العاصمة

الشيخ مؤمن يسلط الضوء علي اسباب نوازل المصائب والابتلاءات

0

 

متابعة – علاء حمدي

قال فضيلة الشيخ مؤمن أمين علي _ واعظ عام مركز ديرمواس، وعضو المنظمة العالمية لخريجي الأزهر فرع المنيا حول الأمور التى تدفع النوازل المصائب والابتلاءات : بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه،. وبعد:

*بداية: علينا أن نعلم أن الله جلت قدرته يبتلي عباده بما شاء من أنواع البلاء ، قال تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) [الأنبياء: 35].

فعلى المؤمن أن يصبر ويرضى بأمر الله تعالى ، وأن يبصر الرحمة من خلال البلاء ، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: “إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط” رواه الترمذي وقال حديث حسن.

والمرء إن شاء الله مع صبره على تلك البلوى مأجور من المولى تبارك وتعالى ، فما من عبد يبتلى ببلوى أو مصيبة فيصبر عليها إلا كان ذلك خيراً له ، كما في الحديث الصحيح: “عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له”. رواه مسلم.

وعلينا_جميعا باللجوء إلى الله والتضرع إليه والتوبة الصادقة ، حيث أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالإنابة إليه والتوبة ، قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) [النور: 31].

وعلينا كذلك الإكثار من ذكر الله تعالى ، فبذكره جل وعلا تطمئن قلوب المؤمنين، قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد:28 ].

ثانيا: أن نأخذ بالأسباب التى شرعها الله لنا بحكمته ورحمته جل جلاله لرفع هذه النوازل ، ومن بعض هذه الأسباب الجميلة:-

١-(الإيمان الكامل بالله جل وعلا والإستعانة به سبحانه وتعالى).

٢-أيضا:(الدعاء) فهو سبب والأسباب مخلوقة والله عَزَّ وَجَلَّ يقول: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39] فلا يبعد أن يكون هذا من الأسباب التي تدفع البلاء وترد القضاء وتجعل صاحبها يطول عمره.
-أيضا: مَا روي أَنَّهُ قَالَ -عَلَيْهِ السلام-: ” الدعاء يرد البلاء ، والصدقة تدفع البلاء”وما رَوَى أَنَّهُ قَالَ: ” إن الدعاء والقضاء يتعالجان “.

فعلى الإنسان أن يدعو ربه كثيرًا فإن لم يجب الله له مسألته التي سأله إياها قد يدفع الله عنه ضررًا قد كتبه عليه.
ومن الأدعية التي تدفع البلاء بعد نزوله ، دعوة ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين قال -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أخبركم بشي إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من بلايا الدنيا دعا به يفرج عنه فقيل بلى فقال: دعاء ذي النون لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «دعوة ذي النون التي دعا بها في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها مسلم في كربة إلا استجاب الله له».

٣-أيضا: (الزكاة) تدفع البلاء عن المسلم ، وهي سببٌ لنُزول الغيث ونزول البركات ، فتزيد في أرزاق النّاس ، فهي خيرٌ كلُّها ، ولذلك سُمّيت زكاة.

٤-أيضا: (الصدقة) ومن فوائدها أنها ترفع البلاء والأمراض قال – صلى الله عليه وسلم -: «الصدقة تسد سبعين باباً من الشر» أخرجه الطبراني في المعجم الكبي عن رافع بن خديج.

-حديث(صدقة القليل تدفع البلاء الكثير)ليس صحيحا،لكن معناه صحيح.

-أيضا: واليسيرُ منَ البذلِ يستُر منَ النار، -يقول عليه الصلاة والسلام-: ((يا عائشة، استتِري من النار ولو بشقِّ تمرة؛ فإنها تسدّ من الجائع مسدَّها من الشبعان)) رواه أحمد.والصدقة تدفع البلاءَ ، وتقي مصارعَ السوء ، وتطفئ الخطيئة ، وتهوِّن شدائدَ الدنيا والآخرة ، ويستظلّ صاحبها فيها في المحشر حتى يقضَى بين الخلائق ، وتحفَظ المال وتنمّيه ، وتجلب الرزقَ ، وتحبِّب العبدَ إلى الله ، وتدعوه إلى سائر أعمال البرّ فلا تستعصي عليه.

والمنفِق تتيسَّر له أمور الحياة ، قال عز وجل: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10]، وفي صبيحة كلِّ يوم يدعو ملك للمنفِق مالَه، يقول النبي –صلي الله عليه وسلم-: ((ما من يومٍ يصبح العبادُ فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللّهمّ أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللّهمّ أعطِ ممسِكًا تلفًا)) متّفق عليه.

-أيضا: وللصدقة نفعٌ كبيرٌ في الدنيا والآخرة؛ فهي تدفع البلاء ، وتُيسِّر الأمور، وتجلِبُ الرزقَ ، وتُطفِئُ الذنوب كما يُطفِئُ الماءُ النار ، وهي ظلٌّ لصاحبها يوم القيامة ، والمالُ لا ينقُص بالصدقة؛ بل هو قرضٌ حسنٌ مضمونٌ عند الغني الكريم: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ [سبأ: 39]، يُضاعفُه في الدنيا بركةً ونقاءً، ويُجازيه في الآخرة نعيمًا مُقيمًا، قال – صلى الله عليه وسلم -: «ما من يومٍ يُصبِح العبادُ فيه إلا ملَكان ينزِلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ مُنفِقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسِكًا تلَفًا»؛ متفق عليه.

