إيمان العادلى
إن إحسان الظن بالناس يحتاج إلى كثير من مجاهدة النفس لحملها على ذلك خاصة
وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ولا يمل عن التفريق بين المؤمنين وأعظم أسباب قطع الطريق على الشيطان
هو إحسان الظن بالمسلمين.
إن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة بين أبناء المجتمع
فلا تحمل الصدور غلاًّ ولا حقدًا أمتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم:
“إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا…”.
فلماذا لا تكون وأكون منهم ؟
ليس أريح لقلب العبد في هذه الحياة ولا أسعد لنفسه من حسن الظن ففيه نسلم من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس وتكدر البال وتتعب الجسد وترهق القلب والعقل وتدمر الحياة كلها
هل هناك من يستطيع أن يحصى لمن قصر فى حقه أو صدمه فى مشاعره
أو آذاه قولاً أو فعلاً سبعين عذراً ثم لا يجد ما يعذره فيقول فى نفسه : لعــــل لـــه عــــــذراً ؟
إنها مرتبة عليا من سلامة الصدر وقوة الإيمان لو حظى بها مجتمع لخلا من كل أسباب الشقاق
ولصارت العلاقات بين أفراده أصفى ما تكون فإذا مرضت ولم يزرك أحباؤك فالتمس بعض السبعين عذراً ..إن لم ينصت لك زوجك أبتسمى وقولى لعل له عذراً
إن أخطأ فى حقك من توسمت فيهم الخير فأستبدل بمشاعر الصدمة والمرارة التى شعرتها التماس العذر لعل له عـــــــــذراً أو سببآ قهريآ
فهو شعـــــــــــــــار أصفياء القلوب وأنقياء النفوس
ابن سيرين رحمه الله قال
” إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه “.
إنك حين تجتهد في التماس الأعذار ستريح نفسك من عناء الظن السيئ وستتجنب الإكثار من اللوم لإخوانك وأصدقائك
تأن ولا تعجل بلوم صاحبًك لعل له عذرًا وأنت تلومه المهم في الأمر أن لا نتسرع في أصدار الأحكام على الغير
ويوم نخطأ نعتذر ويوم يقع علينا الظلم نغفر
وهذه هي الشجاعة وحسن الخلق مع من حولنا من الناس
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
سامح صديقك إن زلت به قدم فليس يسلم إنسان من الزلل
ويقول أيضاً :
لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العداوات
( التمس لأخيك سبعين عذراً فإن لم تجد فلعل له عذراً )
فيجب علينا تجنب الحكم على النيات
وهذا من أعظم أسباب حسن الظن حيث يترك العبد السرائر إلى الذي يعلمها وحده سبحانه والله لم يأمرنا بشق الصدور ولنتجنب الظن السيئ.
فمن ساء ظنه بالناس كان في تعب وهم لا ينقضي فضلاً عن خسارته لكل من يخالطه حتى أقرب الناس إليه إذ من عادة الناس الخطأ ولو من غير قصد ثم إن من آفات سوء الظن أنه يحمل صاحبه على أتهام الآخرين مع إحسان الظن بنفسه وهو نوع من تزكية النفس التي نهى الله عنها في كتابه: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم:32].
رزقنا الله قلوبًا سليمة وأعاننا على إحسان الظن بإخواننا والحمد لله رب العالمين يعيش الانسان في هذا الزمان وهو مكبل بالكثير من الضغوطات
فما أحوجنا في هذا الزمان إلى الحكمة والتريث قبل أطلاق الأحكام حتى لا نقع في كمائن الشيطان وحتى لا ينقطع الخير أبدآ فى أمتنا
كونوا عوناً لأخوانكم ولا تديروا ظهوركم أعينوهم وساعدوهم على صفاء القلوب بألتماس أدني عذر بحسن الظن
فحسن الظن هو شعور يسكن قلب العبد وإمّا أن يكون لله سبحانه وتعالى أو من العبد للعبد فحسن الظن بالله رغم تشعبه كمفهوم إلا أنه قد يتلخص برضى العبد بما أعطاه الله سبحانه وتعالى والتوكّل عليه أما من العبد للعبد فهو الشعور بالطمأنينة والراحة النفسية عند التعامل مع الآخرين فيعمل على ربط قلوبهم ويجعلها أشدّ ألفة ومحبة فإن حسن الظن بالأخرين باب كل خير وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يرزقه قلبًا سليمًا.
رزقنا الله إياى وإياكم قلبآ سليمآ معافيآ من شرور الأنفس ومن ضغائن القلوب وأحقادها .