العاصمة

الحوكمة وريادة الأعمال لدكتور عادل عامر

0

متابعة على صبرى

تزايدت أهمية الحوكمة نتيجة لاتجاه كثير من دول العالم إلى التحول إلى النظم الاقتصادية الرأسمالية التي يعتمد فيها بدرجة كبيرة على الشركات الخاصة لتحقيق معدلات مرتفعة ومتواصلة من النمو الاقتصادي. وقد أدى اتساع حجم تلك المشروعات إلى انفصال الملكية عن الإدارة، وشرعت تلك المشروعات في البحث عن مصادر للتمويل أقل تكلفة من المصادر المصرفية،

فاتجهت إلى أسواق المال. وساعد على ذلك ما شهده العالم من تحرير للأسواق المالية، فتزايدت انتقالات رؤوس الأموال عبر الحدود بشكل غير مسبوق، ودفع اتساع حجم الشركات وانفصال الملكية عن الإدارة إلى ضعف آليات الرقابة على تصرفات المديرين، وإلى وقوع كثير من الشركات في أزمات مالية. ومن أبرزها دول جنوب شرق آسيا في أواخر التسعينات، ثم توالت بعد ذلك الأزمات، ولعل من أبرزها أزمة شركتي أنرون وورلد كوم في الولايات المتحدة في عام 2001. وقد دفع ذلك العالم للاهتمام بالحوكمة.

وعلى ذلك، تهدف قواعد وضوابط الحوكمة إلى تحقيق الشفافية والعدالة، ومنح حق مساءلة إدارة الشركة، وبالتالي تحقيق الحماية للمساهمين وحملة الوثائق جميعا، مع مراعاة مصالح العمل والعمال، والحد من استغلال السلطة في غير المصلحة العامة، بما يؤدى إلى تنمية الاستثمار وتشجيع تدفقه، وتنمية المدخرات،

وقد ظهرت الحاجة إلى الحوكمة في العديد من الاقتصاديات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخرا من انهيارات مالية ومحاسبية خلال عام 2002.

وتعظيم الربحية، وإتاحة فرص عمل جديدة. كما أن هذه القواعد تؤكد على أهمية الالتزام بأحكام القانون، والعمل على ضمان مراجعة الأداء المالي، ووجود هياكل إدارية تمكن من محاسبة الإدارة أمام المساهمين، مع تكوين لجنة مراجعة من غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذية تكون لها مهام واختصاصات وصلاحيات عديدة لتحقيق رقابة مستقلة على التنفيذ.

وقد أكدت العديد من الدراسات على أهمية الالتزام بمبادئ حوكمة الشركات وأثرها في زيادة ثقة المستثمرين في أعضاء مجالس إدارة الشركات ، وبالتالي قدرة الدول على جذب مستثمرين محليين أو أجانب ، وما يترتب على ذلك من تنمية اقتصادات تلك الدول . وصاحب ذلك قيام العديد من دول العالم والمنظمات الدولية بالاهتمام بمفهوم حوكمة الشركات ، وذلك من خلال قيام الهيئات العلمية ، والجهات التشريعية بإصدار مجموعة من اللوائح والقوانين والتقارير والقواعد التي تؤكد على أهمية التزام الشركات بتطبيق تلك المبادئ . ينصب الإشراف على التحقق مما إذا كانت الشركات المملوكة للدولة تعمل ما هو مفروض أن تعمله ويفيد في اكتشاف ومنع الفساد الإداري والمالي . أما التبصر فانه يساعد متخذي القرارات ، وذلك بتزويدهم بتقويم مستقل للبرامج والسياسات، العمليات والنتائج

الحوكمة

GOVERNANCE

تعريف الحوكمة والهدف منها

يعد مصطلح الحوكمة هو الترجمة المختصرة التي راجت للمصطلح CORPORATE GOVERNANCE ، أما الترجمة العلمية لهذا المصطلح، والتي اتفق عليها، فهي: ” أسلوب ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة “.

