العاصمة

الجديد القادم ( أدم )إيمان العادلى

0
إيمان العادلى
آدم: (آدم) لفظٌ عربيٌ قديم وهو يعني (الجديد القادم) ليكون بديلاً عن القديم البائد اللهُ سبحانه وتعالى
هو الذي أطلق هذا (الاسم) ولأول مرة على (الإنسان الكائن) الذي جَعَلَهُ
الله سبحانه وتعالى في الأرض (خليفة) قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {30} ﴾ ومعنى خليفة في المعاجم العربية أي (الكائن الجديد) الذي يخلف (البائد القديم) يخلفه بكل معنى الكلمة بأوضاعٍ جديدة مختلفة
قفد كانت الكائنات ما قبل آدم غير عاقلة وآدم كائن عاقل فــ (آدم) أيضاً اسمٌ ليس له من قبل سمياً لكنَّ الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يُخاطب الناس بألفاظٍ لا يعلمون دلالاتها
ولا معناها لذلك فإنَّ من المؤكد أن الناس في الماض في العصور الغابرة كانوا يعلمون بأعماقهم ولا شك معنى (آدم) دلالاتها ومعناها فــ (آدم) = (أ أ م)= (قادم)
و(الألف) في البداية في الألفاظ العربية دائماً تعني الأسبق أو (السباق الأول) إلى الحق والخير وأصل اللفظ: (أ أ د م) والألف الأولى هي (قاف) مثل لفظ (آرمة) وأصله أو
أساسه (قارم) ولفظ (كاسم) و (آسم) وأصله (قاسم) وكل اسمٍ أساسه الواقعة التي حدثت قُبيل ولادته، فهو تعبيرٌ عنها واساس أو سبب تسمية أو اطلاق (لفظ آدم) على
الإنسان الأول، هو القرار الإلهي في إحلال كائن جديد بمواصفاتٍ جديدة (عاقل) ليكون (خليفةً) محل الكائنات القديمة التي كانت غير عاقلة موكلاً له أمر الخلافة على الأرض
و(الخليفة) تعني الكائن الجديد الذي يعقب الكائنات القديمة وله دور ومهمة مختلفة
وحرف (القاف) من أحرف (القوة ) وهو صوتٌ قويٌ حاد مفتوح على المدى يوحي بالنهوض غير المحدود والقطع والنقل والمبادرة وهو حرف تحقيق وهو للانفصال والتوحد!
وللتفرد والتفرع والذهاب بكل شيء والنفي القطعي و(القول في العربية هو عين الفعل وكل فعل هو قولٌ وأحياناً يكون فيها عمل الكاف ولكن بقوة وإيجابية كذلك يستعاض
عنها بالجيم أحياناً أخرى فحرف (القاف) موجودٌ دائماً في أفعال القوة والشدة والتحديد والوقوف الأساسي العميق و(ليلة القدر) هي: أقدارٌ ومقادير.. إنها العظمة والحضور
والتبدي والإيجاد المادي والمعنوي الذي يحدث ويحضَّر ويعد باستمرار في عالم الغيب دون أن يدري به الغافلون من الناس ولفظة (الليل) دلالة على الخفاء وكانت (الواو) حرف
القوة المطلقة والله أعلم كذلك قوله تعالى: (ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْکَافِرُونَ هٰذَا شَيْ‌ءٌ عَجِيبٌ‌ (2) [﴿ق‏، 2﴾] ومثاله أيضاً قال تعالى: ﴿ إِنَّا
نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذٰلِکَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً (11)﴾ [الإنسان:10]، (قمطريرا): فإنّ إضافة (القاف) إلى أول اللفظ يُفيد الإيحاء
