العاصمة

عشرالعتق من النار

0

طارق سالم
هذا هو العشر الأخير من شهر رمضان المبارك، عَشر العتق من النَّار…

العتــق مـن النــــار : جــائزة رمضــان الكبـرى
إن أهم ما يسعى إليه الصائم في رمضان هو النجاة من النار والفوز بالجنة وقد اجتمع في رمضان من العوامل
التي تساعد الصائم على نيل هذا الفضل العظيم ما تفرق في غيره فرمضان شهر الرحمة وشهر المغفرة وهو
أيضا شهر العتق من النار فكيف نستطيع الفوز بهذا العتق؟ وما آثار ذلك على سلوك المسلم؟
قال – صلى الله عليه وسلمَّ -: ((إن لله – تعالى – عتقاء في كل يوم وليلة – يعني في رمضان -، وإنَّ لكل مسلم في
كل يوم وليلة دعوة مستجابة))
هل تعرف معنى العتق من النار ؟
سوف تفهمها إذا فهمت معنى قول الله عز وجل :{ مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ }
و قوله سبحانه و تعالى :”هِيَ حَسْبُهُمْ”
تخيل واحدا مولاه النار هي مأواه، هي حسبه هي وكيله وهي كفيله
فأن تُعتَق منها كأن يكون لواحد عبد اشتراه بنقوده ثم أعتقه فأصبح حرا.
فالعتق :هو التخلِّي عن هذا المِلك ..ملكية النار للإنسان.اى لن تكون مرتبط بها ليس بينكما علاقـة لا تعرفها
• أتريد أن تُعْتَق من النَّار؟ ما هو السَّبيل؟
اجتهد في التزام أسباب العتق من النَّار كلِّها أو جزء منها وهي على ما وجدتُ بعد البحث أحدَ عشرَ سبباً خمسةٌ
في العبادات وثلاثةٌ في المعاملات وثلاثةٌ متفرقات.
– أمَّا العبادات الخمسة فهي:
1) الصَّلاة عموماً وصلاةُ الجماعة خصوصاً: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «مَنْ صَلَّى للهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً فِيْ جَمَاعَةٍ يُدرِكُ التَّكْبِيْرَةَ الأُوْلَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفاقِ»
2) الصَّوم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ يَوْمَاً فِيْ سَبِيْل اللهِ زَحْزَحَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِن النَّارِ سَبْعِيْنَ
خَرِيْفَاً» وفي رواية: «أَرْبَعِيْنَ» [الترمذي]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ للهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاء؛ وَذَلِكَ فِيْ كُلِّ لَيْلَةٍ»
3) الصَّدقة: قال صلى الله عليه وسلم: «مَن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فلْيَفعلْ»
4) الحجّ: عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْم
أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَعْتِقَ اللهُ فِيْهِ عَبْدَاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُوْ ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَة، فَيَقُوْلُ: مَا أَرَادَ
هَؤُلَاء؟» [مسلم والنسائي]
5) الدُّعاء: عن أنس رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن سألَ اللهَ الجنَّة
ثلاثاً قالت الجنَّة: اللَّهمَّ أدخِلْه الجنَّة، ومَن استجار من النَّار ثلاث مراتٍ قالت النَّار: اللَّهمَّ أجِرْهُ من النَّار»
– أمَّا المعاملات الثَّلاث فهي:
1) الدَّفع عن أعراض المسلمين:
قال صلى الله عليه وسلم: «مَن ردَّ عن عِرْضِ أخيه ردَّ اللهُ عن وجههِ النَّارَ يومَ القيامَةِ»
2) صحبه الصَّالحين:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يرفعه: «إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّار وَأَمِنُوا، فَمَا مُجَادَلَةُ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ
فِي الْحَقِّ يَكُونُ لَهُ فِي الدُّنيا أَشَدَّ مُجَادَلَةً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِي إِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ أُدْخِلُوا النَّار، قَالَ يَقُولُونَ:
رَبَّنَا، إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَحُجُّونَ مَعَنَا، فَأَدْخَلْتَهُمْ النَّار! فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَأَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ
مِنْهُم، فَيَأْتُونَهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِصُوَرِهِمْ، لَا تَأْكُلُ النَّار صُوَرَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّار إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى كَعْبَيْهِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ…»