وقد تعددت التعريفات المقدمة لهذا المصطلح، بحيث يدل كل مصطلح عن وجهة النظر التي يتبناها مقدم هذا التعريف.

فتعرف مؤسسة التمويل الدولية IFC الحوكمة بأنها: ” هي النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات والتحكم في أعمالها “.

كما تعرفها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بأنها: ” مجموعة من العلاقات فيما بين القائمين على إدارة الشركة ومجلس الإدارة وحملة الأسهم وغيرهم من المساهمين “.

وهناك من يعرفها بأنها: ” مجموع “قواعد اللعبة” التي تستخدم لإدارة الشركة من الداخل، ولقيام مجلس الإدارة بالإشراف عليها لحماية المصالح والحقوق المالية للمساهمين “. وبمعنى أخر، فإن الحوكمة تعني النظام، أي وجود نظم تحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر في الأداء، كما تشمل مقومات تقوية المؤسسة على المدى البعيد وتحديد المسئول والمسئولية.

محددات الحوكمة

هناك اتفاق على أن التطبيق الجيد لحوكمة الشركات من عدمه يتوقف على مدى توافر ومستوى جودة مجموعتين من المحددات: المحددات الخارجية وتلك الداخلية ( انظر شكل ١ أدناه ). ونعرض فيما يلي لهاتين المجموعتين من المحددات بشيء من التفصيل كما يلي:

أ‌- المحددات الخارجية:

وتشير إلى المناخ العام للاستثمار في الدولة، والذي يشمل على سبيل المثال: القوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي ( مثل قوانين سوق المال والشركات وتنظيم المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والإفلاس )، وكفاءة القطاع المالي ( البنوك وسوق المال ) في توفير التمويل اللازم للمشروعات، ودرجة تنافسية أسواق السلع وعناصر الإنتاج، وكفاءة الأجهزة والهيئات الرقابية ( هيئة سوق المال والبورصة )

في إحكام الرقابة على الشركات، وذلك فضلا عن بعض المؤسسات ذاتية التنظيم التي تضمن عمل الأسواق بكفاءة ( ومنها على سبيل المثال الجمعيات المهنية التي تضع ميثاق شرف للعاملين في السوق، مثل المراجعين والمحاسبين والمحامين والشركات العاملة في سوق الأوراق المالية وغيرها )،

بالإضافة إلى المؤسسات الخاصة للمهن الحرة مثل مكاتب المحاماة والمراجعة والتصنيف الائتماني والاستشارات المالية والاستثمارية. وترجع أهمية المحددات الخارجية إلى أن وجودها يضمن تنفيذ القوانين والقواعد التي تضمن حسن إدارة الشركة، والتي تقلل من التعارض بين العائد الاجتماعي والعائد الخاص.

ب‌-المحددات الداخلية:

وتشير إلى القواعد والأسس التي تحدد كيفية اتخاذ القرارات وتوزيع السلطات داخل الشركة بين الجمعية العامة ومجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين، والتي يؤدى توافرها من ناحية وتطبيقها من ناحية أخرى إلى تقليل التعارض بين مصالح هذه الأطراف الثلاثة.

* المؤسسات الخاصة تشير إلى عناصر القطاع الخاص، وكيانات الادارة الذاتية، ووسائل الاعلام، والمجتمع المدني. وتلك الجهات التي تقلل من عدم توافر المعلومات، وترفع من درجة مراقبة الشركات، وتلقي الضوء على السلوك الانتهازي للإدارة.

المصدر:Iskander, M. and N. Chamlou. (2002). Corporate Governance: A Framework for Implementation. P: 122, Fig. 6.1. Published in: Globalization and Firm Competitiveness in the Middle East and North Africa Region, edited by: S. Fawzy. Washington: World Bank.