بالقوة غير المحدودة لانهمار المطر والذي كان مستمراً ومدمراً ومحيطاً بالكافرين لا ينقطع وذلك بدلالة إضافة الياء يوماً عبوساً قمطريراً، قال تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ
الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَکَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَکُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِکْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ
عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْ‌ءٍ نُکُرٍ (6)﴾ القمر ويعتقد أن (الألف) من الإيلاف وهو المستقيم وهو أساس الأحرف كلها والأحرف كلها أساسها (ألف) ومع التأكيد على أن معاني
الحروف العربية ودلالاتها إذا كانت في بداية اللفظ غيرها في نهاية اللفظ، وهي غيرها إذا كانت في الوسط كذلك فإن الحركات الظاهرة والمقدَّرة تؤثرُ في منحى معنى الحرف
العربي وتعطف مساره عطفاً نوعياً والله أعلم وهو يشير إلى المبدأ والمصدر والمدلول العام معاً فكل لفظٍ يُرادُ به القول بأنه المبدأ والمصدر والمدلول العام معاً يبدأ بالألف
فكل لفظٍ يراد به القول بأنه مبدأ أو مصدر أو أساس أو مدلولاً عاماً فإنه تدخل فيه (الألف) مثل: لفظ الجلالة (الله) وأبٌ وأمٌ وأخٌ( ) وأباريق (من البريق) وإبليس وهو (مبدأ الشرور)
في العالم وأخت وأتقاكم واتخذ وأرائك وأمة من (الأم) وهي الأساس والموئل والأمة المثال والنموذج والإلهام من الله تعالى وهو ما يُعرَضُ على الإنسان من الخارج أو ما يراه
وما يسمعهُ وما يُحِسُّهُ وما يُفكر به كل ذلك بخيره وشره يُعتبر إلهاماً قال تعالى ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا (9) وَ قَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا
(10)﴾ [الشمس] وموضوع الفرق بين الوحي والإلهام فالوحي من الله ويأتي من داخل الإنسان في اتجاهٍ محدد لاخيار فيه جامعاً مانعاً دافعاً ليس للإنسان خيارٌ في فعلهِ أو عدم
فعله بل لابد من فعله فقد أوحى الله تعالى إلى أم موسى وأوحى لعبده ما أوحى بينما الإلهامُ يختار الإنسان من مادتهِ ما يُناسبث شاكلتهُ من الفجور أو التقوى.
و(الألف) في الألوان (أبيض وأسود) إنما هي مضافةٌ أو زائدة من الأمام وهي للتفضيل والتعميق والتخصيص والذكورة وتقابلها الألف اللاحقة (بيضاء وسوداء وحمراء وخضراء
وزرقاء وصفراء سمراء حولاء حمقاء عيناء) وهي علامة التأنيث والعموميّة والارتباط والتلازم والاستمرارية (الإطلاق) والفوقيّة وكذلك قولهم عيناء وحسناء وجيداء وكحلاء هذا وقد
اتخذت هذه الصيغة تاريخياً (الألف كلاحقة) وضعاً مقدساً أو صارت لدى الشعوب القديمة دلالةً على قداسة الاسماء وإنّ أصل لفظة (داريّا) هو (داريّاء) و(اشبيليا) هو (اشبيلياء)
و(طبريّا) هو (طبريّاء) و(سوريا) هي (سورياء) وهي (صورياء) نسبة إلى إمبراطورية (صور) التي قامت في التاريخ القديم وامتدت إلى البحرين وشملت بلاد الشام وغيرها،
ولفظة (جلاء) تعبيرٌ يفيد اللاعودة والإطلاق إضافة إلى عمومية في الزوال أو الإزالة المكانية والله أعلم.
