سيدة الحملة سليمة بنت جعفر الغرناطية
إيمان العادلى
سمع الناس جميعا عن القديسة الفرنسية الشهيرة جان دارك والتي أحرقتها محاكم التفتيش
النصرانية لكن يندر أن يسمع أحد عن الشهيدة الأندلسية «سليمة بنت جعفر» والتي هي حفيدة
أبي جعفر الوراق الغرناطي الذي كان مولعا بالكتب ويهوي جمعها وبيعها «ومن هنا أخذ لقبه أباجعفر
الوراق» كانت «سليمة» طفلة حين أستولي القشتاليون ومعهم محاكم التفتيش علي غرناطة
أحبت سليمة الكتب مثل جدها أبي جعفر الذي رباها بعد أن قتلت محاكم التفتيش أباها وشهدت
– في طفولتها – محرقة الكتب العربية الإسلامية في ساحة باب الرملة في غرناطة وكان جدها قد
أخفي أثمن الكتب عن محاكم التفتيش الكاثوليكية
أمضت سليمة ليلها ونهارها في أستظهار الكتب
الطبية العربية التي ظل العالم يعتمد عليها حتي أواخر القرن الثامن عشر.. جعلت سليمة من غرفة
نومها معملا للأدوية وأشتهرت سليمة «بحكيمة غرناطة»
وأنتبهت إليها محاكم التفتيش والإرهاب الكاثوليكي المقدس واتهمت سليمة بالسحر
وسيقت إلي محكمة التفتيش وكان يرأس المحكمة قاض لاهوتي وتثنان من المحققين الذين يؤمنون
بتعذيب السحرة وإحراقهم وصدر عن المحكمة قرار لايزال محفوظا بمكتبة «الأسكوربال»
«مدريد»:«إنه في عام سبعة وعشرين وخمسمائة وألف من ميلاد المسيح وفي اليوم الخامس عشر
من شهر مايو وبحضورنا نحن: أنطونيو أجابيدا القاضي بديوان التحقيق وألفونسو ماديرا المحقق
وميجيل أجيلار المحقق في الديوان العام بدأ التحقيق فيما شاع ونما إلي علمنا من أن «جلوريا
ألفاريز» واسمها القديم «سليمة بنت جعفر» تمارس السحر الأسود وتحوز في بيتها ما يدعو
إلي الشبهة من بذور ونباتات وتراكيب شيطانية تستخدمها في إيذاء الناس.. ونثبت نحن المحققين
بعد القسم علي الأناجيل الأربعة – بأن سليمة بنت جعفر صارت مسيحية وغيرت أسم أمها، من «أم
حسن» إلي «ماريا بلانكا» وعمد زوجها سعد المالقي باسم «كارلوس مانويل» أما أبنتها
«عائشة» فصارت «بيرانزا» ودوهم بيت سليمة وتم الأستيلاء علي كتبها ومعملها وسئلت سليمة:
هل تؤمنين بالشيطان؟
فردت: «لا أعتقد أن للشيطان وجودآ وكل ما
يحدث للناس مرده مرض الجسد أو العقل» وعلق القاضي الكاثوليكي بقوله: «إن تهمة إنكار الشيطان
وحدها كافية لحرقها بعد تعذيبها لشفاء روحها» ثم عاد القاضي فسألها: «هل تسري في الليل عبر
المسافات علي ظهر دابة؟
» فكان جوابها: «أنا لم أسمع أن بشرا حدث له ذلك
سوي محمد نبي المسلمين» فسألها القاضي: «هل حدث ذلك فعلا؟»
فقالت: «لقد تعمدت وصرت نصرانية» فقال القاضي – موجها الحديث للحضور – «لقد تعمدت
لكنها لم تتخل عن دينها المحمدي» ثم نطق القاضي بالحكم: «أجتمع المجلس الموقر من علماء
اللاهوت والناطقين باسم الكنيسة الكاثوليكية وبعد المناقشات والمداولات توصلنا إلي أنك
المدعوة «جلوريا ألفاريز» توصلنا إلي أنك كافرة وحكمنا عليك بالتعذيب للتطهير ثم الحرق»
وعريت سليمة وجري بهدلة ثدييها «البهدلة» هي دائرة ارتكاز الثدي علي الصدر «عند الرجال
والنساء» وصارت «البهدلة» تعني تعليق المتهم من ساقيه ثم قطع ثدييه «رجلا كان أو امرأة» ثم
تشعل النيران أسفل منه فيموت غريقا بدمه حريقا بالنار والعامية المصرية تستخدم الكلمة بمعني عام
وهي معلقة من رجليها وسال دمها وأشعلت الأخشاب والحطب أسفل منها وأحرقت
رحمها الله ورحم كل المسلمين من أجبروا على التخلى عن دينهم وتم تعذبيهم وحرقهم