إيمان العادلى
رد عليا بهدوء:
-كلها تلت دقايق والصيدلية دي تتفجر!
طب أرجع لوراء شوية بالأحداث.. أنا شغالة دكتورة في صيدلية، و اليوم ده كنت قاعدة براجع الأدوية و بشوف ايه اللي ناقص، و كان الوقت متأخر في الليل، و كنت تعبانة جدًا و حاسة بإرهاق شديد، و رغبة مُلحَّة في النوم بأي شكل !
و انا مركزة في شغلي، دخل عليا شاب لابس بدلة سودا، و شعره مُهندم، و شكله إبن ناس و وسيم..
وقف قدامي و إبتسم من غير كلام، فبدوري إبتسمت انا كمان، و قلت له:
– أهلًا بحضرتك يا فندم..
بص لي و بعد كدة بص ف ساعته اللي ف إيده، و قال برزانة:
– كلها تلات دقايق.
إستغربت و سألته:
– تلات دقايق ع إيه حضرتك؟
رد عليا بمنتهى الهدوء:
– تعرفي؟ الصيدلية دي قدامها تلات دقايق بالظبط و تنفجر !
حسيت لوهلة بالخوف، و لكني إستجمعت نفسي و قلت له بطريقة حاولت إنها تكون ظريفة:
– ياااه، بجد؟
الإبتسامة الهادية اللي ع وشه تحولت لإبتسامة خبث، و قال:
– شكلك مش مصدقة..، طب ما تسمعي كدة معايا صوت التكتكة ده..
قلبي إنقبض بعد ما قال الكلمة دي، و بالفعل، سكت عشان أسمع..، و قد كان، بالفعل في صوت تكتكة..
لقيته بص في ساعته تاني، و قال:
– اهو هانت، فاضل دقيقتين.
قلت له بقلق:
– حضرتك بتتكلم بجد؟
إبتسامته إختفت، و قال:
– الصوت اللي سمعتيه يأكد لك اللي أنتي شاكة فيه.
صوت التكتكة بدأ يعلي، رجع إبتسم و قال:
– طالما صوتها بقى أعلى يبقى انا مش هحتاج أبص في ساعتي تاني، لأن طول ما الصوت بيعلي، يبقى الوقت قرَّب.
حسيت إنه حرامي و بيعمل فيا إشتغالة عشان يسرقني، فقلت له بنبرة مٌحذرة، و حاولت مبينش فيها خوفي:
– لو فاكر إنك تقدر تسرقني تبقى غل..
قاطعني بضحكة هزِّت كياني من الخوف و قال:
– انا مش جاي عشان أسرقك، انا جاي هنا -و لقيته ضغط على كل كلمة بيقولها- عشان نموت سوا !
حاولت ألفْ نفسي و أطلع برا، لقيته طلَّع مسدس و وجِّهه تجاهي!
و قال بنبرة محذرة:
– متفكريش تهربي من هنا، خلاص إحنا هنموت، و مفيش حد بيهرب من الموت.
زعقت فيه:
– انت أكيد مجنون، مجنون، طلعني من هنا بقولك، خليني أخرج..
قال لي ببرود:
– تعرفي؟ الموت أهون بكتيييير من الحياة التعيسة دي.
صوت التكتكة بقى أعلى، زعقت فيه تاني، و علَّ و عسى حد يسمعني:
– بقولك خرجني.
سكت و مرضش عليا، كل اللي بيعمله إنه باصص للسقف، بيتأمله في سكون، فقلت له بصوت ماليه الخوف:
– انا ممكن اجري دلوقتي و لو عايز تقتلني بالمسدس اللي في إيدك إقتلني، منا كدة كدة لو قعدت هموت بالقنبلة.
و قبل ما أعمل أي حركة، لقيته بص في ساعته و قال لي و هو لسة باصص فيها:
– خلاص ده فاضل عشرين ثانية و هنموت كلنا – و بص لي و قال بلُطف مُصطنع – يرضيكي تضيعي علينا اللحظة دي؟
صرخت فيه بآخر قوة عندي و انا واقفة مكاني برتعش:
– انت مجنووون، حد يلحقنااااااي.
بص لساعته:
– عشر ثواني.
– الحقوناااي
– تسعة
صوت التكتكة بقى أعلى..
– تمانية
– مش عايزة أموت.
– سبعة
– خرجني
– ستة
– الحقونااااااي
– خمسة
لقيت في ناس بتدخل الصيدلية بسرعة و صوتهم كان بيتردد في وداني و هما بيسألوا في إيه.. و هو لسة قاعد قدامي على الكرسي و باصص لساعته
– أتنين… واحد
– لااا، لااااا، إهربوووووووووا.
نزلت على ركبتي، و حطيت إيدي على دماغي من فوق، ضغط على أسناني بقوة، و كأن التصرُّف ده هيخفف من إنفجار القنبلة… لكن، لحظة واحدة، مفيش حاجة حصلت !!
مفيش قنبلة، مفيش موت، مفيش أي حاجة..
فتحت عيني، و قمت براحة من ع الأرض، بصيت على الناس اللي واقفة و باصة لي و عمالة تقلب كف بكف..
بصيت على الكرسي، ملقتوش قاعد عليه، إختفى !
واحد من اللي واقفين سألني:
– في إيه يا دكتور؟ انتي كنتي بتصرخي ليه؟ في حاجة حصلت؟
يعني إيه مفيش حاجة حصلت؟
يعني إيه إختفى؟
أكيد ده كله مش وهم، مستحيل أكون بتخيّل من التعب !
خليت الناس تمشي بعد ما إخترعت كدبة أقنعهم بيها إني مش مجنونة، و إني بقيت كويسة..
رجَّعت الكاميرات بتاعت المكان، من لحظة دخول الشاب الوسيم لحد لحظة دخول الناس..
لكن.. مكنش في حد ف المكان غيري !
انا واقفة بكلِّم بنفسي، بزعق للفراغ، مفيش حد واقف، مفيش أي حاجة..
انا إتجننت انا إت..
لحظة.. إيه ده؟!!!
في ضل حد مغطي شاشة الكمبيوتر اللي قدامي، الضل مش في الفيديو، الضل واقف قدامي، رفعت عيني لفوق، لقيت في شاب لابس بدلة سودا، و شعره مُهندم، و شكله إبن ناس و وسيم، وقف قدامي و إبتسم من غير كلام !!