أشباح للذكرى
إيمان العادلى
القصة حقيقية
“آن موبيرلي”ست إنجليزية مثقفة جدًا رئيسة كلية “سانت هيو” ف جامعة أكسفورد و”إلينور جورديان”
هي نائب الرئيس ، الاتنين قرروا يطلعوا ف إجازة إستجمامية لبلد الرومانسية والأحلام “فرنسا”…لما
وصلوا اتفقوا مع بعض يروحوا قصر “فرساي” وهو قصر العائلات الملكية الفرنسية على مر
التاريخ،حواليه جناين وقصور كانت مخصصة للحاشية والأصدقاء والعشيقات بس بعد الثورة كل ده اتحول لمتحف ومكان أثري..
10 أغسطس 1901، ابتدت الرحلة اللطيفة الهادية وفضلت لطيفة وهادية، الجولة جوه قصر فيرساي
وف الجناين الخلابة حواليه لحد ما قرروا يروحوا البيت الريفي “بيتيت تريانون” واللي كان قريب من قصر
فرساي كانت “ماري إنطوانيت” خصصته لنفسها للعزلة بعيدًا عن القصر والدوشة وقضت فيه فترات
طويلة. وصلوا الأول لقصر إسمه الكرانت ترينون وتجاوزوه ووصلوا للطريق الرئيسي اللي بيأدي لبيتيت
تريانون بس لقوا نفسهم ف طريق ضيق، زي حارة مليانة أشجار وبصوا لقوا محراث قديم، شكله غريب
محطوط على جنب الطريق، مين صاحبه وليه متساب بالشكل ده مفهموش، وعلطول في شعور تقيل
طبق على أنفاسهم ميعرفوش إيه مصدره غير أن الشمس فجأة اختفت والغيوم اتجمعت والدنيا
ضلمت.. “آن” إستغربت أن “إلينور” ملفتش انتباهها الست اللي كانت بتنفض هدوم بيضا من شباك
مبنى من الأبنية المحاذية للحارة أو الزقاق اللي كانوا فيه، وأنها مسألتهاش عن الطريق ومعالمه بس
قالت ف نفسها “أكيد هي عرفت الطريق خلاص مش محتاجة تسأل”، وبعد شوية مشي لقوا مفترق
طرق، تلاتة بالتحديد وقرروا يمشوا في الطريق الوسط لأنهم لقوا راجلين ماشيين قدامهم فيه، كانوا
لابسين سترات خضرة طويلة وقبعات ب 3 زوايا، لبسهم كان عجيب بس “آن” و”إلينور” افترضوا انهم
كانوا مزارعين وده الزي بتاعهم، أخيرًا سألتهم “إلينور” عن “بيتيت تريانون” قالولها تفضل ماشية لقدام
بعد كده لمحوا راجل شكله مثير للإشمئزاز وشه مليان جدري وبيتفحصهم بنظرة مش مريحة وبعديها
لمحت “إلينور” كوخ صغير على بابه ست واقفة بتدي إبريق شاي لبنت صغيرة ..وصلوا لجنينة أشجارها
كثيفة مكانش فيها أي نسمة، كانت ساكنة، ساكنة جدًا بطريقة مبالغ فيها، كأنها لوحة من غير حياة،
إحساس التقل وعدم الإرتياح فضل يزيد، بدأوا يحسوا بخوف وبرودة مش قادرين يحددوا مصدرها
..سمعوا صوت خطوات بتقرب ولما اتلفتوا للمصدر ملقوش حاجة بصوا قدامهم تاني عشان يكملوا
الطريق لقوا راجل وسيم لابس زي فرسان زي بتاع العصور الوسطى قالهم أنهم ماشيين غلط وأن
الطريق ل”بيتيت تريانون” في الإتجاه اليمين. مشيوا بسرعة في الإتجاه بس “آن” قررت تلف وتشكر
الفارس على مساعدته إنما الحقيقة ملقتوش بس اللطيف بقى إنها كانت سامعه صوت خطواته ومش
قادرة تشوفه…وصلوا لكوبري على نهر صغير، من الناحية التانية ليه بان بيت ريفي صغير ليه جنينة
كانت قاعدة فيها ست على كرسي خشبي وف ايديها جرنال كانت لابسه فستان جميل وبرنيطة بيضا،
شعرها كثيف وناعم، وبشرتها جميلة جدًا برغم إنها كانت شاحبة بشكل غريب، اللافت أن فستانها كان
موضته قديمة جدًا ومحدش بقى يلبس النمط ده من الهدوم، وفجأة زي ما تكون حست بوجودهم
رفعت نظرها من الجرنال وبصت ليهم، بصت مباشرة ف عنيهم، والبصة دي خلت “آن” تحس ببرودة
غريبة ف جسمها وبسرعة هربت من عيونها وبصت ف اتجاه تاني.. وصلوا لمدخل بيت وظهر راجل فجأة
كان برده لابس أزياء قديمة خاصة بالخدم، قال لهم أن مدخل ال تريانون في الجهة التانية من البيت،
الاتنين لفوا وخرجوا من الجنينة عشان يوصلوا للمدخل التاني، وأول ما خرجوا إحساس التقل والخوف
تلاشى تمامًا والجو رجع طبيعي وشكل السما والمحيط عادي ومريح..والناس والسياح ظهروا مرة تانية.