3) تربيةُ الأوَّلاد ورحمتُهم والنَّفقةُ عليهم وخصوصاً الإناث:
قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ، أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، وَاتَّقَى اللهَ فِيهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةَ» [الترمذي وابن ماجه]
وعن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً؛ لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، قَالَتْ: فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجنَّة، وَأَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّار» [مسلم وأحمد].
– المتفرقات الثَّلاث:
1- التَّمسك بالدِّين في آخر الزَّمان والدِّفاع عنه والجهاد في سبيله:
عن ثوبان رضي الله عنه يرفعه: «عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمْ اللَّهُ مِنْ النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام» [النسائي وأحمد]، يعني مُتَمَسِّكَةً بدينِها آخر الزَّمان حين نزول عيسى بن مريم.
2- شفاعة سيِّدنا محمَّد صلى الله عليه وسلم بالمذنبين:
ففي حديث الشَّفاعة الطَّويل: «ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَقُولُ: مَا بَقِيَ فِي النَّارِ ألا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ» [البخاري ومسلم]، أي وجب عليه الخلود.
3- حُسْن الظَّنِّ بالله ربِّ العالمين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ رَجُلَيْنِ مِمَّنَ دَخَلَ النَّارَ اشْتَدَّ صِيَاحَهُمَا، فَقَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: أَخْرِجُوهُمَا، فَلَمَّا أُخْرِجَا قَالَ لَهُمَا لِأَيِّ شَيءٍ اشْتَدَّ صِيَاحَكُمَا؟ قَالَا: فَعَلْنَا ذَلِكَ لِتَرْحَمَنَا، قَالَ: إِنَّ رَحْمَتِيْ لَكُمَا أَنْ تَنْطَلِقَا فَتُلْقِيَا أَنْفُسَكُمَا حَيْثُ كُنْتُمَا مِنَ النَّارِ، فَيَنْطَلِقَانِ فَيُلْقِي أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ فَيَجْعَلُهَا عَلَيْهِ بَرْدَاً وَسَلَامَاً، وَيَقُوْمُ الْآخَرُ فَلَا يُلْقِي نَفْسَهُ، فَيَقُوْلُ لَهُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُلْقِي نَفْسَكَ كَمَا أَلْقَى صَاحِبُك؟ فَيَقُوْلُ: يَا رَبّ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تُعِيْدَنِي فِيْهَا بَعْدَمَا أَخْرَجْتَنِي، فَيَقُوْلُ لَهُ الرَّبُّ: لَكَ رَجَاؤُكَ، فَيَدْخُلَانِ جَمِيْعَاً الجَنَّة بِرَحْمَةِ اللهِ» [الترمذي].
• ونحن في بداية العشر الأخير من رمضان فتعال نجتهد في اكتساب ما استطعنا منها رجاء أن يعتقنا الله من النَّار، ويكرمنا بالجنة…
لذلك كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يجتهد في العبادة في رمضان ما لا يجتهد في غيرهويجتهد في العشر الأخير منه ما لا يجتهد في سواه وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأخير طوى فراشه وشدَّ مئزره وأيقظ أهله وشمَّرَ للعبادة ألا هل من مشمِّرٍ إلى الجنَّة؟
فيا باغي الخير أقبلْ، ويا باغي الشَّرِّ أقصر، ويا مَنْ اجتهدتَ في رمضان بالإكثار من الطَّاعات إن الذي تطلُبه أمامك فجُدَّ السَّير ويا مَنْ قَصَّرت في رمضان أقبل على الله في هذا العشر فالآن زمن الصُّلح مع الله ويا غارقاً بالمعاصي, إلى كم تستمر على عصيان ربك، وقد غذاك برزقه وإحسانه أَمَا خلقك بيده أَمَا نفخ فيك من روحه أَمَا تستحي تذكرهُ في الشَّدائد، وتنساه في الرَّخاء؟ أَمَا ناداك في أوَّل رمضان؟ أَمَا دعاك في أوسطه؟ أَمَا علمتَ أنَّه في هذا العشر الأخير ينتظر رجوعك إليه؛ ليُقبِل عليك إنْ أقبلت عليه؟
«يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عِنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي: غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ إِنْ أَتَيْتَنِيْ بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثٌمَّ لَقِيْتَنِيْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرابِها مَغْفِرَة»
ربنا ينادينا، وإلى الإقبال عليه يدعونا, وهذا هو العشر الأخير من رمضان، عشرُ ليلة القدر قد جاء، فشمِّروا للإقبال على الله…

اترك رد

آخر الأخبار