العاصمة

الصلاة نوى لمن حافظ عليها

0

اسلام محمد

نقف في هذا اليوم مع فريضة من فرائض الله، مفروضة على كل مسلم؛ غنيٍ أو فقير، صحيحٍ أو

مريض، ذكرٍ أو أنثى، مقيمٍ أو مسافر، في أمنٍ أو في خوف.
الصلاة التي جعلها الله تعالى أحد أركان الإسلام الخمسة بل أعظم الأركان الركن الثاني حَيْثُ قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ اهـ

وَعَدَّ مِنْها شَهادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وأَنَّ محمَّدًا رَسُولُ اللهِ ثُمَّ إِقامِ الصَّلاةِ فَجاءَتِ الصَّلاةُ في الْمَرْتَبَةِ الثانِيَةِ بَعْدَ الشَّهادَتَيْن. وقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَيْضًا رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ وعَمُودُهُ الصَّلاةُ
والصلاة أول ما يُحاسب عليه العبد من عمله، قال عون بن عبد الله: “إن العبد إذا دخل قبره سُئِل عن صلاته

أول شيء سُئِل عنه، فإن جازت له نُظر فيما سوى ذلك من عمله، وإن لم تجز له لم ينظر في شيء من عمله بعد”.
ويدل على هذا الحديث الذي في المسند والسنن من رواية أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:

“أول ما يُحاسب به العبد من عمله يحاسب بصلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر”.
والصلاة أكثر الفروض ذكراً في القرآن، وأهل النار لما يسألون: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) [المدثر: 42].

يبدؤون الجواب بقولهم: (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)[المدثر: 43]. ولقد وصى الله تعالى الأنبياء بالصلاة فقال تعالى عن إبراهيم ولوط ويعقوب وإسحاق:

(وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ) [الأنبياء: 73].
فذكر الخيرات كلها، وأفرد الصلاة بالذكر. وأخبر عن إسماعيل بقوله تعالى: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) [مريم: 55]. وأخبر عن عيسى

أنه قال عن ربه: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) [مريم: 31]. وفي دعاء إبراهيم الخليل له

ولذريته: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا) [إبراهيم: 40]. وأمر الله بها كليمه موسى بقوله تعالى:

(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طـه: 14]. ووعد عباده الذين يقيمون الصلاة بالأجر العظيم، فقال سبحانه: (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ

وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) [الأعراف: 170]. وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بالصلاة قبل خروجه من الدنيا، وهو في سياق الموت،

فقال عليه الصلاة والسلام: “الله الله في الصلاة وما ملكت أيمانكم”.
لهذا جاء في كتاب الله تعالى الأمر بإقامتها والمحافظة عليها حيث قال تعالى ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ

والصَّلاَةِ الوُسْطَى وقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾ فمن حافظ عليها بتعلم أحكامها واداها على ما يوافق شرع الله

فقد فاز ونجا ومن ضيعها ضيعه الله وخاب وخسر جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّهُ ذَكرَ الصَّلاةَ يومًا

فقالَ من حافَظَ عليها كانت لَه نورًا وبُرهانًا ونجاةً إلى يومِ القيامةِ ومن لَم يُحافِظ عليها لم يَكن لَه نورٌ ولا

برهانٌ ولا نجاةٌ وَكانَ يومَ القيامةِ معَ فرعونَ وَهامانَ وأبَيِّ بنِ خلفٍ فكانَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ

الصَّلاةَ، ويُعظِّمُ أمْرَها، ويُوصِي بها، ويُبيِّنُ فَضلَها ومَكانَتَها العاليَةَ.
فمَن حافَظَ عليها”، يعني: أدَّاها وداوَمَ عليها، ولم يَفتُرْ عنها، “كانتْ له نورًا”، أي: إنَّ الصَّلاةَ نَفْسَها تُضيءُ لصاحِبِها في ظُلُماتِ المَوقِفِ بين يَدَيهِ، وقيل: بسَبَبِها

يَعلو النورُ وَجهَ المُؤمِنِ، وقيل: النورُ معنويٌّ؛ لأنَّها تَنهى عن الفَحشاءِ والمُنكَرِ وتَهدي إلى الصَّوابِ، فتَصُدُّ عن المَهالِكِ، وتُوصِلُ إلى طَريقِ السَّلامَةِ، كما يُستَضاءُ

بالنورِ، ويُمكِنُ حَملُ النُّورِ على جَميعِ ما سَبَقَ، “وبُرهانًا”، أي: حُجَّةً واضحةً، “ونَجاةً إلى يَومِ القيامَةِ”، يعني:

تُنجِّيهِ من العَذابِ يَومَ القيامَةِ، “ومَن لم يُحافِظْ عليها” فقصَّر في أدائِها، ولم يُداوِمْ عليها، وأهمَلَها وتَرَكَها، “لم

يكن له نورٌ، ولا بُرهانٌ، ولا نَجاةٌ، وكان يَومَ القِيامَةِ” مَحشورًا، أو مَحبوسًا، أو مُعذَّبًا “مع فِرعَونَ، وهامانَ”

وَزيرِ فِرعَونَ، “وأُبَيِّ بنِ خَلَفٍ” عَدُوِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الذي قَتَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه يَومَ

أُحُدٍ، وهو مُشرِكٌ، وفيه تَعريضٌ بأنَّ مَن حافَظَ عليها كان مع النَّبيِّينَ والصِّدِّيقينَ، والشُّهَداءِ والصَّالِحينَ.