و(الواحد) هو (الأول) وهو (الأحد) و(آدم) هو أول من دب على الأرض وجال فيها وأكل منها هو وزوجه، وآل وآلاء وآية وأمن وأول وابن كلها دلالة على (الألف) الأولوية والبدء
والألف في (لا الناهية ولا النافية) لها دور بارز وهو الحسم والوقف والمنع القوي من جهةٍ أعلى للفعل وللعمل الذي تمثله اللام والله أعلم. ولفظ(أوَّاهْ) أي عائدٌ إلى الله بقوة
عائدية وفالق (الإصباح): أي مُحدث الانقلاب والتغيير من حالٍ إلى حال النقيض إنها قلب الشيء الثابت إلى نقيضه ولفظ (أرض) المفترض أنه دلالة على البدء الرحب والمنشأ
والتكوين والتشكل التام وأنه كانت فيها البداية (الألف مقدمة) بينما لفظ (سماء) فدلالة على نهاية الاتجاه أو نهاية المسار وهي فيها النتيجة والمآل وإليها المسير والمصير وأنَّ
فيها النهاية (الألف لاحقة)
بينما (الدال) من الحروف المادية المحددة أو المتمركزة في أو ضمن محيط معين ومن خواصه التحديد والإحاطة المادية للكتل والأوزان والمساحات كالبدر والدائرة والديرة والدم
والدف ودجلة والدحي والدخان والدثِار والدبيب والدرب والدس ودعامة والدف والدك والدلو والدل والدن والدود إلى آخره وهو شديد القرابة مع أحرف التاء والطاء والضاد وهو عند

 

البعض يدل على الدفع الشديد وتوقف أو يدل على النهايات قال تعالى: ﴿ أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ‌ءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ دَاخِرُونَ‌ (48)﴾
[النحل:48]، ﴿ قُلْ نَعَمْ وَ أَنْتُمْ دَاخِرُونَ‌ (18)﴾ [الصافات:18] (داخرون) من الادخار والاحتفاظ وهي تعني مستوى عالياً رفيع من الادخار والاحتفاظ محاط بالعناية لحين الطلب وفي
المعجم أنّ الدفق: المطر الشديد الواسع الكثير العميم وتدفق أسرع وسيرٌ أدفق أي سريع ودفق انصبّ وتفيد الانصباب وتدفق الماء إذا زاد في الكوز أو في الينبوع وانساح في
الأنهار والسواقي ودفقت كفاه الندى أي صباه في شدةٍ وكثرة، وحرف (الدال)( ): من الحروف الماديّة المُحَدِّدَةُ والمُمَرْكِزَةُ أو تُوَقِّع أو تضعُ المعنى ضمن محيطٍ معيَّن ومن خواصه
التحديد والإحاطة الماديّة الخارجيَّة للكتل والأوزان والمساحات كالبدر والدائرة والديرة والدم والدف ودجلة والدخان والدثار والدرب وغيره وحرف (الدال) شديد القرابة مع أحرف
الضاد والطاء والتاء، وهو عند البعض يدل على الدفع الشديد والتوقف أو يدل على النهايات ولكنَّ قيمة الحرف ودلالته تكون بحسب مكانه من اللفظ والله أعلم
و(حرف الميم) تأتي أحياناً بدلاً من أربعة أحرف وهي الواو والنون والباء واللام والأصل أنها تختص باسم الله سبحانه وتعالى وهي من (أيمن) ولم تستعمل في المطالع لغير
اسم الله سبحانه وتعالى إلا شذوذاً؛ مع التأكيد على أن معاني الحروف العربية ودلالاتها إذا كانت في بداية اللفظ غيرها في نهاية اللفظ وهي غيرها إذا كانت في الوسط كذلك
فإنّ الحركات الظاهرة والمقدرة تؤثر في منحى معنى الحرف العربي وتعطف مساره عطفاً نوعياً والله أعلم، وكل شيء قادم من عالم الغيب (من السماء) فحرف الميم دلالة
عليه، مثل الوحي والتنزيل والكتاب وآيات الله والأحكام الربانية، فكل شيء قادم من عالم الغيب حرف لميم دلالة عليه إنه دلالة على المصادر العليا، بما فيها لفظة (الملح)؛ وهو
من البعيد إلى القريب ومن الأعلى إلى الأدنى و (محمد) بالتحليل: (م+ حمد) تعني الأمر الإلهي والله أعلم، و(حرف الميم):يفيد بسداد الأمر وإكمال النقص وتمامه و(من) و(ما)
و(متى) و(من) أدوات الشرط، وايان وأنّا وحيثما وكيفما وأيُّ، قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَکَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَکُمْ أَيُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً
وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّکُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ کَفَرُوا إِنْ هٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ‌ (7)﴾ [هود]، (العرش): السلطة والحكم، (على الماء): العدالة المطلقة، لأنَّ (من خواص الماء
الاستواء المطلق)، وهو الميزان للتسوية المطلقة وهذا يدل ويفيد أن عدالة الله سبحانه وتعالى
المطلقة هي التي تحققت في الكون، في حدوده وفروضه والقوانين والعلاقات التي تتحكم في هذا الوجود والعوالم كلها واللهُ أعلم.