وتؤدى الحوكمة في النهاية إلى زيادة الثقة في الاقتصاد القومي، وتعميق دور سوق المال، وزيادة قدرته على تعبئة المدخرات ورفع معدلات الاستثمار، والحفاظ على حقوق الأقلية أو صغار المستثمرين. ومن ناحية أخرى، تشجع الحوكمة على نمو القطاع الخاص ودعم قدراته التنافسية، وتساعد المشروعات في الحصول على التمويل وتوليد الأرباح، وأخيرا خلق فرص عمل.

معايير الحوكمة

نظرا للاهتمام المتزايد بمفهوم الحوكمة، فقد حرصت عديد من المؤسسات على دراسة هذا المفهوم وتحليله ووضع معايير محددة لتطبيقه. ومن هذه المؤسسات: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبنك التسويات الدولية BIS ممثلا في لجنة بازل، ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي.

وفي الواقع، نجد أنه كما اختلفت التعريفات المعطاة لمفهوم الحوكمة، فقد اختلفت كذلك المعايير التي تحكم عملية الحوكمة، وذلك من منظور وجهة النظر التي حكمت كل جهة تضع مفهوما لهذه المعايير، وذلك على النحو التالي:

معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

يتم تطبيق الحوكمة وفق خمسة معايير توصلت إليها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 1999، علما بأنها قد أصدرت تعديلا لها في عام 2004. وتتمثل في:

1-ضمان وجود أساس لإطار فعال لحوكمة الشركات: يجب أن يتضمن إطار حوكمة الشركات كلا من تعزيز شفافية الأسواق وكفاءتها، كما يجب أن يكون متناسقا مع أحكام القانون، وأن يصيغ بوضوح تقسيم المسئوليات فيما بين السلطات الإشرافية والتنظيمية والتنفيذية المختلفة. 2-حفظ حقوق جميع المساهمين: وتشمل نقل ملكية الأسهم، واختيار مجلس الإدارة، والحصول على عائد في الأرباح، ومراجعة القوائم المالية، وحق المساهمين في المشاركة الفعالة في اجتماعات الجمعية العامة.

3-المعاملة المتساوية بين جميع المساهمين: وتعنى المساواة بين حملة الأسهم داخل كل فئة، وحقهم في الدفاع عن حقوقهم القانونية، والتصويت في الجمعية العامة على القرارات الأساسية، وكذلك حمايتهم من أي عمليات استحواذ أو دمج مشكوك فيها، أو من الاتجار في المعلومات الداخلية، وكذلك حقهم في الاطلاع على كافة المعاملات مع أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين التنفيذيين.

4-دور أصحاب المصالح في أساليب ممارسة سلطات الإدارة بالشركة: وتشمل احترام حقوقهم القانونية، والتعويض عن أي انتهاك لتلك الحقوق، وكذلك آليات مشاركتهم الفعالة في الرقابة على الشركة، وحصولهم على المعلومات المطلوبة. ويقصد بأصحاب المصالح البنوك والعاملين وحملة السندات والموردين والعملاء.

5-الإفصاح والشفافية: وتتناول الإفصاح عن المعلومات الهامة ودور مراقب الحسابات، والإفصاح عن ملكية النسبة العظمى من الأسهم، والإفصاح المتعلق بأعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين. ويتم الإفصاح عن كل تلك المعلومات بطريقة عادلة بين جميع المساهمين وأصحاب المصالح في الوقت المناسب ودون تأخير.

6-مسئوليات مجلس الإدارة: وتشمل هيكل مجلس الإدارة وواجباته القانونية، وكيفية اختيار أعضائه ومهامه الأساسية، ودوره في الإشراف على الإدارة التنفيذية.

معايير لجنة بازل للرقابة المصرفية العالمية ( Basel Committee )

وضعت لجنة بازل في العام 1999 إرشادات خاصة بالحوكمة في المؤسسات المصرفية والمالية، وهي تركز على النقاط التالية:

1- قيم الشركة ومواثيق الشرف للتصرفات السليمة وغيرها من المعايير للتصرفات الجيدة والنظم التي يتحقق باستخدامها تطبيق هذه المعايير.