وعنْ أَبي هُرَيْرةٍ  قَال: سمِعْتُ رسُول اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: أَرأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِباب أَحَدِكم يغْتَسِلُ مِنْه كُلَّ يَوْمٍ

خَمْس مرَّاتٍ، هلْ يبْقى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ؟ قالُوا: لا يبْقَى مِنْ درنِهِ شَيْء، قَال: فذلكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يمْحُو اللَّه بهِنَّ الخطَايا متفقٌ عَلَيْهِ.

فهذا الحديث يدل على فضل الصلوات الخمس، وأن الله جل وعلا يمحو بهن الخطايا ويكفر بهن السيئات لمن حافظ عليهن، وقد شبه النبي ﷺ قيام العبد

بالصلوات الخمس كما شبه بنهر يغتسل منه كل يوم خمس مرات قال: فإن ذلك لا يبقي من درنه -من

وسخه- شيء، فهكذا الصلوات الخمس في حق من حافظ عليها يمحو الله بهن الخطايا والسيئات، والله

يقول جل وعلا: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]، ويقول سبحانه

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:9-11] ذكر صفاتًا بدأها بالصلاة وختمها بالصلاة

وفضل الصلاة لم ينتهي انظر بان الصلاة تغسل الخطايا، وتكفر السيئات، ويرفع الله بها الدرجات

ويحط بها الخطايا. فعن ْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “تَحْتَرِقُونَ

تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلَّيْتُم الفَجْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تحارقون فَإِذَا صَلَّيْتُم الظُّهْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ

تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلَّيْتُم العَصْرَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلَّيْتُم المَغْرِبَ غَسَلَتْهَا، ثُمَّ تَحْتَرِقُونَ

تَحْتَرِقُونَ فَإِذَا صَلّيْتُم العِشَاءَ غَسَلَتْهَا ُثُمَّ تَنَامُونَ فَلا يُكْتَب عَلَيْكُمْ حَتَّى تَسْتَيْقِظُوا” (تحترقون تحترقون) أي

: بالغفلة واللهو واللعب، ونسيان ذكر الله سبحانه، وبالوقوع في الذنوب، قال: (فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر

غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء

غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا) وهذا من فضائل الصلاة، وكثير من الناس يضيع

الصلاة وينسى، فإذا بالذنوب تتراكم عليه وصغائر الذنوب تصير كبائر، وترك الصلاة كبيرة من الكبائر

ان افضل الاعمال الصلاة في وقتها عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلاةُ عَلَى

وَقْتِهَا» قَالَ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «بِرُّ الوَالِدَينِ» قَالَ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللهِ» قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ الله-

صلى الله عليه وسلم- ولَوِ اسْتَزَدْتُّهُ لَزَادَنِي. متفق عليه. فإذا كنت تتهاون في الصلاة في هذه الحياة، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الصلاة هي عمود

الإسلام، فالإسلام لا يقوم إلا على الصلاة، كما أن البيت

لا يقوم إلا على عمود يرفعه، فإذا سقط العمود سقط البيت، كذلك إذا سقطت الصلاة سقط الإسلام.

وقد تساهل كثير من الناس اليوم في شأن الصلاة،

فبعضهم يتأخر في حضوره إلى المسجد، حتى يفوته بعض الصلاة أو معظمها أو كلها. وبعضهم يتأخر عن

صلاة الجماعة، فيصلّيها وحده. وترك صلاة الجماعة معصية عظيمة، وخسارة كبيرة، فقد وصف النبي

-صلى الله عليه وسلم- المتخلفين عن صلاة الجماعة بالنفاق، فقال: “أثقل الصلاة على المنافقين: صلاة

العشاء وصلاة الفجر”. وهمَّ صلى الله عليه وسلم

بتحريق بيوتهم عليهم بالنار لولا ما فيها من النساء والذرية. وجاءه رجل أعمى يطلب منه الرخصة ليصلي في بيته؛ لأنه لا يجد قائداً يقوده إلى المسجد، ويخشى من خطر الطريق، فقال له النبي -صلى الله عليه

وسلم-: “هل تسمع النداء؟” قال: نعم، قال: “فأجب، فإني لا أجد لك رخصة
ومن الناس مَن يؤخر الصلاة عن وقتها، فلا يصلّي

الفجر إلا إذا استيقظ بعد طلوع الشمس، والله -تعالى- يقول في هؤلاء: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا

الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ) [مريم: 59 – 60]. ويقول تعالى فيهم: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)[ الماعون: 4

– 5]. وقد جاء تفسير إضاعة الصلاة والسهو عنها بأن معناهما: تأخيرها عن وقتها لا تركها بالكلية؛ لأن

اللهسمّاهم مصلّين في قوله: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ).
وتوعدهم بالويل والغي، وهما كلمة عذاب وهلاك، أو واديان في جهنم.
فاتقوا الله -عباد الله-، وحافظوا على الصلاة في أوقاتها مع الجماعة، ولا تكونوا من الذين ضيّعوا

دنياهم وأُخراهم، فكانوا من الخاسرين

اترك رد

آخر الأخبار