العاصمة

النظافه ضرورة اجتماعية بين الواقع والمأمول

0

اسلام محمد

نظافة الجسم: __ وذلك بالحرص على سلامته من الأقذار والنجاسات، والمبادرة

إلى إزالتها إذا أصيب الجسم بشيء منها، ولأن البعض قد لا يعطي الاهتمام الكافي

لنظافة الجسم فقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ضرورة الاغتسال ولو مرة

في الأسبوع بقوله (حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ

رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ) والحديث تأييد لقوله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}

(الأعراف، 31) فلا ينبغي أن يمر على المسلم أسبوع دون غسل ولهذا ذهب بعض

الفقهاء إلى إيجاب غسل الجمعة على كل من وجبت عليه، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ: (من جاء منكم الجمعة فليغتسل) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فمن جاء الجمعة فليغتسل…)

إكرام الشعر: __ أي يحرص على مظهره بترجيله والمحافظة عليه. فقد كان النبي

صلى الله عليه وسلم يحرص على الشعر بترجيله ودهنه ويوجه أصحابه لذلك فعن

جابر ، قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرا في منزلنا ، فرأى رجلا شعثا

فقال : « أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره » .

التطيب:__ أي استخدام الطيب (العطر) وخاصة عند ملاقاة الناس كالإجتماع

لصلاة الجمعة. فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم (لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر ويدهن من

دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يروح إلى المسجد ولا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما

كتب له ثم ينصت للإمام إذا تكلم إلا غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة الأخرى)

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(على كل مسلم الغسل يوم الجمعة ويلبس من صالح ثيابه وإن كان له طيب مس منه)

نظافة الثياب. __ من نعم الله تعالى على الإنسان أن خلق له ما يصنع منه ثيابه

فيستر عورته ويجمِّل مظهره، ويتقي به الحر والبرد، ويخفف عن وطأة الرياح

والغبار. قال تعالى : {بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ ا

ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (الأعراف، 26). فاللباس بالنسبة للانسان

كالريش للطير، فاكتمال ريش الطائر يجمله ويحميه، وكذلك بالنسبة للانسان، فيختار

المسلم منه ما يقيه الحر والبرد وما يستره، وعليه أن يهتم بنظافة ملبسه وطهارته لأن

ذلك يزيد من حسن الثوب ورونقه.
ويزداد التأكيد على نظافة الثياب عند

الإجتماع للصلاة وغيرها كالولائم والمجالس العامة فقد جاء في

الحديث عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه (أنه سمع النبي – صلى الله عليه

وسلم – يقول على المنبر يوم الجمعة: ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة

سوى ثوبي مهنته) وعن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا عليه

ثياب وسخة ، فقال : « أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه »والمسلم يلبس الثوب

النظيف ويتخذه من الأنواع التي تلاءم امكانياته وسعته، ولا ينبغي للمسلم أن

يكون رثا شعثا ظنا منه أن هذا يقربه من الله تعالى. ويردّ القرآن الكريم على أ

هذا المنحى بقوله {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ

هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ

يَعْلَمُونَ}(الأعراف، 32) وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل إن الرجل يحب أن

يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق

وغمط الناس) ولا يجوز للمسلم أن يتخذ من ثيابه مجالاً للخيلاء والكبر. فقد ذم

القرآن الكريم قارون لما خرج على قومه مبالغا في زينته بقوله تعالى{فَخَرَجَ عَلَى

قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} وهناك فرق بين التزين لاظهار النعمة والتزين للتكبر على الناس.

وقد رغب الإسلام أن يكون ثوب الصلاة مع الجماعة غير ثوب العمل، حرصاً على

تمام النظافة وحسن المظهر وهذا لمن يعمل في مجالات تتسخ فيها الملابس

وإلا فلا يشترط تغيير الثوب
فقد روي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ قَالَ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ أَوْ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدْتُمْ أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ

لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ)
النظافة العامة

وجدنا حرص الاسلام على النظافة الشخصية والتي تمثلت بعديد التشريعات

القرآنية والتوجيهات النبوية التي إذا ما التزم المسلم بها تحقق مبتغى الإسلام أن

يعيش المسلم بطهارة كاملة . والأمر كذلك بالنسبة للنظافة العامة حيث وجدنا العديد

من التشريعات والتوجيهات للمحافظة على البيئة الخاصة والعامة بالحض على نظافة

المساكن والطرقات والساحات العامة. ونذكر ذلك باختصار:

