إيمان العادلى
تلك الزوجة التي لا مثيل لها في الحياة
ذلك القلب الذي يتعب صناع السينما، ومؤلفوا الروايات أن يأتوا بمثله أو قريب
تزوجت محمد صلى الله عليه وسلم فاحتضنته رضوان الله عليها ورأت فيه معالم العظمة والرجولة والنبل كانت تشعر بخبرتها في الحياة واتزان عاطفتها، ورجاحة عقلها أن ذلك الشاب النبيل يحمل بين جنبيه قلبا شفافا وروحا تشبه روح الملائكة فكفته السفر والتجارة وشجعته على تلك السياحة الروحية التي كان يقصدها كل عام يذهب فيها إلى غار حراء، ينظر من أعلى إلى مكة، ويتألم بعمق لحال أهلها وهم يسجدون ويركعون لأصنام صنعوها بايديهم
عجيب أمرها .. أليس كذلك ؟
إمرأة تترك زوجها ليغيب عنها شهرا كل عام غيابا غير مبرر فما هو بالنبي الذي يوحى إليه آنذلك ولا بالتاجر الذي خرج يستطلع أمر أمواله
وليس له أندام وخلان يسمر معهم ويسهر
لكنها بحنين وحب صادقين دعته يذهب حاملا معه دعواتها وكانت ترسل له بالطعام وتبعث بمن يتفقده ويطمئنها عليه
وذات يوم جاءها يرتجف مأخوذا فما رآه لا يقدر على حمله بشر، وأتسائل مندهشا ولماذا خديجة ؟
إنه محمد العاقل المتزن وها قد جاءه ما أفزعه فلماذا اتجه إلى زوجته ولم يذهب لعمه أبو طالب أو صاحبه أبي بكر أو عشيرته وهم أهل عز وقوة
إنه حضن خديجة وقلب خديجة وأتزان خديجة
كان وهو يركض من أعلى الجبل يتجه بعقله وقلبه ووجدانه إلى امرأة
كان خائفا ولم يؤمنه يومئذ إلا هي
كان مترددآ لم يثبته آنذاك إلا هي
كان حائرآ ولم يعطه اليقين حينها إلا هي
تلقته بقلبها ومسحت على راسه وهي تسأله عن حاله فأخبرها بخبر لقاءه الأول بجبريل ثم قال لها خائفا ملتاعا : لقد خشيت على نفسي .
هنا زادت ابتسامة خديجة المطمئنة وخرجت الكلمات من فمها تزرع الثقة والقوة في وجدان زوجها : كلا
والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر .
تقول له “كلا” فتزيح من ذهنه أي فكرة خوف أو قلق ..
ثم يكون كلامها قاطعا فتبدأه بالقسم وتختمه بالجزم ” والله لا يخزيك الله أبدا” .
فمن له بمثل صفاتك يا محمد ويخزيه الله ..
من بخلقك وطيبتك وإنسانيتك ويدعه الله للمخاوف والهموم ..
ثم تأخذه بعدما هدئ لمن يفسر له ما حدث أكاد أراها وهي تمسح فوق رأسه وهما يتجهان إلى ورقة بن نوفل كي يهدىء جنان الفتى المضطرب ..
أراها بحنانها .. بقوتها .. بأبتسامتها المضيئة المطمئنة .. بوجهها الحاني المريح ..
رضوان الله عليها