(بشراً من طين) أي أجسام من طين ؟! والخطاب هنا قبل التسوية : قال تعالى (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي)
أي مما عندي ومما لدي من القوى … (فقعوا له ساجدين) أي كونوا في خدمته وأطيعوا أمره.
(لأملأن جهنم منك) ← إبليس له ذراري وأتباع من الإنس والجن . كل ما يجري لأجل مسمى دون توقف إلى يوم القيامة خلقكم من نفس واحدة أي خلقكم بالأساس من مصدر
واحد فإنكم بالأساس لكم نفس القدرات (الإمكانيات) ثم بعد ذلك جعل لكل منكم مثيلاً مكافئاً مكملاً، ومن لوازم الكمال الإنعام و(الأنعام) وهي ثمانية أزواج ((للجسم ))
وهنا يوجد تقابل وانقسام بين الناس، ولكلٍ وجهةٍ هو موليها، (ونخوفهم): نعظهم وننبههم ونحذرهم، فما يزيدهم ذلك (للناس) إلا طغياناً كبيراً، إلا زيادةً في الانحراف نحو الجهة
الشيطانية، لأنَّ الشيطان يغريهم بألفاظه الطنانة الخادعة، بينما الأساس أن الله سبحانه وتعالى قد أمر جميع القوى التي في الكون (الطبيعة) أن تخضع للإنسان (آدم) وكلفها
كلها لتكون خدماً له وتحت أمره، آدم المفكر والعاقل، إلا أنَّ إبليس قد تفلّتَ من هذا الأمر وأبق منه؛ فعلى الإنسان أن يحذره وينتبه منه.
إنَّ إبليس كان قوة من قِوى الطبيعة، وقد أُمرَ في البداية ليكون خاضعاً ومطيعاً للإنسان العاقل، لكنه تأبى عن ذلك الأمر واستثنى نفسه وعصا أمر الله سبحانه وتعالى، ويبيّن لنا
رب العالمين ماهيّة إبليس (القوة) أنه ليس قوة ماديّة وإنما هو قوة معنويّة فحسب؛ (إبليس ليس قوة ماديّة)؛ إذاً كل القوى الماديّة بالأساس موضوعة في خدمة الإنسان المفكر والعاقل …
ويصور لنا رب العالمين حقد إبليس اللعين على الإنسان، هذا الحقد الأسود، عندما طلب من رب العالمين أن يؤخره إلى يوم القيامة (يريد أن ينتقم من الإنسان) وذلك بالإعداد
والتخطيط له؛ لإيقاعه بالشرْكِ والشرك، للجمه وإفشاله وإعاقة عمله، والتشويش عليه،
قال تعالى:{ إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ {71} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ {72} فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ {73} إِلَّا إِبْلِيسَ
اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ {74} ص: ٧١ – ٧٣. ومعنى (السجود) هنا أي (الطاعة)، فقد أمرهم رب العالمين (للملائكة) وهي جميع القوى الكونية التي خلقها رب العالمين في
هذا الكون العظيم، قد أمرها جميعها أن تكون بإمرة آدم العاقل، وبطاعة آدم (الإنسان) والسجود هو التعلق والاقتران والارتباط، وهو مقترن بالهداية، والسجود هو الخضوع
والاستعداد والتهيؤ لتنفيذ الأمر وما يُطلب من الساجد، لذلك فالسجود (الخضوع) عند الإنسان لا يكون إلا لله تعالى، وما كان من عند الله تعالى (الرسول ـ الكتاب ـ القرآن ) لأنَّ
الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق السماوات والأرض، في ستة أيام (السورة) وما كاد الخلق يتم حتى أصبحت جميع المخلوقات التي في جميع السماوات والأرض كلها تحت
أمر الله تعالى وخاضعةً لأمر الله تعالى،.. وهذا هو معنى (ثمَّ استوى على العرش) والعرش يعني السلطة فجميع المخلوقات التي في السماوات والأرض داخلة تحت أمرة الله
تعالى، و(السجود) هو العمل المتواصل، وبذل الجهد من أجل تنفيذ الأمر الإلهي، إنه (السجود) عمليٌ ومنتجٌ وإيجابي وبنّاء، وليس شكليٌ ولا سلبيٌ ، إنه لا يعني الخنوع أو
التذلل؛ فالمؤمن بمجرد أن يذكر الله تعالى فإنه يُبادر إلى العمل والبناء في السماء.
