من عاش هزيمة 67 وانكسار وحزن الشعب علي الخسارة الفادحة يدرك قيمة انتصار أكتوبر ويدرك كيف أن المصريين قد عبروا الهزيمة بعزيمة المحارب الذي لا ينكسر ابدا تحت اي ظرف فكان حلم استرداد الارض والكرامة ظل يراوده وقد لا يعلم الكثيرون أن رفض الهزيمة لم يتأخر فبعد أقل من شهر واحد فقط من الهزيمة وفي الاول من يوليو سنة 1967 بدأت أولي المواجهات الحقيقية مع العدو الأسرائيلي في (رأس العش).
بعد كارثة 67 واحتلال العدو الأسرائيلي لارض سيناء بقيت مدينة (بور فؤاد) هي المدينة الوحيدة شرق القناة التي لم يتم أحتلالها فأراد العدو الأسرائيلي أن يحتلها ويهدد بذلك مدينة وميناء بورسعيد وقد ظن العدو ان المهمة ستكون سهلة وأنها قضت تماما علي مقاومة الجيش المصري وعزيمته …يقول اللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس العمليات في حرب أكتوبر في مذكراته :
في اليوم الاول الذي تولى فيه اللواء (أحمد أسماعيل علي) قيادة الجبهة في أول يوليو 1967 تقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق في اتجاه بور فؤاد شرق بورسعيد لاحتلاله، وهى المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم يحتلها العدو في حرب يونية فتصدت لها قواتنا ودارت معركة رأس العش وكان يدافع في منطقة رأس العش ـ جنوب بور فؤاد ـ قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة المصرية عددها ثلاثون مقاتلًا من قوة الكتيبة 43 صاعقة والتي تم تجهيزها للعبور وعمل خط دفاعى امام القوات الإسرائيلية المتقدمة وبالفعل تقدمت قوة إسرائيليةقوامها سرية من 10 دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكة في عربات نصف جنزير، وقامت بالهجوم على قوة الصاعقة التي تشبثت بمواقعها بصلابة وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية. عاود العدو الهجوم مرة أخرى، إلا أنه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف جنزير بالإضافة لخسائر بشرية واضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب جنوبا ، وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذي ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبروظلت مدينة بور سعيد وميناؤها بعيدين عن التهديد المباشر لإسرائيل..
وبحسب الجمسى، فقد كانت هذه المعركة هي الأولى في مرحلة الصمود، التي أثبت فيها المقاتل المصري ـ برغم الهزيمة والمرارة ـ أنه لم يفقد إرادة القتال وكانت معركة رأس العش هي أولي معارك حرب الأستنزاف التي استمرت 3 سنوات..