“آن” و”إينور” متكلموش تمامًا مع بعض عن أحداث اليوم ده لمدة أسبوع لحد ما قررت “آن” تقول اللي
جواها وتصرح بيه، التفتت ل “إلينور” اللي كانت قاعدة معاها وقالتلها أنها مؤمنة أن المكان اللي راحوه
مسكون بالأشباح و”إلينور” ردت “وانا كمان!” وبدأوا يحكوا ويراجعوا كل أحداث اليوم ده، طلعت “إلينور”
مسألتش الست اللي كانت بتنفض هدوم بيضة من الشباك ببساطة لأنها مشافتهاش، “آن” بس اللي
شافتها والشباك كان مقفول وعليه أشبار تراب بس “آن” ماشفتش الست اللي كانت واقفة على باب
الكوخ وبتدي البنت الصغيرة إبريق شاي و”إلينور” وحدها اللي شافتها! بس في حاجات الاتنين شافوها
زي الرجلين اللي بسترات خضرة واللي دلوهم على الطريق والراجل اللي وشه كان مليان جدري والفارس الوسيم…
لما الاتنين قرروا يزوروا فرساي تاني ، ملقوش الطريق الضيق والحارة اللي عدوا منها المرة الأولى!
ولا كان في كوخ ولا كوبري ولا نهر، كمان لقوا أن الباب اللي خرج منه الخادم قبل كده مقفول بسلاسل
حديد ولما سألوا عرفوا أنه كان مقفول من عشرات السنين والجنينة الفاضية الساكنة عمرها ما كانت فاضية مالناس والسياح!
قالوا مبدهاش لازم نعمل بحث عن المكان المريب ده وتاريخه ونشوف آخرته ايه، لقوا أن يوم 10
أغسطس اليوم الوحيد دون الأيام اللي يحب يعملوا فيه النزهة اللطيفة هو يصادف ذكرى سيطرة الثوار
على القصر الملكي وكل أفراد الحرس الملكي اتقتلوا 10 أغسطس 1792 والملكية اتغلت ف فرنسا،
أما الجدعين اللي كانوا لابسين سترات خضرة وقبعات ب 3 زوايا هما الحراس الشخصيين للملكة “
ماري انطوانيت” والراجل اللي كان وشه في جدري وبيبصلهم بصة مرعبة ومتربصة ده كان من أعداء
الملكية والثوار واسمه “كومتي ديه فودرويل” أما الفارس الوسيم فكان رسول أرسل للملكة لتحذيرها
من الثوار لكن الوقت كان اتأخر والزحف ابتدى والست اللي قعدة في الجنينة بتقرا الجرنال وبصتلهم ف عينيهم مباشرة هي “ماري أنطوانيت” نفسها!
الفوا كتاب نشروا فيه كل أحداث اليوم ده وتربيطها بالأبحاث اللي عملوها لكن تحت أسماء مستعارة خوفًا من عدم التصديق، أو أن الناس ترميهم بأنهم بيسعوا لشهرة أو لأنهم أكاديميين متعلمين وده كلام بالنسبة لناس كتير مناف للعلم والمنطق وكان ده هيسوء سمعتهم أو ببساطة لأنهم مكانوش عايزين شهرة وصحافة ونور مسلط عليهم هما كانوا عايزين يسلطوا الضوء على القصة وبس ومتعرفتش هويتهم الحقيقية غير بعد ما ماتت “إلينور” ب 6 سنين، سنة 1930…
ايه رأيكم هل ده ننسبه لنظرية تداخل الأبعاد والأزمان والصدع اللي يخلي الشخص يتنقل لزمن مش بتاعه ويشوف ناس مش بينتموا لنفس الحقبة زي ما بيحصل في الأحلام ولا دي كانت أشباح ظهرت عشان تحيي ذكرى اليوم المؤلم ده؟