سؤ الظن وعلاجه
إيمان العادلى
إنّ ممّا يُبتلى به النّاس بكثرةٍ على مرّ العصور سوءُ الظنِّ ببعضهم البعض حتّى أنهْ يُدمر العلاقات الاجتماعيّة ويُقطّع أواصر المَحبّة وصلة الرحم ويعمل على نشر السّوء والكراهية بينهم ولقد حثّ الله عزّ وجل على اجتناب سوء الظنّ بالآخرين فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾
كما يُمكن أن يُعرّف سوء الظنّ أيضاً بأنّه الخوض في الخيال المُسيء والخطأ في حالة مُواجهة فعلٍ يُمكن أن يكون له تفسيرين صحيح وخاطئ فالأنسان المبتلى بسؤ الظن يفسر غالبية الأفعال من الجانب الخاطئ وسوء الظنّ لا يكون إلا بالقلب فهو مرض من أخطر أمراض القلوب التي من لقي الله تعالى بها لم يلقه بقلب سليم وهو أخطر من الزنا والسرقة وشرب الخمر مع عظم خطرها وكبر إثمها وشناعة جرمها ذلك لأن سوء الظن من كبائر القلوب التي مبناها على إتباع الهوى والحكم بالشبهات وأمراض القلوب عظيمة المفاسد لأن آثارها تدوم فتصبح حالاً وهيئة راسخة في القلب فتفسده وإذا فسد القلب فسد الجسد كله لأنه بفساد القلب تفسد النية والقصد ويخبث القول ويقبح الفعل ويسوء الأثر فما أعظم الخطر
إنه خلق سئ يصيب القلب فيبدأ بالشك في الناس ويتطور الأمر فيشك فيمن حوله والقريبين منه وربما زاد الأمر فصار يشك في إخوانه أنفسهم
إنه سوء الظن إذن الاتهام بغير دليل أو كما قال البعض : هو غيبة القلب يُحَدث نفسه عن أخيه بما ليس فيه فهواعتقاد جانب الشر وترجيحه على جانب الخير فيما يحتمِلُ الفعل الأمرين الخير والشر ولكن لأن قلبه أصابته علة الشك فدائمآ يرجح كفة الشر
ف الظن فى اللغة يعنى إدراك الشيئ مع عدم ترجيحه أو العلم دون يقين
أقسام سوء الظن
( سوء الظن بالله تعالى) وهو أن يظنّ الإنسان بالله ظنّاً لا يليق بمقامه سبحانه وتعالى كمن يظنّ في قلبه أنّ الله لن يغفر له ولن يصفح عنه ويدخل ضمنه كلّ ظن يُخالف كمال قدرة الله وسعة رحمته
(سوء الظّن بالمسلمين) وهو ممّا يُعاقب فاعله لكونه من الكبائر إذ يُلصق بالمسلم ما لا علاقة له به إنّما حكم بمجرّد تهيّؤات وخيالات ممّا يجعلُ مُسيء الظنّ دائم الأحتقار لمن أساء الظنّ به
أسباب الظن السيئ وعلاجه
1 – ضعف الوازع الدينى لديه وعلاجه يكون بالإكثار من القراءة فى القرأن الكريم ومتابعة أخبار أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم
2 – النظر إلى الناس بريبة وقد يكون ذلك لأمر ما حدث له فبنى عليه علاقته بالناس على أساس من سوء الظن والريبة وعلاج ذلك أن النظر إلى نفسه ماذا قدم للناس حتى يظن بالناس سوءاً
وأخيرآ
فليس لك أن تظن بالأخر شراً إلا إذا انكشف لك أمراً لا يحتمل الا تفسير الشر كذلك فإن من سبل العلاج أن تتعامل مع مرض الشك الذى أنتابك تعاملا عكسيا بمعنى أنك إذا ساورك سوء الظن بأحد فابحث له عن صفات الخير التي فيه وذكر نفسك بها وتفقد كل جميل فعله لأجلك والزم فكرك به وإذا عرفت عنه عيبآ فانصحه في السِّر ولا تبادر إلى أغتيابه وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور بإطلاعك على عيبه بل ينبغي أن يكون قصدك استخلاصه من هذا العيب
وعليك كذلك أن تحاسب نفسك دائما وتبتعد عن مواطن الثرثرة والنميمة وذكر عيوب الناس فإنها بيئة ينبت فيها سوء الظن
ولم أجد أجمل من حديث رسول الله بعد كلام الله سبحانه وتعالى لأختم به مقالى
عندما نظر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام إلى الكعبة قال: (مرحباً بك من بيت ما أعظمك وأعظم حُرْمَتك، ولَلْمؤمن أعظم حُرْمَة عند الله منكِ، إنَّ الله حرَّم منكِ واحدة، وحرَّم من المُؤمن ثلاثاً: دمه، وماله، وأن يُظنَّ به ظنَّ السَّوء).