لقد شكلت التفاسير في كثيرٍ من الأحيان، حجاباً حاجزاً، بين حقيقة النص الإلهي وبين العقل، فأبعد عن الفهم، وعمل على إخراج العقل عن المسار الطبيعي وعن السياق
الطبيعي المنطقي، الموصل إلى جوهر المعنى، المعنى العربي للمفردات، والتأويل العربي الحقيقي للنص العربي، والدلالة المبينة المباشرة للآيات الكريمة، لقد عملت
التفاسير، على إبعاد العقل وتشتيته في مسارات أُخَرْ، أخرجته عن السبيل الطبيعي المؤدي مباشرة إلى عين النص.
وإلا فإن عبارة المسجد الحرام أتت في القرآن الكريم، حوالي 23مرة، وهي تدل فقط، على مكة المكرمة، بينما وردت عبارة المسجد الأقصى، مرة واحدة، دالةً على المسجد
الذي اسري بالرسول صلى الله عليه وسلم إليه، عندما عُرج به إلى السماء، قال تعالى:( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا
حوله لنريه من آياتنا )1الإسراء، فمنذ آدم عليه الصلاة والسلام، الجميع كانوا، يسجدون باتجاه مكة المكرمة، لكن مكة كانت بعد مرور الزمن وتعاقب الحقب، قد انتصبت فيها
النصب، ولوثتها الأصنام، ولما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم، في مكة، أمر مؤقتاً بتغيير القبلة ثم ما لبث
أن أمر بالعودة إليها بعد جلاء الموقف، وسطوع نور الهداية، بمشيئة من الله سبحانه وتعالى
الهوامش
– إن أهم الملامح والمميزات التي يمكن استنتاجها من لغة آدم، استناداً إلى النصوص القرآنية والملكات الخاصة
التي زُوّد بها أبو البشر، حيث خلقه الله من تراب ونفخ فيه من روحه، تكريماً وتميزاً له عن باقي مخلوقات الله، ويمكن حصرها وايجازها في النقاط التالية:
1- ملكة النطق والقدرة على الكلام المفهوم والمسموع.
2- ملكة البيان والقدرة على التعبير عن الأفكار والتصورات التي يحس بها والتي يمكن أن يتصورها من خلال محاكاة الطبيعة والتعايش معها.
3- الأسماء والكلمات والحروف التي علّمها الله له بعد أن خلقه وعرضه على الملائكة, وأمر الملائكة بعد أن رأوا ذلك السبق والتكريم بالسجود له احتراماً وتكريماً له ولرسالته على الأرض.
4- إيحاء الرسالة التي كُلّف بها والدين الذي أنزله الله عليه، واثراء مفاهيم التوحيد للغة آدم. اذ لابد لآدم النبي أن استعان بتلك اللغة للتبشير بعقيدة التوحيد وتعليمها لذريته،
لكي يعبدوا الله ويكونوا جديرين بدور الخلافة في الأرض وإعمارها وبناء الحضارة البشرية على مرّ العصور والأزمان, وسنرى أن تلك الملامح والمميزات هي التي ساعدت بني
آدم لاستخدام وتفعيل لغة أبيهم ونشرها في الأصقاع وتطويرها وتطويعها حسب المكان والزمان والثقافة التي كانت تتميز بها كل بقعة من بقاع الأرض في العالم القديم. وقبل
الاستطراد في لغة آدم وملامحها الأصيلة والفطرية, لابد من الإشارة إلى عنصرين مهمين في صياغة اللغة وبنائها وتطويرها في أي أمة أو بقعة في الأرض, وهما عنصر المكان
ودور الحرف اللغوي وجرسه الموسيقي في تكوين اللغة البشرية، ابتداءاً من لغة آدم إلى اللغات واللهجات العروبية الحنيفية القديمة، ثم اللغات الشرقية والغربية ومنها الأوربية
في العصور القديمة, وأخيراً اللغات المعاصرة في العالم أجمع.
