العاصمة

التفكُّر في خلق الله وفيروس كورونا!

0

كتب: المستشار/ هشام فاروق رئيس محكمة استئناف الإسكندرية.

التفكُّر في خلق الله عبادة عظيمة يُهملها الناس! إذ هي عبادة تتمحَّض إلى توحيد الله تعالى والتسبيح له ومُداومة ذكره والخضوع والانقياد والتسليم له وإطاعة أوامره واجتناب نواهيه! فهي عبادة شاملة تجمع كل العبادات في نتيجتها ومآلها! لهذا حث عليها ربنا تبارك وتعالى ، فقال جل وعلا:”قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ”(يونس-101) وقال:”وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ”(الذاريات-20؛21) وقال أيضا:”سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ”(فصلت-53) فالأحمق تمر عليه آيات عظمة الله مرَّ الكرام! لا يستوقفه منها شيء! أما العاقل فإنه يتفكَّر فيها ، ويرى فيها عجائب صنعة وحكمة الخالق سُبحانه ، فيُسبِّحه ويُمجِّده ويدعوه فيستجيب له!

مدح الله تعالى هؤلاء العُقلاء فقال:”إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”(آل عمران-190؛191) ثم قال جل وعلا:”فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ”(آل عمران-195) فهؤلاء هم مَن يستجيب لهم الله! ومادام قد استجاب لهم وتقبل دعاءهم فاعلموا أن تلك هي درجة المتقين! وأنهم قد وصلوا إليها بهذا التفكُّر! يقول الله تعالى:”إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ”(المائدة-27) لا حظ لسواهم في القبول!

أما غيرهم فقد قال الله تعالى فيهم:”وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ”(يوسف-105؛106)

تقول الجمعية الجغرافية الوطنية الأمريكية ذائعة الصيت (ناشيونال جيوجرافيك):الفيروسات بحجمها الصغير الذي لا يتجاوز واحدا على الألف من حجم البكتيريا يُمكنها أن تُصيب البشر بأنواع مختلفة من الأمراض. لا تعيش الفيروسات خارج الخلايا الحية ، لذا تُهاجم خلايا البشر والحيوانات وحتى النباتات ؛ ثم تبدأ في صنع نسخ مُماثلة لها بأعداد كبيرة داخل الخلايا الحية ، فتدمرها ثم تخرج منها لتُصيب غيرها! (مجلة ناشيونال جيوجرافيك للشباب – الطبعة العربية – العدد 42 – يوليو 2010) فإذا علمنا أن حجم البكتيريا واحد على الألف من الملليمتر فهذا يعني أن حجم الفيروسات واحد على المليون من الملليمتر! يا الله! هذا حجم مُتناهي الصغر بحيث لا يكاد يُذكر! بالتأكيد لا تنفع معها طائرات الشبح ولا القنابل النووية ولا أسلحة الدمار الشامل ، بل ولا حتى الحصار الاقتصادي!

كيف تتسبب هذه الكائنات في إحداث كل تلك الأضرار والخسائر المُروعة في الأنفس والأموال؟! أحمق فقط مَن يُنكر قدرة الله وعجائب صنعه!

أيها الفيروس الذي حيَّر العالم ودوَّخه وروَّعه:أعلَم يقينا وأُوقن تماما أنك ليس باستطاعتك أن تضر أحدا من تلقاء نفسك ؛ وإنما النافع الضار هو الله تعالى وحده! إنما أنت مخلوق له سُبحانه! آمنت بالذي خلقك وسواك! وسبَّحتُ لمَن تُسبِّح له! ربي وربك الله!

اترك رد

آخر الأخبار