2-استراتيجية للشركة معدة جيدا، والتي بموجبها يمكن قياس نجاحها الكلي ومساهمة الأفراد في ذلك.

3-التوزيع السليم للمسئوليات ومراكز اتخاذ القرار متضمنا تسلسلا وظيفيا للموافقات المطلوبة من الأفراد للمجلس.

4-وضع آلية للتعاون الفعال بين مجلس الإدارة ومدققي الحسابات والإدارة العليا.

5-توافر نظام ضبط داخلي قوي يتضمن مهام التدقيق الداخلي والخارجي وإدارة مستقلة للمخاطر عن خطوط العمل مع مراعاة تناسب السلطات مع المسئوليات ( Checks & Balances ).

6-مراقبة خاصة لمراكز المخاطر في المواقع التي يتصاعد فيها تضارب المصالح، بما في ذلك علاقات العمل مع المقترضين المرتبطين بالمصرف وكبار المساهمين والإدارة العليا، أو متخذي القرارات الرئيسية في المؤسسة.

7-الحوافز المالية والإدارية للإدارة العليا التي تحقق العمل بطريقة سليمة، وأيضا بالنسبة للمديرين أو الموظفين سواء كانت في شكل تعويضات أو ترقيات أو عناصر أخرى.

8-تدفق المعلومات بشكل مناسب داخليا أو إلى الخارج.

معايير مؤسسة التمويل الدولية

وضعت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي في عام 2003 موجهات وقواعد ومعايير عامة تراها أساسية لدعم الحوكمة في المؤسسات على تنوعها، سواء كانت مالية أو غير مالية، وذلك على مستويات أربعة كالتالي:

1- الممارسات المقبولة للحكم الجيد

2- خطوات إضافية لضمان الحكم الجيد الجديد

3- إسهامات أساسية لتحسين الحكم الجيد محليا

4- القيادة

الحوكمة في مصر

بدأ الاهتمام بالحوكمة في مصر عام 2001 بمبادرة من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية آنذاك ( وزارة التجارة حاليا )، حيث وجدت الوزارة أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته مصر منذ أوائل التسعينات لا يكتمل إلا بوضع إطار تنظيمي ورقابي يحكم عمل القطاع الخاص في ظل السوق الحر. وبالفعل تم دراسة وتقييم مدى التزام مصر بالقواعد والمعايير الدولية لحوكمة الشركات.

وأعد البنك الدولي، بالتعاون مع وزارة التجارة الخارجية وهيئة سوق المال وبورصة الأوراق المالية، بالإضافة إلى عدد من المراكز البحثية وشركات المحاسبة والمراجعة والمهتمين من الاقتصاديين والقانونيين، أول تقرير لتقييم حوكمة الشركات في مصر. وكان من أهم نتائج التقييم:

1-أن القواعد المنظمة لإدارة الشركات، والمطبقة في مصر، تتمشى مع المبادئ الدولية في سياق 39 مبدأ من إجمالي 48 مبدأ. حيث تنص القوانين الحاكمة للشركات ولصناعة الأوراق المالية على ذات المبادئ، كما أن تطبيقاتها تتم بصورة كاملة مع المعايير الدالة على حسن الأداء.

ومن أهم القوانين في هذا الصدد: قانون الشركات 159 لسنة 1981، وقانون قطاع الأعمال العام 2.3 لسنة 1991، وقانون سوق رأس المال 95 لسنة 1992، وقانون الاستثمار 8 لسنة 1997، وقانون التسوية والإيداع والحفظ المركزي 93 لسنة 2000.

2-لا يتم تطبيق بعض المبادئ الواردة في القوانين الحاكمة الحالية في السوق المصرية بشكل عملي، وقد يرجع هذا إلى ضعف وعى المساهمين أو إدارات الشركات بتلك المعايير، ومن ثم لا تتماشى هذه القواعد عمليا مع المبادئ الدولية في سياق 7 مبادئ من إجمالي الـ 48 مبدأ، وهناك اثنان من المبادئ لا تطبق نهائيا في السوق المصرية.