لقد لاحظ العلماء أن هناك جدلية وعلاقة وثيقة بين النطق بالحروف الأولى في لغة آدم والمكان والبيئة التي يعيشها الإنسان. والحقيقة العلمية التي اكتشفها علماء اللغة
والإنسان, هي أن أرض مكة والجزيرة تتميز بقدرة الإنسان على النطق بجميع الحروف الحلقية واللسانية، التي وهبت إلى آدم () عند خلقه، وكلما ابتعد الإنسان عن مركز مكة
بالاتجاهات الأربع قلّ عدد الحروف التي يستطيع أن ينطق بها, مما ينعكس على شكل اللغة وملامحها وتطورها, وهذا العامل هو أحد أسباب ظهور اللهجات العروبية في الجزيرة
وخارجها واللغات الشرقية في إيران وتركيا والمغرب والحبشة وغيرها, وهكذا في اللغات الأوربية والصينية والهندية، وهكذا الأبعد فالأبعد..
إن المتابع لعلم الصوتيات واللسانيات واللهجات واللغات الشرقية والغربية, يلاحظ الفرق الواضح في الأصوات والأحرف التي تميز كلّ لغة عن أختها، كما يلاحظ تكرار النغمات
والأحرف في اللغات بشكل يميّزها عن غيرها في اللغات العالمية الأخرى. فنجد أن الهندي حين يتكلم العربية في الخليج أو السعودية وغيرها في البلدان العربية، هناك
ما يميّزه ليس فقط عن العربي وإنما عن الصيني والأوربي أو التركي والايراني على سبيل المثال, وكذا نفس الملاحظة نجدها مع الإنسان الإفريقي أو السوداني أو الحبشي,
هناك أصوات وأحرف معينة تميّزه عن غيره من الشعوب التي تعيش في أماكن أخرى, كما نلاحظ التميّز في حركة اللسان بشكل مغاير لإنسان آخر في بقعة أخرى في الأرض
تفصل بينهما مكانياً فضلاً عن الفصل الزماني والثقافي والبيئي الذي نعرفه، وسنلاحظ لاحقاً تميّز اللغات عن نظيراتها لدى شعوب العالم، في اختفاء عدد من الحروف والأصوات
، وغالباً ما يكون الحاء والخاء والقاف من أشهرها، باستثناء الضاد والظاء اللذين تميزت بهما لغة الضاد العربية عن غيرها من اللغات منذ نشأتها، وسنبحث فيما اذا كان الضاد وبقية
الحروف العربية الثمانية والعشرين من بقية حروف لغة آدم، اعتماداً على أطروحة ظهورها وانطلاقها من مكة (القرآنية) وما لمنطقة مكة والجزيرة من أثر واضح في تحرر الحروف
والقدرة على النطق بها، بما يميزها عن باقي بقاع الأرض. ولكن يمكننا الاستنتاج دون أدنى شك، بأن المجموعة الكاملة
أو طقم الأحرف في لغة آدم، نجدها واضحة وبارزة في الجزيرة العربية وتحديداً أرض مكة.
