سياسة الهدم الذاتي في القدس: ضغوط الاحتلال وأعباء الفلسطينيين
يارا المصري
شهدت الأيام القليلة الماضية اضطرار عائلتين فلسطينيتين إلى هدم منزليهما بأيديهما في مخيم شعفاط وحي جبل المكبر بالقدس الشرقية، بعد تلقيهما أوامر هدم صادرة عن السلطات الإسرائيلية بحجة البناء دون ترخيص. اتخذت العائلات هذا القرار المؤلم لتجنب الغرامات الباهظة التي تفرضها البلدية الإسرائيلية على عمليات الهدم التي تنفذها بشكل مباشر، مما يعكس الضغوط الاقتصادية والنفسية الهائلة التي تواجهها هذه الأسر.
وأوضح سكان الأحياء المتضررة أن الهدم الذاتي، رغم قسوته، يمثل خيارًا أقل تكلفة مقارنة بعمليات الهدم القسرية التي تنفذها سلطات الاحتلال. إذ تُفرض غرامات مالية مرتفعة على السكان الذين لا يمتثلون لأوامر الهدم، بالإضافة إلى تحميلهم تكاليف تنفيذ الهدم التي تقوم بها الجرافات الإسرائيلية.
صباح يوم الأربعاء الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة، وهدمت منزلًا لعائلة زاهدة في حي رأس خميس، وسط تعزيزات عسكرية مشددة. جاء ذلك بعد أيام من هدم مسجد الشياح في بلدة جبل المكبر، حيث اقتحمت قوات الاحتلال المنطقة وفرضت حظرًا للتجوال قبل تنفيذ عملية الهدم.
وكانت سلطات الاحتلال قد أخطرت مسبقًا بهدم المسجد، إذ وجد الأهالي إشعارًا بذلك معلقًا على بوابة المسجد، مما أثار حالة من الغضب والاستياء في المنطقة.
كما شهد مخيم شعفاط حادثة أخرى الأسبوع الماضي، حيث قامت الجرافات الإسرائيلية بهدم شقة سكنية مساحتها 180 مترًا مربعًا تعود لعلاء مطر. أوضح مطر أن الشقة كانت تأوي 14 فردًا، وقد بنيت دون الحصول على التراخيص اللازمة، ما دفع السلطات إلى تنفيذ الهدم وفرض ضرائب وغرامات إضافية على الأسرة.
لم تقتصر عمليات الهدم على المنازل والمساجد، بل طالت منشآت زراعية وبركسات في مناطق مختلفة من القدس والأغوار. كما وزعت السلطات الإسرائيلية خلال الربع الأخير من العام الماضي أكثر من 50 إخطارًا بالهدم في أحياء متعددة مثل باب العمود، حي البستان في سلوان، وعناتا، وقرية العيسوية، وغيرها.
تُعد سياسة الهدم الذاتي أحد أبرز أشكال الضغط التي تمارسها سلطات الاحتلال على الفلسطينيين في القدس. وبينما يدّعي الاحتلال أن هذه الإجراءات تستند إلى قوانين البناء والتخطيط، فإن الواقع يكشف عن سياسة ممنهجة تهدف إلى تهجير السكان الفلسطينيين، وفرض قيود صارمة على توسعهم العمراني، واستنزافهم اقتصاديًا ونفسيًا.