وتشير المعايير التي منحها التقرير لحوكمة الشركات في مصر إلى وجود العديد من الممارسات الإيجابية، ولكن من ناحية أخرى فهناك عدد من البنود التي تحتاج إلى تطوير لدرء بعض الممارسات السلبية. بالنسبة للممارسات الإيجابية في مصر،

نجد أن القانون يكفل الحقوق الأساسية لحملة الأسهم، كالمشاركة في توزيع الأرباح، والتصويت في الجمعيات العمومية، والاطلاع على المعلومات الخاصة بالشركة.

ويحمى القانون المصري حقوق أصحاب المصالح من حملة السندات والمقرضين والعمال، كما أن معايير المحاسبة والمراجعة المصرية تتسق مع المعايير الدولية.

أما الممارسات السلبية فهي ترتبط بالإفصاح عما يتعلق بالملكية والإدارة، ومنها الإفصاح عن هياكل الملكية الصريحة والمستترة أو المتداخلة، ومكافآت مجلس الإدارة، والإفصاح عن المعلومات المالية وغير المالية ( مثل عوامل المخاطر المحتملة ).

كذلك يجب تدعيم ممارسات المحاسبة والمراجعة السليمة. ومن الأمور الهامة تطوير ممارسات مجالس الإدارة بالشركات، وتدعيم وتشجيع ممارسة حملة الأسهم لحقوقهم المكفولة. وتعد مصر أول دولة في منطقة الشرق الأوسط التي تهتم بتطبيق مبادئ الحوكمة، ويؤدى تطبيق الحوكمة إلى تحقيق الشفافية، مما يساعد على جذب استثمارات جديدة سواء كانت محلية أو أجنبية، كما يؤدى إلى تراجع الفساد.

ونشير إلى أنه عندما بدأ الحديث عن الحوكمة في مصر، لم يكن على مستوى الشركات، وإنما بدأ في المجتمع المدني. وكان الحديث عن كيف يمكن للدولة أن تدير النشاط الاقتصادي إدارة رشيدة في ضوء المتغيرات والأحداث،

ضافة إلى ضرورة استكمال الإطار القانوني الذي يضمن التطبيق السليم للحوكمة، ومنها إصدار قانون سوق المال المعدل، وقانون الشركات الموحد، وقانون مزاولة مهنة المحاسبة والمراجعة، وقانون الإفلاس.

وفى النهاية نشير إلى أن دور الحوكمة لا يقتصر على وضع القواعد ومراقبة تنفيذها أو تطبيقها، ولكن يمتد ليشمل أيضا توفير البيئة اللازمة لدعم مصداقيتها، وهذا لا يتحقق إلا بالتعاون بين كل من الحكومة والسلطة الرقابية والقطاع الخاص والفاعلين الآخرين بما فيهم الجمهور.

أولا: الحوكمة في الجهاز المصرفي

تعنى الحوكمة في الجهاز المصرفي: مراقبة الأداء من قبل مجلس الإدارة والإدارة العليا للبنك، وحماية حقوق حملة الأسهم والمودعين، بالإضافة إلى الاهتمام بعلاقة هؤلاء بالفاعلين الخارجيين، والتي تتحدد من خلال الإطار التنظيمي وسلطات الهيئة الرقابية. وتنطبق الحوكمة في الجهاز المصرفي على البنوك العامة والبنوك الخاصة والمشتركة.

وتتمثل أهم العناصر الأساسية في عملية الحوكمة في مجموعتين:

oتمثل المجموعة الأولى الفاعلين الداخليين، وهم حملة الأسهم ومجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والمراقبون والمراجعون الداخليون.

oأما المجموعة الثانية فتتمثل في الفاعلين الخارجيين، المتمثلين في المودعين، وصندوق تأمين الودائع، ووسائل الإعلام، وشركات التصنيف والتقييم الائتماني، بالإضافة إلى الإطار القانوني التنظيمي والرقابي.

