العاصمة

واقع المسخ الديمقراطي ولعبة تصنيع الربيع

0
علاء حمدي
كتبت د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
واقع المسخ الديمقراطي ولعبة تصنيع الربيع : عنوان يبدو فيه الكثير من الاستفزاز. وأقول بصراحة بانني هذه المرة، أردت الاستفزاز…
استفزاز الذاكرة -اليوم تحديدا- بالعودة الى مصدر الربيع العربي، الى المخابر والمصانع الامريكية، إلى السياسات الدولية التي خلقت وأنشأت هذه الثورات الملونة، التي لُقبت بالربيع العربي…
لماذا أعود اليوم إلى الربيع العربي!
الاجابة واضحة: حتى نفهم أن هنالك أطراف سياسية تراهن على النسيان لكننا، نحن، لا ننسى!!!! أطراف تريد ان تسقط من الذاكرة أصل الربيع ومن يقف ورائه، ومن خطط له، والدوافع والرهانات التي كانت وراء الربيع العربي.
أعود بالذاكرة للهجوم الارهابي الذي واجهته الولايات المتحدة الامريكية في 11 من سبتمبر 2001 تحت جورج بوش الابن… هجوم استثمرته الادارة الامريكية استثمارا سياسيا على واجهتين: الواجهة الاولى احتلال افغانستان.
الواجهة الثانية التمهيد والذهاب نحو (بعد فرض العقوبات) نحو احتلال العراق واسقاط نظام صدام حسين.
الواجهة الثالثة من آلية ما بعد الربيع، كانت التسويق للاسلام السياسي في إطار إعادة الخطر الى مصدره ووطنه الأم!!!
من هنا كان تقييم الاجهزة والمؤسسات الامنية، والمجلس القومي الامريكي، أن الخطر يكمن في الاسلام السياسي… الاسلام السياسي يشكل خزان عنف على الاراضي الغربية والامريكية، باعتبار اشكالية الهوية، باعتبار اشكالية الاندماج، وباعتبار الاشكاليات المادية والاقتصادية التي ترتبط بتوسع دائ تاثير الاسلام السياسي في العواصم وفي البلدان الغربية.
الاجابه عن سؤال: لماذا إعادة الاسلام السياسي إلينا؟ لان هنالك ديكتاتوريات وانظمة مستبدة في البلدان العربية والاسلامية… {إذًا الحل ان نقيم الديمقراطية في هذه البلدان على اي شاكلة كانت}… {المهم في هذا أن نعيد الاسلام السياسي الى تلك البلدان، (بلداننا) ولنا في الاسلام السياسي حليف مضمون يمكنه ان يكون في صفنا متى طلبنا منه هذا} … خاصة وان تاريخ الاخوان منذ الاستعمار الانجليزي أوالانتداب الانجليزي لمصر منذ الاستعمار الانجليزي بالاحرى كانوا في منتهى التعاون والتفهم مع السلطات الانجليزية…
ومن هنا،،، التجربة والارتباطات انطلاقا من الدعم القطري، انطلاقا من الاسناد التركي… : مضمون ان يكون الاسلام السياسي في خدمة الاهداف الغربية. لذلك كانت صناعه الربيع !!!!
بالطبع صناعة الربيع استندت الى استراتيجيات مركبة. اولا واول نقطة طرحت هي التحالفات العابرة للايديولوجيات: اي ضم اليسار الى الاسلام السياسي، لكي لا يكون الاسلام السياسي معزولا !!!! غطاء أحزاب ديكور… أحزاب ديكور، لكن هذا الديكور هو القناع الذي اختارته اجهزه المخابرات المركزية بواجهاتها… تلك المنظمات التي يعلمها ويعرفها الجميع منها راند..، مجموعات تم تشكيلها، تم تدريبها في عديد المواقع من العالم، من أجل التمكن من الانترنت، من أجل تحريك شبكات التواصل الاجتماعي… استثمار الغضب الشعبي بغطاء إعلامي يعلمه الجميع… قناة الجزيرة في المقام الاول، لكن ايضا بدرجة اقل فرانس ٢٤…..
هذا هو الاسلام السياسي، بغطاء امريكي، بدعم من احزاب ديكور هي احزاب “الصفر فاصل”، التي تبين بعد الربيع التونسي أنها لا تزن شيئا، أن هذه الاحزاب هي ظواهر صوتية، انها ظواهر ضوئية، -إن صح التعبير-، بمنطق الصورة، وبمنطق التصنيع الاعلامي الذي لا يعادله ولا يقابله اي سند شعبي حقيقي، أو أي عمق جماهيري…
هذه الأحزاب تعود هذه الايام وبجعجعة، نحو اعاده انتاج نفس السيناريو… سيناريو الثورات العربية… الثورات الملونة، من خلال إعادة تشكيل نفس الجبهات وإعاده تشكيل نفس التحالفات، وتجميع الجميع حول رهان الاطاحة بالانظمة العربية، وحلم العودة الى الحكم، الذي شهدنا نتائجه خلال عشرية كاملة كارثية، بمنطق العنف السياسي، بمنطق سوء الادارة، بمنطق سوء التصرف المالي في موارد الدولة، بمنطق دفع الدولة نحو التداين، التفليس، التعويضات…
كل هذا ينضاف الى الحرص على ربط وعلى وصل الاقتصاد التونسي كحلقة تابعة بالاقتصاد التركي وبالمصالح القطرية، ربطه كحلقة تابعة لاستراتيجيات التنظيم العالمي للاخوان.
هذه حقيقة لابد من أن نعود عليها، بقطع النظر عن الانظمة القائمة حاليا، بقطع النظر عن الحالات السياسية التي يمكن ان لا ترضينا،،، الحالات السياسية التي يمكن أن نقف منها مسافة….
لكن، في اخر الامر، الحقيقة، في ان نعود الى تلك المحطة!!! الحقيقة ان ننتبه الى أن الدوائر الغربية، كما برز هذا في بعض البرامج من القنوات الاوروبية، تخطط بالفعل الى العودة لوضع اليد على مقدرات الشعوب الشعوب العربية، لكن ايضا وخاصة، ان تحول تونس الى مجرد مخبر تابع لما تخطط له هذه القوى في علاقة بشبه ديمقراطية، بمسخ ديمقراطي…
الاشكال أننا لم ندرك الحالة الديمقراطية الحقيقة الفعلية… واننا لا نزال في إطار المسخ الديمقراطي، في اطار ما يشبه الصورة المشوهة التي تتبع وتخضع لتعليمات الدوائر الاجنبية.
وهذا ما لا نريده … هذا ما ندعو الى تركه والى مقاطعته…. ان نكون نحن في هويتنا، بارادتنا، بخصوصيتنا، نحن من يؤسس لديمقراطية على ارضية وطنية، لا تنحاز لاي طرف خارجي… تنحاز فقط لمصالح تونس وتونس فقط.
د. ليلى الهمامي.

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار