيد مرتزقة جدد من الصومال ليتم دفعهم إلى دعم قوات السراج فى ليبيا استعدادًا للهجوم على سرت والجفرة للوصول إلى الهدف
الأساسى لهذا التدخل وهو السيطرة على الهلال النفطى الليبى.. ونعود مرة أخرى إلى تصريحات إبراهيم قالن
الذى أكد على أن تركيا تريد أن يجرى تقسيم جميع الموارد الطبيعية فى شرق المتوسط بشكل عادل..
هل يعنى ذلك استيلاء تركيا على بترول وغاز ليبيا فقط أم تريد أن تتقاسم هذه الموارد مع دول المنطقة، خاصة
مصر وإسرائيل وباقى دول المنطقة؟ إن هذه التصريحات خطيرة للغاية وتوضح أخيرًا للجميع على المستويين
الإقليمى والدولى نوايا تركيا فى تدخلها فى المنطقة.
وأعتقد أن هذه التصريحات أزاحت الستار عن تحركات تركيا فى المنطقة ومناورتها السياسية المستقبلية خاصة
علاقتها التى توطدت مؤخرًا مع قطر ثم محاولة تجنيد المرتزقة من الصومال. وتحاول تركيا الآن استغلال انشغال دول الاتحاد الأوروبى والقوى العالمية بمشاكل
جائحة كورونا وتأثيرها الاقتصادى على دول العالم التى تركز جهودها على مكافحة هذا الفيروس والتغلب على آثاره الاقتصادية، بينما تركيا تؤدى دورًا جديدًا فى منطقة
شرق المتوسط لاقتسام هذه الثروات. وأعتقد أن بعد إصدار هذه التصريحات سيكون أمام دول المنطقة كلها ومعها دول الاتحاد الأوروبى والقوى العظمى أن تتوقف
طويلًا لمراجعة تحركات تركيا فى المنطقة مستقبلًا التى كشفت وجهها القبيح فى أن الهدف الأساسى هو السيطرة على الغاز والبترول فى المنطقة وليس مساعدة ليبيا
وحكومة الوفاق فى طرابلس، وهذا هو ما ستكشفه الأيام القادمة لنا حول شكل التحرك التركى وخاصة محاولاته للاقتراب مع روسيا بالمحادثات التى تمت مؤخرًا،
ومحاولة الاقتراب من الولايات المتحدة الأمريكية، كل ذلك بهدف تأمين وتحقيق هذا الفكر التى وضح للجميع مؤخرًا.