طارق سالم
دائما ما ترتبط أعياد المسلمين بالعبادة حيث إنّ العيد في حقيقته شكر بعد إتمام أركان الإسلام فعيد الفطر يأتي بعد إكمال صيام شهر رمضان المبارك وعيد الأضحى يأتي بعد أداء فريضة الحج كما أنّ العيد هو ضيافة الرحمن لعباده الذين يظهرون فيه الحب والشكر والمودة والصلة بالله تبارك وتعالى وقد احتفل المسلمون في أول عيد فطر في السنة الثانية من الهجرة النبوية عندما فُرض صيام شهر رمضان المبارك على المسلمين في تلك السنة إذ احتفل المسلمون بعيد الفطر المبارك بعيد صيام الشهر وقد شرع الإسلام صلاة العيد في تلك السنة أيضاً بالإضافة إلى زكاة الفطر .
ويطلق اسم عيد الفطر على العيد الذي يأتي بعد صوم شهر رمضان المبارك سبب تسمية العيد بهذا الاسم أنّ الله سبحانه وتعالى يعود على المسلمين فيه بمنه وإحسانه وفضله ومن أنواع الإحسان العائدة على عباد الرحمن الفطر بعد الامتناع عن الطعام وصدقة الفطر وشعور المسلمين في العيد بالسرور والفرح والبهجة.
• عيد الفطر: فرحة واحدة وطقوس متباينة :
عيد الفطر المبارك أحد أبرز مظاهر الفرحة والبهجة في حياة المسلمين في شتى بقاع العالم حيث يأتي تتويجًا لصيام شهر رمضان المعظم فقد أباح الله تعالى للمسلمين الفرح والاحتفال والسرور ولم يبخسهم حقهم في أن يتنزهوا ويفرحوا ويلعبوا ويتبادلوا سويًا أرق التهاني والتبريكات ويأخذوا من الدنيا نصيبهم الذي شرعه الله لهم وذلك خلال العيدين اللذين جعلهما الله للمسلمين في العام عيد الفطر وعيد الأضحى لتكتسي الدنيا فرحًا بمشاعر المسلمين الراقية السامية بعيدًا عن الابتذال والسفور وفق منهج رباني قويم.
وبالرغم من أن فرحة العيد واحدة بين المسلمين أينما كان حلهم وترحالهم إلا أن طقوس الاحتفال به تختلف من دولة لأخرى ومن مكان لآخر .
وفي العيد تتجلى الكثير من معاني الإسلام الاجتماعية والإنسانية ففي العيد تتقارب القلوب على الود ويجتمع الناس بعد افتراق ويتصافون بعد كدر وفي العيد تذكير بحق الضعفاء في المجتمع الإسلامي حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت وتعم النعمة كل أسرة وهذا هو الهدف من تشريع “صدقة الفطر” في عيد الفطر أما المعنى الإنساني في العيد فهو أن يشترك أعدادٌ كبيرة من المسلمين بالفرح والسرور في وقت واحد فيظهر اتحادهم وتُعلم كثرتهم باجتماعهم فإذا بالأمة تلتقي على الشعور المشترك وفي ذلك تقوية للروابط الفكرية والروحية والاجتماعية وقد رخص النبي محمد للمسلمين في هذا اليوم إظهار السرور وتأكيده بالغناء والضرب بالدف واللعب واللهو المباح بل إن من الأحاديث ما يفيد أن إظهار هذا السرور في الأعياد شعيرة من شعائر هذا الدين .
رُوي عن عائشة قالت: إن أبا بكر دخل عليها والنبي عندها في يوم فطر أو أضحى وعندها جاريتان تغنيان بما تَقاوَلَت به الأنصار في يوم حرب بُعاث فقال أبو بكر: أمزمار الشيطان عند رسول الله! فقال النبي: “دَعْهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيدًا وإن عيدنا هذا اليوم”. ورُوي عن أنس قال: قدم النبي المدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما فقال: “قد أبدلكم الله ـ الله ـ بهما خيرًا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى”.
• آداب العيد وسننه :
1- التكبير في العيد :
يعتبر التكبير في العيد من الأمور التي تعظّم الله في القلوب والألسن ويكون لفظ التكبير بقول ما يأتي: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، ويعدّ التكبير سنةً من سنن العيد للرجال بالجهر به وللنساء بالتكبير بصوت منخفض، لأنهنّ مأمورات بخفضه ويكون التكبير في المساجد والبيوت والأسواق كما يبدأ من وقت غروب الشمس ليلة العيد أو من ثبوت رؤية هلال شهر شوال وينتهي بالصلاة فإذا صلى المسلمون صلاة العيد ينتهي وقت التكبير.
2- الغسل :
والغسل للعيد سنة مؤكدة في حق الجميع الكبير والصغير الرجل والمرأة على السواء ويجوز الغسل للعيد قبل الفجر في الأصح على خلاف غسل الجمعة.
3- الإفطار قبل الصلاة :
كذلك فإن من السنة أن يبادر المسلم إلى الإفطار قبل الخروج إلى الصلاة على تمرات يأكلهن وترًا فعن أنس- – قال: كان النبي لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا”
4- صلاة العيد :
صلاة العيد سنة مؤكدة وهي ركعتان ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال ولكن الأحسن تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح أي بحسب رأي العين وتسن الجماعة فيها وتصح لو صلاها الشخص منفردًا ركعتين كركعتي سنة الصبح. ويسن في أول الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبع تكبيرات وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام ويقول بين كل تكبيرتين: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر”. ويسن خطبتان بعد الصلاة يكبر الخطيب في الأولى منهما تسع تكبيرات وفي الثانية سبع تكبيرات ويسن التبكير بالخروج لصلاة العيد من بعد صلاة الصبح إلا الخطيب فيتأخر إلى وقت الصلاة والمشي أفضل من الركوب ومن كان له عذر فلا بأس بركوبه ويسن الغسل ويدخل وقته بمنتصف الليل والتزيّن بلبس الثياب وغيره والتطيب وهذا للرجال أما النساء فيكره لهن الخروج متطيبات ومتزينات.
ويسنّ كذلك أن يذهب إلى صلاة العيد من طريق ويعود إلى بيته من طريق آخر لتكثر الخطوات ويكثر من يشاهده فعن جابر بن عبد الله —قال: “كان النبي إذا كان يوم عيد خالف الطريق”