العاصمة

حقوق مهجورة

0

اسلام محمد

قال تعالى: ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء 23].
أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده ، وجعل بر الوالدين مقرونا بذلك ، كما قرن شكرهما بشكره فقال : وقضى

ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا . وقال : أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير . وفي صحيح البخاري

عن عبد الله قال : سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أي العمل أحب إلى الله – عز وجل – ؟ قال : الصلاة

على وقتها قال : ثم أي ؟ قال : ثم بر الوالدين قال ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله قال الامام القرطبي

في تفسيره فأخبر – صلى الله عليه وسلم – أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم

دعائم الإسلام . ورتب ذلك ( بي ثم ) التي تعطي الترتيب والمهلة . من البر بهما والإحسان إليهما ألا

يتعرض لسبهما ولا يعقهما ; فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف ، وبذلك وردت السنة الثابتة ; ففي صحيح مسلم

عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : إن من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا : يا رسول الله ، وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال نعم .

يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه
وقال الإمام السعدي في تفسير هذه الآية أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي والفعلي لأنهما

سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر

وجاء في تفسير القرطبي عن فضل بر الوالدين في الإسلام في قول الله تعالى( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )
روى الصحيح عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : من أحق الناس بحسن

صحابتي ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك .

فهذا الحديث يدل على أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب ; لذكر النبي

– صلى الله عليه وسلم – الأم ثلاث مرات وذكر الأب في الرابعة فقط . وإذا توصل هذا المعنى شهد له العيان . وذلك أن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة

الرضاع والتربية تنفرد بها الأم دون الأب ; فهذه ثلاث منازل يخلو منها الأب . وروي عن مالك أن رجلا قال له

: إن أبي في بلد السودان ، وقد كتب إلي أن أقدم عليه ، وأمي تمنعني من ذلك ; فقال : أطع أباك ، ولا تعص

أمك . فدل قول مالك هذا أن برهما متساو عنده . وقد سئل الليث عن هذه المسألة فأمره بطاعة الأم ; وزعم أن لها ثلثي البر . وحديث أبي هريرة يدل على أن لها

ثلاثة أرباع البر ; وهو الحجة على من خالف . وقد زعم المحاسبي في ( كتاب الرعاية ) له أنه لا خلاف بين

العلماء أن للأم ثلاثة أرباع البر وللأب الربع ; على مقتضى حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – . والله أعلم .
السابعة : لا يختص بر الوالدين بأن يكونا مسلمين ، بل إن كانا كافرين يبرهما ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد ; قال الله – تعالى – : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم

في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم . وفي صحيح البخاري عن أسماء قالت : قدمت أمي وهي

مشركة في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي – صلى الله عليه وسلم – مع أبيها ، فاستفتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – فقلت : إن أمي قدمت وهي راغبة افا

اصلها ؟ قال : نعم صلي أمك . وروي أيضا عن أسماء قالت : أتتني أمي راغبة في عهد النبي – صلى الله عليه

وسلم – فسألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أأصلها ؟ قال : نعم . قال ابن عيينة : فأنزل الله – عز وجل –

فيها : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الأول معلق والثاني مسند
بل إن درجة البر بهما والإحسان إليهما ان يشاورهم في جميع أمور حياته وهذا أمرا لا يخالف الشريعة بل أمر

النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ان تشاورهم في كل ما يخصك من خطبة وزواج والخروج للجهاد في سبيل الله ولي طلب العلم وغير ذلك من هذه الأمور

. روى الصحيح عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يستأذنه في الجهاد

فقال : أحي والداك ؟ قال نعم . قال : ففيهما فجاهد . لفظ مسلم . في غير الصحيح قال : نعم ; وتركتهما

يبكيان . قال : اذهب فأضحكهما كما أبكيتهما . وفي

خبر آخر أنه قال : نومك مع أبويك على فراشهما يضاحكانك ويلاعبانك أفضل لك من الجهاد معي . .

الفظ للبخاري في كتاب بر الوالدين : أخبرنا أبو نعيم

أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يبايعه على الهجرة ، وترك أبويه يبكيان فقال

: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما . قال ابن المنذر : في هذا الحديث النهي عن الخروج بغير إذن الأبوين
ومن تمام برهما صلة أهل وودهما ; ففي الصحيح عن

ابن عمر قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي . وروى أبو أسيد وكان بدريا قال : كنت مع النبي

– صلى الله عليه وسلم – جالسا فجاءه رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، هل بقي من بر والدي من بعد

موتهما شيء أبرهما به ؟ قال : نعم . الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما فهذا الذي

بقي عليك . وكان – صلى الله عليه وسلم – يهدي إلى أصدقاء السيدة خديجة برا بها ووفاء لها وهي زوجته ، فما ظنك بالوالدين

ويذكر الله بعد أن وصى الإنسان بوالدين يذكر حال الناس في عقوق الوالدين في قوله تعالى : إما يبلغن

عندك الكبر أحدهما أو كلاهما قال القرطبي في تفسيره خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر ; فألزم في هذه

الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل ، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلا عليه ، فيحتاجان أن

يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه ; فلذلك خص هذه الحالة بالذكر . وأيضا فطول المكث

للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة ويحصل الملل ويكثر الضجر فيظهر غضبه على أبويه وتنتفخ لهما أوداجه ،

ويستطيل عليهما بدالة البنوة وقلة الديانة ، وأقل المكروه ما يظهره بتنفسه المتردد من الضجر . وقد أمر

أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة ، وهو السالم عن

كل عيب فقال : فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما . روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول

الله – صلى الله عليه وسلم – : رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك والديه

عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة . وقال البخاري في كتاب الوالدين : حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي سعيد

المقبري عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي . رغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه

الجنة . ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له . حدثنا ابن أبي أويس حدثني أخي عن

سليمان بن بلال عن محمد بن هلال عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة السالمي عن أبيه – رضي الله عنه –

قال : إن كعب بن عجرة – رضي الله عنه – قال : قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : أحضروا المنبر فلما

خرج رقي إلى المنبر ، فرقي في أول درجة منه قال آمين ثم رقي في الثانية فقال آمين ثم لما رقي في

الثالثة قال آمين ، فلما فرغ ونزل من المنبر قلنا : يا رسول الله ، لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه

منك ؟ قال : وسمعتموه ؟ قلنا نعم . قال : إن جبريل – عليه السلام – اعترض قال : بعد من أدرك رمضان فلم

يغفر له فقلت آمين فلما رقيت في الثانية قال بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين فلما رقيت في

الثالثة قال بعد من أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت آمين . حدثنا أبو نعيم حدثنا

سلمة بن وردان سمعت أنسا – رضي الله عنه – يقول : ارتقى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على المنبر

درجة فقال آمين ثم ارتقى درجة فقال آمين ثم ارتقى الدرجة الثالثة فقال آمين ، ثم استوى وجلس فقال

أصحابه : يا رسول الله ، علام أمنت ؟ قال : أتاني جبريل – عليه السلام – فقال رغم أنف من ذكرت عنده

فلم يصل عليك فقلت آمين ورغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخل الجنة فقلت آمين الحديث

اترك رد

آخر الأخبار