جيش مدنى فى زمن الحرب
كتب : على امبابى
عدد الشباب المصري هائلا عددا، وجنسا، وتعليما، وخبرة، ومشاكل ايضا.
الشباب المصري مُستهدف ، لانه إن وعى، استفاق، صح، حلم، صبر، كافح .
تم وضع الشباب في بؤرة التهميش والهجوم الخفي الذكي من عقود بعيدة، لتجريد مصر من مفهوم قوتها البشرية الحقيقية، وزرع الفرقة بين القوة الضاربة او فريق العمل من جهة، وبين الدولة بوصفها رئيس الفريق او مدربه من جهة اخرى.
ومن هنا يمكن فهم ارهاصات “صناعة القنوط”، من خلال تصميم أصيل ومحبوك لتوريط الادارات والحكومات المتعاقبة، في مشاكل التعليم والاعلام والثقافة والدين، كاحداثيات بوصلة الشباب في المكان بزمن السلم. ولطول انخراط مصر في حروب ومعارك ووقائع حربية وسياسية محلية واقليمية،
على صعيد آخر، وضعت الادارة المصرية نصب عينيها منذ ٢٠١٤ خطة صناعة مصر جديدة، تتقدم فيها حثيثا، بخطوات مرصودة، ضغوط من كل جانب، اقتصاد حرج، ظروف دولية أحرج، ومناهضة داخلية من مختلف اطياف الشباب لموروثات وتاريخ عدائي، يتجدد دوريا من صناعة القنوط. النتيجة استمرار كفاح قاطرة التغيير وسط انواء الاحداث المحلية والاقليمية والعالمية، تجر خلفها قوتها الضاربة التي تفت في عضدها، لغياب مشروع صناعة الامل او مناقشة صناعة القنوط بوعي وموضوعية، بقصد الافاقة.
مشهد متداول حاليا طلاب الثانوية العامة بطارية مدافع الجامعات والمعاهد والتعليم الفني ـ في زمن الكورونا، وهم يؤدون الامتحانات .. بدون امل في الغد مع اعلام وسوشيال ميديا يروج حقائق سوداء عن سد إثيوبيا وصراعات ليبيا وطموحات تركيا واوجاع سيناء وحرج الاقتصاد.
مشهد آخر، شباب متخرج يتوافد على المحلات والشركات بحثا عن عمل، في زمن توقف شبه تماما لمدة ٤ شهور بسبب جائحة كورونا، لا يمكن لوم الشباب وحده على تسطحه وتشتته او ضياعه او قنوطه او تهاوي قيمه واخلاقياته.
فـسنة٢٠٢٠ ميراث ثري جدا من صناعة القنوط، التي طرحت شبابا بعيون سوداء، نحو غد رمادي، وسط كيانات اقتصادية حرجة واقتصاد صغير ووسيط في طريقه للضمور، ومع ذلك فقوة الشباب مستمرة، هادرة، فوارة .. وبدون صناعة الامل ستخرج صناعة القنوط منتجات شبابية اكثر تطرفا، يأسا، رفضا، تشككا، تغييبا، وادمانا.
كذلك يصعب لوم الدولة وحدها على تركها صّناع القنوط يرعون في جسد شبابها وفكره، مقابل انشغالها بعلاج ميراث سياسي واقتصادي ثقيل، وتركيز على بنية تحتية متحدية، وخلق دور قيادي في المنطقة استهدف تحويطه بقنابل موقوتة، وكل ذلك لنعفيها من دورها في صناعة الامل .
عندما نذكر الدولة، فحتما نفرق بين الادارة الحكومية وصناع القرار من جهة، وبين كياناتها ومؤسساتها الادارية العامة والخاصة وكبار مثقفيها وكتابها وموظفيها. في تقديري ان صناعة الامل للشباب المصري مقدورة وقابلة للتحقيق، بتصميم رؤية جادة وحقيقية بانورامية، لاعلان الحرب على «صناعة وصّناع القنوط».
أكم من المثقفين والخبراء واستاذة الجامعات والمنظرين، لديهم افكارا ورؤى واوراق عمل عن «المشروع الثقافي المصري للقرن ال٢١»؟
كم من رجال دين معتدلين وسمحين، لديهم منظور الاعتدال وقبول الآخر واصلاح الخطاب الديني؟
كم من كتاب دراما وفنانين وسينمائيين ومبدعين، لديهم ادوية لتطهير الفن الحالي واعادة تصميم وتقديم الصورة الذهنية لمصر وشعبها في رسائل تقّوم المعوج؟
كما صمتنا عن صناعة وصّناع القنوط، فقد حان الوقت لزمن «صناعة الامل» بطرحه كمشروع قومي حقيقي يعامل الشباب «كجيش مدني في زمن الحرب»، وتأسيس ادارة حقيقية لهذا المشروع «ثقافيا، اعلاميا، عمليا، تعليميا» والذي سيطلق مجرد الاعلان عنه ومفهومه ورسالته، نهضة واملا في شباب مصر .
فهل آن الاوان لنصنع الامل، بعدما ادمنا منتجات القنوط؟
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.