وترتكز الحوكمة – كما سبق القول – على عناصر أساسية لابد من توافرها حتى يكتمل إحكام الرقابة الفعالة على أداء البنوك، تتلخص في الشفافية، وتوافر المعلومات، وتطبيق المعايير المحاسبية الدولية، والنهوض بمستوى الكفاءات البشرية من خلال التدريب.

ولا يرتبط نجاح الحوكمة في الجهاز المصرفي فقط بوضع القواعد الرقابية، ولكن أيضا بأهمية تطبيقها بشكل سليم، وهذا يعتمد على البنك المركزي ورقابته من جهة، وعلى البنك المعني وإدارته من الجهة الأخرى.

ويجب أن تكون إدارة البنك مقتنعة بأهمية مثل هذه القواعد والضوابط، مما يساعد على تنفيذها. وهذا ما يكشف عن دور كل من مجلس الإدارة بقسميه التنفيذي وغير التنفيذي، ولجان المتابعة التي توفر له البيانات اللازمة عن أداء البنك، وإدارات التفتيش داخل الجهاز المصرفي التي تعرض تقاريرها على مجلس الإدارة والمساهمين، الذين يجب أن يقوموا بدورهم في الرقابة على أداء البنك، إلى جانب المساهمة في توفير رؤوس الأموال في حالة حاجة البنك إليها.

والممارسة السليمة للحوكمة تؤدى عامة إلى دعم وسلامة الجهاز المصرفي، وذلك من خلال المعايير التي وضعتها ” لجنة بازل ” للرقابة على البنوك وتنظيم ومراقبة الصناعة المصرفية، والتي من أهمها:

• الإعلان عن الأهداف الإستراتيجية للجهاز المصرفي وللبنك وتحديد مسئوليات الإدارة.

• التأكد من كفاءة أعضاء مجلس الإدارة وإدراكهم الكامل لمفهوم الحوكمة، وعدم وجود أخطاء مقصودة من قبل الإدارة العليا.

• ضمان فاعلية دور المراقبين وإدراكهم لأهمية دورهم الرقابي.

• ضرورة توفر الشفافية والإفصاح في كافة أعمال وأنشطة البنك والإدارة.

ونشير إلى أن البنك المركزي المصري قد قام باتخاذ عدد من الإجراءات في ضوء القواعد الأساسية التي أقرتها لجنة بازل. ويتضمن الإطار القانوني والتنظيمي والرقابي لعمل البنك المركزي المصري وضع قواعد للرقابة الحذرة على عمل البنوك،

تشمل: تحديد حجم ومجال نشاط كل بنك ونسبتي السيولة والاحتياطي، ومراقبة تطبيق معيار كفاية رأس المال، وقد قرر البنك المركزي المصري زيادة هذه النسبة من 8% إلى 10%، وطالب البنوك بالالتزام بها.

وفى هذا السياق اهتم البنك المركزي المصري بأسلوب تصنيف الأصول، وتحديد المخصصات المناسبة لكل فئة منها، حيث إن السلامة المصرفية تتحقق عندما يتم التصنيف بشكل سليم. كما اهتم بمعيار تركز القروض لعميل واحد أو بعملة واحدة، وذلك حماية للبنك من التقلبات التي يمكن أن تحدث في أي من هذه الفئات.

كذلك اهتم بالإقراض للأطراف المرتبطة والأطراف ذات الصلة، والتي يمكن أن تسبب أزمات للجهاز المصرفي. وفى هذا المجال أصدر البنك المركزي المصري في نوفمبر 2..2 قرارا يقضى بضرورة التعامل مع هذا النوع من الإقراض بحذر شديد. ويتطلب نجاح الحوكمة في الجهاز المصرفي وجود نوع من العقاب في حالة الخطأ ووجود آلية لتصحيح الأخطاء.


الدكتور عادل عامر

دكتور القانون العام

محكم دولي معتمد

وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

01118984318

01555926548

01024975371

01277691834

اترك رد

اشتراك

آخر الأخبار