مازال سير المعارك التي شهدها الشمال السوري نهاية العام الماضي، ومطلع 2020، يلقي بظلاله الثقيلة على الفصائل الإرهابية، إذ تسببت المعارك التي نجح الجيش السوري على أثرها في اجتياح عشرات القرى بالشمال السوري في إرباك الطرف التركي الذي اكتشف ضعف الجبهة الداخلية للفصائل، ووجود كيانات على الورق فقط، اعتادت مطالبته برواتب لعناصرها، في حين لا يوجد عناصر من الأساس.
وعلى هذه النتيجة توصلت لتركيا لحتمية إقامة كيان عسكري جديد، يعمل على إعادة ترتيب المشهد الفصائل في سوريا، بإشراف منها مباشرة وبمساعدة شخصيات تثق بها.
العميد زاهر الساكت، المنشق عن الجيش السوري في 2013، هو من وقع عليه الاختيار التركي لتولي مهمة إعادة ترتيب المشهد في شمال سوريا، إذ كشف للإعلام عن إشرافه على تأسيس التشكيل الجديد الذي سيرأسه عقب تدشينه.
ووفقًا لما قاله؛ فالتشكيل العسكري الجديد متوقع الانتهاء من التحضير له في أغسطس القادم؛ مشيرًا إلى أن مهمته الأساسية هو مقاومة ما يسميه «الفساد والمفسدين»، في إشارة إلى الفصائل الوهمية التي يصدرها أصحابها للحصول على الدعم التركي والمرتبات.
ويناءً على ذلك يصبح السؤال عن الساكت مهم، باعتباره الرجل الذي وثقت فيه تركيا، في ظل فقدها للثقة في أغلب الفصائل.
بداية لا تتوافر معلومات تقريبًا عن الفترة ما قبل انشقاق الساكت عن الجيش السوري، إذ تكتفي كافة المعلومات المتاحة عنه إنه ينحدر من مدينة حلب، وكان رئيس فرع الكيمياء في الفرقة الخامسة بالجيش السوري، وقرر الانشقاق عقب استخدام الجيش للسلاح الكيماوي، على حد زعمه.
عقب انشقاقه تولى الساكت ما يعرف بـ«مركز توثيق الانتهاكات الكيماوية في سوريا»، كما تولى منصب رئاسة المجلس العسكري في حلب، لينتقل بعدها إلى العيش في دولة أوروبية تحفّظ على اسمها، ووقتها استغلته الدول المعادية للنظام السوري للترويج لما يمسوه بـ«الحرب الكيماوية» في سوريا، إذ اعتادت فضائيات مثل «الجزيرة» استضافته لإدانة الدولة السورية ومعارضتها. ولم يتورع الساكت في التقرب من تركيا، إذ يزعم أنها دولة تبحث عن أمنها القومي والطرف الوحيد المحتفظ حتى الآن بدعم لما يسميه «الثورة».
وبناء على ذلك، يدافع الساكت عن كافة السياسات التركية في سوريا، ويبرر تدخلها الفج، متغاضيًا عن الممارسات التي تتبعها الفصائل الممولة تركيًّا في مناطق شمال سوريا.
ولهذا الأمر جاءت مراهناته التي وضعها على الكيان العسكري الجديد المزمع في تدشينه، إذ يقول: إنه سيكون قادرًا على تنفيذ عمليات عسكرية ناجحة كانعكاس للوضع الاجتماعي المستقر الذي سينجح في توفيره، على حد اعتقاده.
ويتشكل الكيان الجديد بحسب المعلومات التي نشرها الساكت من 40 ألف فرد يتم تدريبهم الآن، على أن يقسم هيكلته على سرايا يكون فيها للضباط دور كبير، وكذلك صف الضباط من المنشقين عن جيش السوري.
وكانعكاس للخلافات الداخلية تعرض الكيان الجديد لهجوم من قبل الفصائل نفسها، إذ نشر البعض أخبار عن أن الساكت يحضر تشكيل عسكري لنقله إلى ليبيا، فيما قال آخرون: إنه يجهز لحماية النقاط العسكرية التركية أو ليكون بديلًا للجيش الوطني السوري الذي دشنته تركيا، في وقت سابق ليكون مظلة جامعة للكيانات العاملة بمعرفتها.
ورد الساكت على ذلك بأن المروجين لهذه الأخبار هم المتضررون من وجود الكيان الجديد، مؤكدًا أن تنظيمه سيكون موازيًا لما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» ولن يقضي عليه أو يسحب منه عناصر.
ويعادي الساكت أغلب الفصائل العاملة في شمال سوريا، بما فيها «هيئة تحرير الشام»، التي قال عنها إنها «هيئة شياطين الشام»، قائلًا: إن معلومات وصلته تفيد بأن هيئة تحرير الشام ترتبط مع أمريكا باتفاق سياسي، مرجحًا أن قرار إنهاء فصيل (هيئة تحرير الشام) قد اقترب من التنفيذ، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال انشقاق بعض الفصائل عنها، وما رافقه من محاولات الهيئة لإعادة الهيكلة.