وبدأت الإستعدادات لتنفيذ ما أشار به الضابط المصرى ( كمال صبرى ) وأعطيت الأوامر لمجموعة من الطائرات للتحليق فى سماء المدينة فى وقت لا يتوقع فيه وصول الطائرات الألمانية 00 وفى الموعد المحدد إنطلق سرب الطائرات المصرية ليحلق فى السماء وظل يلف ويدور فى سماء الأسكندرية لوقت طال ويراقب المدينة وقد أظلمت الدنيا بعد إطلاق صفارات الإنذار وصارت المدينة قطعة من العتمة ما من عود ثقاب يشتعل وما من ضوء فى الأفق 00 وفجأة إنبعث فى الظلام ضوء بدا خافتا بعض الشيء ولكن هذا الضوء يومض وينطفيء بطريقة منظمة كان من الواضح أنها لغة وإشارات متفق عليها ما بين الطرفين الطائرات الألمانية والجواسيس 0
إستطاعت الطائرات المصرية أن تلتقط هذه الإشارات وأن تحدد على الخريطة موقعها بالتقريب إذ لم تكن الأجهزة فى ذلك الحين قد تقدمت ولم تكن قد أصبحت قادرة على أن تميز المكان بدقة شديدة بيد أنها رصدتها أثناء التحليق ثم ألقت ببعض القنابل فى أماكن خالية لمجرد التمويه ولكى يطمئن الجاسوس إلى أن إشارته قد ألتقطت وأن رسالته قد وصلت فإنطفأت الأضواء والإشارات 00 وهبطت الطائرات المصرية فى مطارها وإنطلقت صفارات الأمان 0
ومن جديد عقد الإجتماع ما بين الضباط الإنجليز والضباط المصريين وكان
( مستر كين ) ينظر فى إعجاب إلى الضابط كمال صبرى وقال له :
– نحن مدينون لكم بالشكر والإعتذار
وضحك كمال صبرى وهو يقول قبلناهما معا
– إلى حد كبير ولن يمضى وقت طويل إلا ويسقط الجواسيس فى أيدينا
– لقد أدى طياروكم مهمة جليلة ودورا بالغ الخطورة وحين نتوصل
للجواسيس سيكونون هم وراء النجاح
– المهم الآن أن ننثر رجالنا حيث كانت تصدر الإشارات 0
– نريد أن نمسك بالجاسوس حيا لنعرف من يساعده
– سنفعل وسنقدم الدليل المادى على إرتكابه لجريمته 0
– أسرعوا نرجوكم القيادة تستعجلنى 0
– لا تقلق 0
– وبودى أن ألتقى باليوزباشى طيار حسن الذى قاد المجموعة التى قامت
بالمهمة 0
– سأبلغه برغبتك 0
– نريد أن نقدم له الشكر والإمتنان 0
قام ( كمال صبرى ) معلنا إنتهاء الجلسة وأسرع من أجل أن يستكمل مهمته فى الكشف عن الجاسوس أو الجواسيس 00 ومضى يبث رجاله فى الحى الصادر عنه الإشارات الليلية للطائرات المغيرة وبالطبع لم يكن هناك لدى الجاسوس أو الجواسيس فكرة عن أن أمرهم قد بدأ ينكشف 0
مع صباح يوم الغارة الليلية الوهمية التى قامت بها الطائرات المصرية على مدينة الأسكندرية مر اليوزباشى طيار حسن بمنزل داليا ليصحبها إلى
( زنقة الستات ) ليشتريا بضعة أشياء وكان قبلها قد إلتقى مع الضابط كمال صبرى وأعطاه الخرائط التى تحدد مكان إرسال الإشارات إلى الطائرات المغيرة 0
مضت داليا إلى داخل السوق بينما إنتظرها حسن خارجه وراحت تنتقى لنفسها ما تريد أن تشتريه 00 ولم تلمح الفتاة الواقفة من وراءها فى نفس المتجر 00 ولم تكن هذه الفتاة غير ( هاجر ) راعية الغنم وقد شدها صوت داليا وهى تساوم البائع فى ثمن ما ترغب فى شراءه 00 هاجر تقول لنفسها
– أنا أعرف يقينا صاحبة هذا الصوت 00 نعم لم أسمعه منذ وقت طويل لكننى
على ثقة من أنه صوتها 00 صوت خديجة – داليا سابقا – وإلتفت تحدق فيها
وهى تتساءل :
– هل يمكن أن يتشابه الصوتان إلى هذا الحد ؟ لكن هذه فتاة أجنبية
شعرها أصفر وعيونها زرق وبشرتها بيضاء إنها لايمكن أن تكون هى وفى
ذكاء منقطع النظير همست مناديه : 0000 خديجة
– وإذا داليا تلتفت نحوها فى عفوية 000
أيقنت هاجر أن هذه الفتاة التى كانت ترتدى الخمار والنقاب ما هى إلى خديجة فإندفعت نحوها فى شوق ولهفةتريد ان تحتضنها لكن داليا تنبهت للموقف وعبست وأبدت ضيقها من هذه الحركة وتصنعت بأنها لم تر هذه الفتاة من قبل ولم تعرفها وإستنكرت منها تصرفها وأشاحت بوجهها بسرعة عنها وإبتعدت 00 غضبت هاجر لهذا التصرف وأيقنت أن سراّ ما وراءه وأنها لابد لها وأن تكشفه ذات يوم 00 وإنسحبت فى هدوء وعندما خرجت داليا وتلفتت يمينا وشمالا لم تلمحها وعندئذ أخذت طريقها إلى خارج السوق وعين الفتاة ترمقها وترقبها 00 إنها حفيدة أعظم قصاصى الأثر فى الدنيا وتمكنت هاجر من أن تمضى وراءها ومعها حسن إلى أن شاهدتها تدخل بيتها فى كليوباترا 0
مضت هاجر إلى قسم الشرطة وإستقبلها ضابط هناك وأبلغته بشكوكها عن فتاة أجنبية تسللت فى ثياب منقبة من ليبيا إلى مصر عبر السلوم بأوراق مزورة فيما يبدو 00 وكانت متخفية فى ثياب راعية غنم 00 وإهتم الضابط بهذا البلاغ ونقله بدوره إلى إدارة مكافحة التجسس وعلم به كمال صبرى وتطلع إلى العنوان وإذا به يجده فى كليوباترا وتساءل فى هدوء :
يبدو أن كل الخيوط تقودنا إلى هذه المنطقة 00 أيكون هذا هو البيت الذى تصدر عنه الإشارات للطائرات المغيرة ؟
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.