حكاوي_القاهرة ماسبيرو
متابعة على صبرى
ما ان نسمع ذلك الاسم حتى يحضر في أذهاننا مبنى ماسبيرو الشهير الكائن على ضفاف كورنيش النيل وهو مقر التليفزيون المصري أقدم التليفزيونات الحكومية في الشرق الأوسط وأفريقيا ، وماسبيرو أيضا هو اسم الشارع الذي يطل عليه هذا المبني . لكن هل تعلم ان “ماسبيرو” هو اسم عالم مصريات فرنسي أحب مصر و عشق ترابها وقدم لها خدمات جليلة واكتشافات عظيمة سجلها له التاريخ
في 5 يناير 1881 كانت أول زيارة يقوم بها ماسبيرو إلى مصر بعد أن تم الاستعانة به لتولي منصب مدير مصلحة الآثار المصرية وذلك عقب مرض معلمه عالم الآثار “أوجوست مارييت” الذي كان يتولى إدارة المصلحة ، واختار “ماسبيرو” العيش فوق عوامة علي حافة النيل ، معروفة الآن باسم المنشية، وهي إحدى ممتلكات إدارة خدمة الآثار وقد أمضى فيها ماسبيرو كل فترة إقامته الأولى بمصر حتى عام 1892. وقد ساعد ماسبيرو اتقانه للغة العربية و قدرته على فك شفرات العديد من النصوص الهيروغليفية ، في اكتشاف العديد من المومياوات ، ليصبح من بعدها أول مدير للمتحف المصري . ولم تقتصر جهود العالم الفرنسي ماسبيرو على اكتشاف الآثار المصرية ، بل قام بتأسيس المعهد الفرنساوي للآثار في القاهرة لدراسة الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية وكان أول مدير لهذا المعهد .
هذا وقد اكتشف ماسبيرو أكثر من 4000 نص بالهيروغليفية ، وواصل حفائر “مارييت” في معبدي إدفو وأبيدوس وعمل على إزالة الرمال من حول تمثال أبو الهول في منطقة أهرامات الجيزة عام 1886، وقام بإعادة ترتيب المتحف المصري ببولاق في الجيزة، قبل انتقاله إلى موقعه الحالي في القاهرة، كما كان له دور بارز في اكتشاف خبيئة أثرية بمعابد الكرنك في الأقصر، كانت تحتوي على مجموعة هائلة لمومياوات الفراعنة في عام 1881 وتم العثور فيها على مومياوات كل من الفراعنة سقنن رع وأحمس الأول وتحتمس الثالث وسيتي الأول ورمسيس الثاني .
كما قام ماسبيرو بنشاط كبير لمواجهة السرقات التي كانت تحدث للآثار المصرية القديمة وقام بمساعدة العالم المصري أحمد كمال بك بنقل المئات من الموميات والآثار المنهوبة إلى المتحف المصري بالقاهرة وأستطاع أن يسن قانون جديد صدر عام 1912 ينص على أن لا يسمح للأشخاص بالتنقيب وأن يقتصر التنقيب فقط على البعثات العلمية بعد الموافقة على مشروعها ، كما فرض مقابل لمشاهدة المناطق الآثرية لمواجهة النفقات التي يحتاجها للتنقيب وأعمال الصيانة.
توفى جاستون ماسبيرو في 30 يونيو عام 1916 ودفن في فرنسا ، وقد أطلق اسم ماسبيرو في مصر على مبنى الأذاعة والتلفزيون بالقاهرة ، تكريماً لأعماله الجليلة ومساهماته في البحث والمحافظة على الآثار المصرية القديمة وسجل وجوده في السينما المصرية في الفيلم الروائى الطويل الرائع المومياء للمخرج العبقرى شادي عبد السلام .