فتحسَّس دورَ الفقراء والمساكين ومساكن الأرامل والأيتام ، ففي ذلك تفريجُ كربةٍ لك ودفع بلاءٍ عنك ، وإشباعٌ لجائعٍ وفرحةٌ لصغير، وإعفافٌ لأسرةٍ وإغناءٌ عن السؤال، والنبي – صلى الله عليه وسلم – كان أكرمَ الناس وأجودَهم إن أنفقَ أجزلَ، وإن منحَ أغدَقَ، وإن أعطَى أعطى عطاءَ من لا يخشى الفاقَة.

٥-أيضا: (التيسير على المعسرين وإعانة المدينين) “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة” إن الصدقة تدفع البلاء وميتة السوء ، وبسببها يحفظ المرء في نفسه وولده وأهله وماله.

-أيضا: والصدقة تدفع البلاء ويشفي الله بها المريض ، ويمنع الله بها الأذى وهذه أشياء مجربة ، وقد وردت فيها الآثار ، والذي يؤمن بأن لهذا الكون إلها هو يتصرف فيه وبيده العطاء والمنع ، وهو الذي يشفي وهو يسلم ، يعلم أن هذا صحيح.

٦-أيضا: (الأذكار المشروعة) تدفع البلاء.ومن الأدعية النافعة إن شاء الله:
(لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
( حسبي الله ونعم الوكيل) ففي سنن أبى داود عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بين رجلين ، فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله تعالى يلوم على العجر ولكن عليك بالكيس ، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل.

(اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحَزن إذا شئت سهلاً) رواه ابن السني عن أنس بن مالك.وصححه الحافظ ابن حجر
(رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين).

٧-أيضا: (الساعي على الأراملِ والأيتامِ) كالقائمِ الذي لا يفتُر وكالصائم الذي لا يفطِر، فالإحسانُ لعباد الله عملٌ ينجِّي الله به صاحبِه من المكاره ، ويروَى: ((وعالجوا مرضاكم بالصَّدقة))، فهي تدفع البلاء ، وتحقِّق الخير، وتسعد الأمة إذا انتبَه أغنياؤها لفقرائها وفتَّشوا عن المحتاجين والمستحقِّين وأرباب الحاجَة الذين لا يَسألون الناس إلحافًا يحسَبهم الجاهلُ أغنياءَ من التعفُّف.والإحسانُ إليهم نجاةٌ فى الدنيا ونجاة من أهوال يوم القيامة.

٨-أيضا: (الرقى بآيات القرآن والأذكار النبوية الصحيحة) تدفع البلاء ويكشفه الله بها ، وهي من أقوى المعالجة لمن صحبه اليقين الصحيح والتوفيق الصريح.

٩-أيضا: (الصلاة) تدفع البلاء، وتشفي من السَّقم، وتبُرئ العاهات، وأنَّ التداوي بالصلاة عادة نبوية.

١٠-أيضا:أن (الطاعات تدفع البلاء وتستجلب الرحمة) ، مثل قراءة القرآن والإستغفار وقراءة القرآن الكريم والصلاة والسلام على رسول الله والتسبيح والتحميد والتهليل وغيرها ما استطاع إليها الإنسان سبيلا ، ولا شك أنه من أعظم الطاعت “العمرة” ، وقد وردت في فضلها أحاديث كثيرة ، ومن ذلك ما رواه الترمذي وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: العمرة تكفر ما بينها وبين العمرة ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

١١-أيضا: (الاستعاذة بالله تدفع البلاء الذي لم ينزل) ، فهو سبحانه الدافع للبلاء والرافع له سبحانه. يقول ابن حجر: (ولا خلاف في مشروعية الفزع إلى الله تعالى والالتجاء إليه في كل ما وقع وما يتوقع).

١٢-أيضا: (الحوقلة من الأذكار التي تدفع البلاء) والمؤمن يؤمن بأنه لا يحدث شيء إلا بمشيئته – سبحانه وتعالى- وليس لنا حول ولا قوة إلا بالله تعالى فهو ربنا المدبر لكل شيء قد أخبر المصطفى-صلى الله عليه وسلم- عن فضلها «وأنها كنز من كنوز الجنة» ؛ لأن فيها معنى التفويض الكامل والاستسلام لله رب العالمين، وأنه لا يكون شيء إلا بإرادته ومشيئته، والحوقلة قائلها يتبرأ من الحول والقوة إلا بالله ، ولا يقولها الإنسان لدفع عينه الصادرة عن العَجَب ، بل يدفع عن نفسه العُجب الذي هو الزهو والتكبر والفخر المسبب لهلاك نفسه ، وما يملك بإذن الله ، فأنت أيها العبد وما تملك تحت مشيئة الله عز وجل وحوله وقوته.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أعلمك ،أو قال ألا أدلك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنة تقول لا حول ولا قوة إلا بالله فيقول الله عز وجل أسلم عبدي واستسلم» وعند أحمد زيادة: «ولا ملجأ من الله إلا إليه» و (قال العلماء سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى واعتراف بالإذعان له وأنه لا صانع غيره ولا راد لأمره وأن العبد لا يملك شيئا من الأمر) وقال ابن حجر: (فإذا قال المسلم ما شاء الله لا قوة إلا بالله ذهب عُجْبه وتيهه وتكبره وغروره وزهوه بنفسه.

١٣-وأخيرا: (مدارسة أحاديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم-)ترفع البلاء لقول إبراهيم بن أدهم –رحمه الله-:إن الله يرفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث.
والحمد لله رب العالمين.

اترك رد

آخر الأخبار