هناك حقيقة أخرى تخص الحرف العربي في لغة آدم، اذ أن لكل حرف عربي جرس موسيقي ومعنى طبيعي يميزه عن غيره من الحروف ويعطي له استقلالية شبيهة
باستقلالية العناصر الكيميائية في الطبيعة، وكما يتميز تركيب المركبات الكيميائية والمواد الطبيعية في الأرض على سبيل المثال، للحصول على مركب مكون من عدد من
العناصر الكيميائية، فالماء مثلاً مكون من ذرة أوكسجين متحدة مع ذرتين من الهيدروجين, فكذلك الأمر في تكوين الكلمة من عدد من الحروف، فالحرف العربي بجرسه وموسيقاه
وصوته قادر على صناعة الكلمات والأسماء من مجموعة من الأحرف المنتخبة بطريقة خاصة تعتمد السماع والعلم والاجتهاد, ويكون لشخصية الحرف وجرسه الموسيقي ومعناه
الطبيعي الأثر الواضح في صناعة الكلمة والاسم في لغة آدم، كما سنرى ذلك واضحاً في الأمثلة المختارة. ولعل أصوات الطبيعة من حركة المياه والأشجار والصخور والرمال
والحيوانات والطيور وما نسمعه في المراعي والجبال والوديان والأنهار والبحار من أصوات لمخلوقات الله في الطبيعة المسخرة للإنسان، أثر كبير في إغناء لغة آدم بالمفردات
والأفعال والأسماء، كما سنرى ذلك في الجداول والأمثلة التي سنتطرق إليها. أما إغناء المفردات والأسماء التي علّمها الله تعالى لآدم، وأثر الرسالة الإلهية والدين الذي أنزل
على آدم باعتباره أول نبي على الأرض، فكلُّ ذلك الارث الديني له الأثر الكبير في إغناء لغة آدم وتعزيزها لتكون لغة رسالة وهدف, وهذا الاثراء والإغناء والدور الديني هو الذي
أوجد علاقة جدلية وأصيلة بين لغة آدم ولغة القرآن, وهذا الذي يفسّر لنا أيضاً الآثار والنصوص العديدة في الأدبيات الإسلامية التي تؤكد على أن لغة أهل الجنة هي اللغة
العربية واللسان العربي المبين. ليكون مبدأ الإنسان ومنتهاه مرتبطاً تاريخياً وحضارياً ودينياً باللغة الفطرية والتوقيفية، التي علّمها الله سبحانه للإنسان
حين خلقه ووضعه في أشرف وأكمل مكان، تلك هي اللغة التي اصطلحنا على تسميتها بلسان آدم عليه السلام.
( ) (يا أخا العرب) و) يا أبن أخي) هذا النداءٌ كان متداولاً بين العرب وكثيرُ الاستعمال وشائعٌ لديهم وله مدلول رائع وعظيم يدلُ على أنَّ (صلة الأخوة في مجتمع العروبة) كان لها
معنى لم يكن يفتقر إلى مددٍ من القبيلة أو الإقليم أو الحسب أو النسب أو غيره؛ مما يدلُ على أن (رابط العروبة) كانت أقرب إلى الدين الطبيعي (العرف) قال تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ‌ (199)﴾ [الأعراف]، وهي أي العروبة ليست مجرد مألوفات ذهنيّة أو عادات مرعيّة أو تخيلات وأوهام، وإنما هي ما احتضنته بيئتهم وحنت عليه
نفوسهم، من القيم والمبادئ والمثل والأخلاق الرفيعة، ولعل (الإخاء) في العروبة على قدمه وما يلزمه من الالتزام؛ ومن النزوع إلى الوحدة (التوحيد) مع الآخرين (النزوع إلى
القول الحسن والأعمال الصالحات) فهو يدل على المثالية وهو الشيء الثابت في تاريخ العروبة والزمن العربي المديد.
( ) آن: أمون، وأمونه أسماءٌ شائعة في الريف العربي السوري، وكافة الأرياف العربية، وهي من اللغات والأساطير العربية القديمة وتعني القمر؛
( ) توصيف (حرف الدال) أنه يخرج من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا وصفته الجهر والشدة والقلقلة والاستفال والانفتاح والإصمات وهو قريب جداً من الطاء والتاء وهو الحرف
الرابع في الأبجدية العربية بين الجيم والهاء، وفي المعجم أن الدفق: هو المطر الشديد الواسع الكثير العميم وتدفّقَ أسرع وسيرٌ أدفقٌ أي سريع ودفق: انصبّ وتفيد الانصباب
وتدفق الماء إذا زاد في الكوز أو الينبوع وانساح في الأنهار والسواقي ودفقت كفاه الندى أي صبّه في شدةٍ وكثرةٍ.

اترك رد

آخر الأخبار