العاصمة

“الصورة المميتة” إيمان العادلى

0
إيمان العادلى
هناك أطفال يتميزون بغرابة الأطوار ، وهذا ينطبق تماما على سوزان وشقيقها جون اللذان كانا
يعيشان مع أمهما الأرملة في منزل متواضع في ضواحي إحدى المدن الأمريكية . كانت والدتهما
السيدة باكلي امرأة معروفة بطيبتها ودماثة أخلاقها ، ولهذا كانت محبوبة من قبل الجميع ، لكن
ذلك للأسف لم يكن ينطبق على طفليها ، إذ كانت سوزان تتصرف دائما بلؤم وخبث مع صديقاتها ،
أما جون فكان ميالا للعنف والمشاكل ، ولولا حب أهل الحي للسيدة باكلي لما سمحوا لأطفالهم
باللعب مع سوزان وجون لأنهما كانا طفلين شريرين حقا ، وكان هناك لغط يدور على ألسنة سكان الحي
فيما يتعلق بنسبهما وأصلهما ، فالجيران لم يروا أبدا زوج السيدة باكلي ، كانت قد سكنت الحي
قبل عدة سنوات ، وحين كان الناس يسألونها عن زوجها كانت تخبرهم بأنه كان جنديا قتل في أوربا
خلال الحرب العالمية الأولى . لكن بعض سكان الحي لم يصدقوا هذه القصة ، وسرت إشاعة
مفادها أن زوج السيدة باكلي كان سفاحا خطيرا أقدم على قتل الكثير من الأبرياء والتمثيل بجثثهم
، وقد تم إلقاء القبض عليه متلبسا بإحدى جرائمه المروعة فقام السكان الغاضبون بشنقه على أقرب
شجرة ، مما دفع زوجته السيدة باكلي إلى الهرب مع طفليها خوفا من انتقام الناس .
لا أحد يعلم على وجه اليقين صحة هذه الإشاعة ، لكن الكثيرين رأوا فيها تفسيرا لغرابة أطوار
سوزان وجون ، باعتبار أن دماء القتل والإجرام تجري في عروقهما .
وفي ذات يوم من شهر تشرين الثاني / أكتوبر عام 1919 اجتمعت سوزان وشقيقها جون مع أطفال
الحي ممن يعيشون في المنازل المجاورة ليقرروا نوع التقليعة التي سيتميزون بها خلال عيد
الهالوين القادم . إذ جرت العادة كل عام أن يرتدوا زيا مرعبا موحدا ثم يدوروا خلال ليلة الهالوين
على أبواب الحي ليجمعوا ما يجود به عليهم الجيران من حلويات ومكسرات . وجرى الاتفاق
في ذلك العام على أن يتقمصوا شخصية السفاح فيحمل كل منهم فأسا ورأسا مقطوعا هو عبارة عن رأس دمية .
لكن سوزان وجون صمما على أن يكونا الأكثر تميزا من بين جميع أطفال الحي في تقمصهما لشخصية
السفاح ، ولهذا قررا بأن يستعيضا عن رأس الدمية برأس إنسان حقيقي ، وهذا الإنسان لم يكن سوى
أمهما المسكينة ! .
أخيرا حين حلت ليلة الهاولين واجتمع الأطفال وهم يرفلون بأزيائهم المبهرجة والمخيفة ، لم يكن
أيا من سوزان وجون بين الحاضرين ، وهو ما أثار تعجب الجميع لأنهما كانا الأكثر حماسا للمناسبة .
ولهذا ذهب الأطفال ليسألوا عنهما ، طرقوا باب منزل السيدة باكلي كثيرا ، لكن من دون أن
يحصلوا على رد ، فقرروا أن يدوروا حول المنزل ويدخلوا عبر الحديقة الخلفية .. وليتهم لم يفعلوا
.. ففي الحديقة الخلفية كانت تنتظرهم مفاجئة رهيبة جعلت الدم يتجمد في عروقهم ، فالسيدة
باكلي كانت تجلس بهدوء على كرسي في الحديقة وهي مقطوعة الرأس ! .. شخص ما نحرها كالخروف وطار برأسها .

 

وسرعان ما أرتفع صراخ الأطفال بعد مشاهدتهم لهذا المنظر المرعب ففروا إلى منازلهم وهم
ينشجون بالبكاء ، وركض أبائهم إلى حديقة السيدة باكلي ليتأكدوا من حقيقة ما يرويه
أطفالهم ، ولشدة دهشتهم كانت السيدة باكلي تجلس فعلا على كرسي في حديقتها وهي منحورة
من الوريد إلى الوريد ، ولقد عثروا في حضنها على صورة فوتوغرافية لا أحد يعلم من ألتقطها ، تظهر
فيها سوزان وهي تقف بجوار جثة أمها وهي تحمل بيدها فأسا فيما يقف شقيقها جون على الجانب
الآخر وهو يحمل رأس أمه .
كان الأمر واضحا ، لقد قاما بقتل أمهما من اجل أن يتميزا على بقية الأطفال في ليلة عيد الهالوين ! ..
ثم هربا إلى جهة مجهولة .لقد شكلت هذه الجريمة المروعة صدمة كبيرة للناس في ذلك الزمان
ودارت حولها الكثير من التساؤلات ؟ ..
كيف قاما بذبح أمهما ؟ .. من التقط لهما الصورة الفوتوغرافية ؟ .. أين هربا وما هو مصيرهما ؟ ..
كل هذه الأسئلة ظلت من دون إجابة حتى يومنا هذا ، فالشرطة لم تعثر عليهما أبدا ..

 

لكن القصة لا تنتهي هنا .. فبعد مرور سنوات طويلة على تلك الحادثة الأليمة انتشرت إشاعة
بين الناس مفادها أن سوزان وجون قتلا على يد الهنود الحمر بينما كانا هاربين من الشرطة ، وأن
أرواحهما الشريرة مازالت تدور بين البلدات والمدن على نفس الهيئة المخيفة التي ظهرا فيها بالصورة
، سوزان تحمل الفأس وجون يحمل الرأس ، وهما يبحثان عن أولئك الذين قادهم حظهم العاثر
لمشاهدة الصورة فيقوما بقتله ويستلا روحه من بدنه خلال نومه .
وبحسب محركات البحث فأن الكثيرين ممن شاهدوا الصورة تم العثور عليهم ميتين في
فراشهم بعد ذلك بأيام قليلة ..

اترك رد

آخر الأخبار