1_ نظافة المسكن

طهارة مكان الصلاة شرط في صحة الصلاة كما أسلفت لقوله تعالى

{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}

(البقرة، 125) وهذا التطهير يشمل التطهير من الأنجاس والأقذار ومن مظاهر الشرك

والآثام. وإن بيت المسلم لا يخلو من الصلاة أداء لفريضة أو تنفلاً أو تهجداً

ولذلك لا بد من المحافظة على طهارته.
المحافظة على طهارة المكان وخاصة

المساجد لها فضل عظيم بالرغم من تقليل شأن هذه الصنعة، لكن النبي صلى الله

عليه وسلم لم يكن يترفع عن مساعدة أهله بتنظيف البيت وكنسه وقد أظهر من خلال

التطبيق العملي تقديره الشديد لمن يقوم بهذه المهمة. فعن أبي هريرة رضي الله

عنه: أن أسود رجلا – أو امرأة – كان يكون في المسجد يقم المسجد فمات ولم

يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته، فذكره ذات يوم فقال: «ما فعل ذلك

الإنسان؟» قالوا: مات يا رسول الله، قال: «أفلا آذنتموني؟» فقالوا: إنه كان كذا وكذا

– قصته – قال: فحقروا شأنه، قال: «فدلوني على قبره» فأتى قبره فصلى

عليه
2_ نظافة الطريق والأماكن العامة
نظافة الطريق والساحات العامة دليل على

رقي أهل البلد، وتعرف سمات المجتمع الخُلقية من نظافة الطرق والساحات؛

فنظافتها أبهج للنفس وأنقى للمتنفس وأدعى للإحترام. ويحذر النبي صلى الله

عليه وسلم من التسبب في إيذاء الطريق أو الأماكن العامة التي يقصدها الناس

للاستظلال والراحة بقوله (اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي

يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ) ويرد تأكيد ذلك في حديث آخر (اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ

الثَّلَاثَةَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ)

ولما كان لا يخلو أن يتسخ الطريق لأي

سبب كان فقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى إزالة ما يعلق على الطريق من

القاذورات والأذى، واعتبر أن ذلك من أبواب الخير، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ( يُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ)

وللتأكيد على هذه الحقيقة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شعب الإيمان ليظهر أن

إماطة الأذى عن الطريق آخرها بقوله (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون

شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان)

ويبين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عظيم أجر من يزيل الأذى عن طريق الناس بضرب المثل

الحي ليكون أدعى للفهم بقوله (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى

الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ )
“وعن أبي سعيد مرفوعا: (

غفر الله لرجل أماط عن الطريق غصن شوك، ما تقدم من ذنبه وما تأخر) …. وعن

أنس قال: (كانت شجرة على طريق الناس فكانت تؤذيهم، فعزلها رجل عن طريقهم،

قال النبي، صلى الله عليه وسلم: رأيته يتقلب في ظلها في الجنة) . واعلم أن

الشخص يؤجر على إماطة الأذى، وكل ما يؤذي الناس في الطريق، وفيه دلالة على

أن طرح الشوك في الطريق والحجارة والكناسة والمياه المفسدة للطرق وكل ما

يؤذي الناس يخشى العقوبة عليه في الدنيا والآخرة، ولا شك أن نزع الأذى عن

الطريق من أعمال البر، وأن أعمال البر تكفر السيئات وتوجب الغفران، ولا ينبغي للعاقل

أن يحقر شيئا من أعمال البر والأصل في هذا كله قوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة

خيرا يره} (الزلزلة: 7) . وإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان

وهنا إشارة يجب التحدث عنها حينما
تعجب من بعض الناس يخرج من بيته

بقمامته فيسير عشرات الأمتار إلى أن يصل قرب الصندوق المخصص وما بينه

وبينه إلا مسافة قصيرة فيرمي بكيسه بعيداً عن البرميل أو بجانبه، ويأتي آخر

فيعمل مثله في صورة تعكس ثقافة التخلف الذي تعيشها، وللأسف المجتمعات

المسلمة في بعد عن ما وصى الله به من الطهارة والنظافة وحفظ حقوق المسلمين،

وعدم الإضرار بهم، وبعض الناس قد يرسل أطفاله برمي القمامة، فهؤلاء ينبغي أن

يرشدوا أبناءهم إلى وضعها في أماكنها المخصصة، وهذا من التربية السليمة على

الفضائل والمحاسن

اترك رد

آخر الأخبار