أحدب نوتردام
أحدب نوتردام
إيمان العادلى
يمكن اعتبار هذه الرواية واحدة من أيقونات الأدب الفرنسي الخالدة التي تقرأ في جميع أنحاء العالم، خاصة مع تحول أحداثها لفيلم سينمائي مبهر في نسخة بشرية وأخرى كارتونية ذاعت في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي حول الرواية إلى أيقونة.
فهى عن فتى يدعى “كوازيمودو” عانى من سوء المظهر الخارجي ورفض المجتمع الباريسي له، ليأخذه قس الكنيسة “الدوم كلود فلورو” بعيدا عن بشاعة العالم الخارجي ويدخله إلى عالم الوحدة حيث لا تتعدى مهامه قرع الأجراس ولا تتعدى حدود عالمه باب الكنيسة.
أبقى القس الفتى في الكنيسة دائما ليتفادى نظرة الناس الغريبة وخوفهم منه، وفي يوم من الأيام اختير الأحدب ليكون زعيما للمهرجين في حفل تنكري أقيم في باريس، حيث يبدأ دور الراقصة الغجرية التي تدعى “أزميرالد”، والتي يحاول القس أن يتقرب لها ويقنعها بحبه ولكنها تظل ترفضه، غير أن الأحدب يعجب بها أيضا، وهنا يبدأ الصراع النفسي والإنساني الذي يبرز معاناة الطرفين.
ويظل الأحدب يراقب الراقصة الغجرية سرا من مكان لآخر حتى يتعرض لها أحد الأشرار فيقف في وجهه ويدافع عنها لتتمكن من الهرب، ويقع هو في يد السلطات، حيث يتم تعذيبه بالجلد في ساحة عامة أمام حشود من الشعب، وخلال تنفيذ الحكم تخرج أزميرالدا وتبرر ما فعله الأحدب.
وتتصاعد الأحداث بعدها ليدبر القس فرولو مكيدة للغجرية، فيستعير سكينها الذي يحمل اسمها، ويقتل أحد وزراء الملك، لتحمل هي التهمة، فيحكم عليها بالإعدام، إلّا أن الأحدب يدرك المكيدة التي سقطت فيها، فيدبر الخطط لإنقاذها ويفلح في ذلك.
وبعد أن يكتشف الملك من قاتل وزيره الحقيقي، يأمر بجلب القس، إلا أن الأخير وقبل أن يقبض عليه ينتقم من صنيع الأحدب فيقتله، وتعيش أزميرالدا على ذكرى الأحدب بعد أن اكتشفت حجم حبه لها.
يمثل لقاء الأحدب بالراقصة الغجرية أزميرالد إيمان الكاتب بأن الصفات الروحية للشخص تطغى على المظهر الخارجي له، وأن الإنسانية لا يمكن أن يتم إخفاؤها، أما الانعزال الذي عاشه الأحدب بسبب مظهره يمثل نبذ ورفض المجتمع لأي اختلاف يظهر بينهما.
في حين يخفي “كوازيمودو” وراء مظهره القبيح قلبا أبيض وروحا جسورة منعتها غرابة المظهر من الانطلاق للحياة وحبستها في غياهب أحد أبراج كاتدرائية نوتردام، ووراء المظهر الخشن والتشوه الخُلقي، كان لـ”كوازيمودو” قلب رقيق يخشى أذى محبيه ويحرص على حمايتهم بشتى الطرق حتى إن عرضه ذلك للخطر، وتجسد ذلك حين حاول حماية الفتاة التي أحبها دون انتظار ردٍّ للجميل الذي قدمه لها.
ويلخص صراع كوازيمودو مع مجتمعه والمصير الذي سيؤول إليه صراع المظهر السطحي وقدرته على تحديد مسار حياة شخص بأكملها إذا ما واجه مجتمعا ذا معايير وقوالب لا تأخذ بعين الاعتبار كينونة الشخص وماهيته، كما يعد تجسيدا لآلام ومعاناة من أرادوا أن تُمنح أرواحهم فرصة لتثمر وتفيض على من تحب بجميل خصالها.
واستطاع الكاتب فيكتور هوجو أن يصل بروايته إلى أعلى مستويات الوصف ضد الظلم، ليثبت أن الأحدب ذو الإعاقة الجسدية يمتلك سلاحا قويا يتمثل بصفاء روحه ونقاء قلبه، لينتصر على آفة الظلم السائدة.