العاصمة

بين مطرقة العرف وسندان الوصاية

1

 

ايمان العادلى

 

في زوايا مجتمعاتنا الشرقية، لا تزال المرأة تخوض معركة صامتة، ليس ضد الفطرة أو الدين، بل ضد إرثٍ ثقيل من “المركزية الذكورية” التي نصبت الرجل قيماً على أنفاسها، ومُفسراً لأحلامها، ومقرراً لمصيرها. إنها إشكالية المجتمع الذي استبدل جوهر التكريم الإلهي بجمود الأعراف البالية حيث تقرأ النصوص الدينية بعيونٍ ذكورية تبحث عن “التسلط” لا “المسؤولية”، وتستدعي آيات القوامة لتبرير الاستبداد، بينما تتجاهل آيات المودة والرحمة والمساواة الإنسانية

 

ف لنبدأ بالحديث عن التناقض الصارخ؛ كيف أن الإسلام جاء كثورة لتحرير المرأة وتكريمها، بينما نجد في بعض الأوساط الشرقية “عرفاً” يحاول إعادة إنتاج قيود الجاهلية بصبغة دينية أو اجتماعية. وأوضح هنا أن الهدف هو نقد “الفهم الخاطئ” وليس نقد “الدين” نفسه.

 

أولاً: سيكولوجية الرجل في المجتمع الشرقي

و كيف يربى الرجل على مفاهيم معينة

 

مفهوم القوامة المغلوط: تحويل “القوامة” من مسؤولية ورعاية (بذل وحماية) إلى سلطة وقمع (تحكم وإلغاء).

 

الخوف من استقلال المرأة: كيف ينظر لنجاح المرأة أحياناً كتهديد لرجولة الرجل، مما يجعله يتمسك بالأعراف القديمة للحفاظ على مكانته.

 

ثانياً: خطر “أشباه الدعاة” والأفكار الدنيوية

بسبب رجال الدين غير المؤهلين الذين

 

يسيسون الفتوى: يطوعون النصوص لخدمة النزعة الذكورية السائدة.

 

التركيز على القشور: الانشغال بمظهر المرأة وخروجها ودخولها، وإهمال حقوقها في الإرث، التعليم، والمعاملة الحسنة.

 

الأفكار الدنيوية: كيف ينظر البعض للمرأة كـ “متاع” أو أداة للمتعة فقط، متجاهلين كيانها الإنساني والروحي الذي ساواه الله بالرجل في التكليف والجزاء.

 

ثالثاً: التكريم الإلهي في القرآن الكريم (الرد بالحق)

 

المساواة في أصل الخلقة والقيمة الإنسانية:

 

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا…” (سورة النساء: 1).

 

التحليل: التأكيد على أن المصدر واحد، ولا يوجد تفضيل في الذات الإنسانية.

 

المساواة في المسؤولية والجزاء:

 

“فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ…” (سورة آل عمران: 195).

 

التحليل: عبارة “بعضكم من بعض” هي أسمى تعبير عن التلاحم والمساواة في القيمة والعمل.

 

المودة والرحمة بدلاً من السيطرة:

 

“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً…” (سورة الروم: 21).

 

التحليل: السكن والمودة هما أصل العلاقة، وليس “العرف” القائم على الند الند أو التبعية العمياء.

 

لقد تحول “العرف” في كثير من الأحيان إلى شريعة موازية، تمنح الرجل حصانة مطلقة وتفرض على المرأة حصاراً من التوقعات المجحفة، يغذيها خطاب ديني مشوه يتبناه أنصاف المتعلمين ممن سجنوا المرأة في دائرة “الجسد والفتنة”، متناسين أنها “شقيقة الرجال” في الروح، والعقل، والمصير. إن مواجهة هذا التحكم لا تبدأ بالتمرد على المجتمع فحسب، بل تبدأ بكشف زيف الأفكار الدنيوية التي ترتدي ثوب القداسة، والعودة إلى النور الأول الذي أنصف المرأة حين كانت الأرض ظلمات بعضها فوق بعض.

وأخيراً

أدعو إلى ثورة فكرية تعيد للمرأة مكانتها التي منحها الله إياها، وضرورة استقاء الدين من مصادره النقية وعبر علماء يدركون روح العصر ومقا

صد الشريعة، بعيداً عن أهواء التقاليد البالية.


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

تعليق 1
  1. Adrienne3528 يقول

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار