مِنْهُم، فَيَأْتُونَهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِصُوَرِهِمْ، لَا تَأْكُلُ النَّار صُوَرَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّار إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى كَعْبَيْهِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ…»
3) تربيةُ الأوَّلاد ورحمتُهم والنَّفقةُ عليهم وخصوصاً الإناث:
قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ، أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، وَاتَّقَى اللهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةَ» [الترمذي وابن ماجه]
وعن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً؛ لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، قَالَتْ: فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجنَّة، وَأَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّار» [مسلم وأحمد].
– المتفرقات الثَّلاث:
1- التَّمسك بالدِّين في آخر الزَّمان والدِّفاع عنه والجهاد في سبيله:
عن ثوبان رضي الله عنه يرفعه: «عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمْ اللَّهُ مِنْ النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام» [النسائي وأحمد]، يعني مُتَمَسِّكَةً بدينِها آخر الزَّمان حين نزول عيسى بن مريم.
2- شفاعة سيِّدنا محمَّد صلى الله عليه وسلم بالمذنبين:
ففي حديث الشَّفاعة الطَّويل: «ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَقُولُ: مَا بَقِيَ فِي النَّارِ ألا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ» [البخاري ومسلم]، أي وجب عليه الخلود.
3- حُسْن الظَّنِّ بالله ربِّ العالمين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ رَجُلَيْنِ مِمَّنَ دَخَلَ النَّارَ اشْتَدَّ صِيَاحَهُمَا، فَقَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: أَخْرِجُوهُمَا، فَلَمَّا أُخْرِجَا قَالَ لَهُمَا لِأَيِّ شَيءٍ اشْتَدَّ صِيَاحَكُمَا؟ قَالَا: فَعَلْنَا ذَلِكَ لِتَرْحَمَنَا، قَالَ: إِنَّ رَحْمَتِيْ لَكُمَا أَنْ تَنْطَلِقَا فَتُلْقِيَا أَنْفُسَكُمَا حَيْثُ كُنْتُمَا مِنَ النَّارِ، فَيَنْطَلِقَانِ فَيُلْقِي أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ فَيَجْعَلُهَا عَلَيْهِ بَرْدَاً وَسَلَامَاً، وَيَقُوْمُ الْآخَرُ فَلَا يُلْقِي نَفْسَهُ، فَيَقُوْلُ لَهُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُلْقِي نَفْسَكَ كَمَا أَلْقَى صَاحِبُك؟ فَيَقُوْلُ: يَا رَبّ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تُعِيْدَنِي فِيْهَا بَعْدَمَا أَخْرَجْتَنِي، فَيَقُوْلُ لَهُ الرَّبُّ: لَكَ رَجَاؤُكَ، فَيَدْخُلَانِ جَمِيْعَاً الجَنَّة بِرَحْمَةِ اللهِ» [الترمذي].
• ونحن في بداية العشر الأخير من رمضان فتعال نجتهد في اكتساب ما استطعنا منها رجاء أن يعتقنا الله من النَّار، ويكرمنا بالجنة…
لذلك كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجتهد في العبادة في رمضان ما لا يجتهد في غيرهويجتهد في العشر الأخير منه ما لا يجتهد في سواه وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأخير طوى فراشه وشدَّ مئزره وأيقظ أهله وشمَّرَ للعبادة ألا هل من مشمِّرٍ إلى الجنَّة؟
فيا باغي الخير أقبلْ، ويا باغي الشَّرِّ أقصر، ويا مَنْ اجتهدتَ في رمضان بالإكثار من الطَّاعات إن الذي تطلُبه أمامك فجُدَّ السَّير ويا مَنْ قَصَّرت في رمضان أقبل على الله في هذا العشر فالآن زمن الصُّلح مع الله ويا غارقاً بالمعاصي, إلى كم تستمر على عصيان ربك، وقد غذاك برزقه وإحسانه أَمَا خلقك بيده أَمَا نفخ فيك من روحه أَمَا تستحي تذكرهُ في الشَّدائد، وتنساه في الرَّخاء؟ أَمَا ناداك في أوَّل رمضان؟ أَمَا دعاك في أوسطه؟ أَمَا علمتَ أنَّه في هذا العشر الأخير ينتظر رجوعك إليه؛ ليُقبِل عليك إنْ أقبلت عليه؟
«يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عِنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي: غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ إِنْ أَتَيْتَنِيْ بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثٌمَّ لَقِيْتَنِيْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرابِها مَغْفِرَة»
ربنا ينادينا، وإلى الإقبال عليه يدعونا, وهذا هو العشر الأخير من رمضان، عشرُ ليلة القدر قد جاء، فشمِّروا للإقبال على الله…