العاصمة

 “ المتطوّع الذهبي” أمانة قبل أن يكون تكريماً

0

 

علاء حمدي

بقلم د خالد السلامي
الممثل الرسمي للمركز العربي الأوروبي في دولة الإمارات العربية المتحدة

حين وصلتني رسالة تكريمي من فريق “شكراً لعطائك التطوعي”، وبرئاسة فخرية من سعادة الشيخ الدكتور سالم بن ركاض العامري، وبإمضاء سعادة الأستاذ سيف الرحمن أمير رئيس الفريق، شعرت لوهلة أن الكلمات تضيق عن احتواء ما في القلب من امتنان ومسؤولية في آن واحد. أن يُمنَح الإنسان لقب “المتطوّع الذهبي” ليس مجرد لحظة احتفاء عابرة، بل محطة عميقة تدفعه إلى أن يقف مع نفسه وقفة صدق:
ماذا قدّم؟ وماذا يمكن أن يقدّم بعد؟

تكريم عزيز… يلامس القلب والضمير
أعترف أن هذه الرسالة لم تكن بالنسبة لي مجرد إشعار بتكريم، بل كانت بمثابة رسالة تقدير ولمسة وفاء. أن أرى ثمرة مشاركة متواضعة في فعاليات شهر نوفمبر تتحول إلى هذا التكريم الكريم، فهذا فضل من الله أولاً، ثم من إخوة حملوا على عاتقهم مسؤولية نشر ثقافة التطوع والعطاء الجميل في مجتمعنا.
لقد اعتدت أن أنظر إلى كل مبادرة أشارك فيها على أنها واجب وطني وإنساني قبل أن تكون نشاطاً تطوعياً. لكن حين يأتي من يقول لك “شكراً لعطائك”، ويمنحك لقباً يحمل في حروفه الكثير من المعاني، تدرك أن ما تقوم به – مهما بدا بسيطاً – يمكن أن يترك أثراً، وأن هناك من يراقب هذا الأثر ويحتفي به.

“متطوّع في كل بيت”… رؤية تبني مجتمعاً لا يكتفي بالكلام
من أكثر ما لامسني في رسالة الفريق، تلك الإشارة إلى رؤيتهم الجميلة: “متطوّع في كل بيت”. هذه العبارة وحدها تستحق أن تكون عنواناً لحملة وطنية مستمرة، لأنها لا تخاطب فرداً بعينه، بل تخاطب الأسرة بأكملها، وتحوّل التطوع من سلوك فردي إلى ثقافة عائلية تنتقل من جيل إلى جيل.
حين أشارك في مبادرة، أو فعالية، أو برنامج تطوعي، أضع أمامي دائماً هذا السؤال: كيف يمكن لهذه الخطوة أن تلهم شاباً، أو طفلاً، أو ربّ أسرة، ليجعل من العطاء جزءاً من حياته اليومية؟
أؤمن أن التطوع ليس مجرد ساعات تُسجَّل في رصيد أحدهم، بل هو روح تُزرَع في قلب المجتمع، فتنعكس على طريقة تعاملنا، وعلى قدرتنا على الوقوف إلى جانب من يحتاج إلى يد تمتد، أو كلمة تواسي، أو مساندة تلتقطه في لحظة تعب أو ضيق.

ماذا يعني لي لقب “المتطوّع الذهبي”؟
قد يتساءل البعض: ماذا يضيف لقب كهذا إلى مسيرة إنسان؟
بالنسبة لي، هذا اللقب ليس ميدالية تُعلَّق على الجدار أو يُلتقط معها صورة للذكرى؛ إنه في جوهره عهد جديد أمام نفسي وأمام ربي وأمام المجتمع. هذا اللقب يذكّرني في كل مرة أقرأه أن هناك من وضع ثقته في التزامي بالعطاء، وأن كل خطوة قادمة يجب أن تكون على قدر هذه الثقة. كما يحمّلني مسؤولية أن أكون – قدر استطاعتي – نموذجاً يحث الشباب على الانخراط في العمل التطوعي، لا بالكلام فقط، بل بالفعل والمشاركة الحقيقية.

أشعر أن هذا التكريم جاء ليقول لي بصوت واضح: استمر… فطريق العطاء طويل، ولكن ثماره أطيب مما تتخيل.
من القلب إلى فريق “شكراً لعطائك التطوعي” لا يمكن أن أتحدث عن هذا التكريم دون أن أوجّه من القلب رسالة شكر وامتنان إلى فريق “شكراً لعطائك التطوعي”، قيادةً وأعضاءً.

إلى سعادة الشيخ الدكتور سالم بن ركاض العامري، الرئيس الفخري للفريق، أقول: لقد أضفتم لهذا التكريم بوجودكم وبدعمكم بعداً خاصاً، يعكس اهتمامكم الكبير برسالة التطوع وقيمه الإنسانية.
وإلى سعادة الأستاذ سيف الرحمن أمير، رئيس الفريق، وكل فرد من هذا الفريق المبارك: شكرًا لكل دقيقة قضيتموها في تنظيم فعالية، أو إعداد برنامج، أو دعم مبادرة، أو تكريم متطوع. أنتم تصنعون بيئة يعيش فيها المتطوع شعور الانتماء والتقدير، وهذا من أعظم ما يمكن أن يُقدَّم لمن يبذل وقته وجهده لوجه الله وخدمة المجتمع.
أنتم مدرسة في صناعة الأثر الإيجابي، ومثال على أن العمل التطوعي حين يُدار باحتراف، يمكن أن يصبح قوة تغيير حقيقية في المجتمع.

التطوع… جزء من هويتي الشخصية
على المستوى الشخصي، كنت دائماً أرى أن التطوع ليس نشاطاً جانبياً، بل هو جزء من هويتي التي أعتز بها.
حين أشارك في مبادرة، أشعر أنني أعيد اكتشاف نفسي.
أتعرف على طاقات جديدة في داخلي، ألتقي بأشخاص ملهمين، أرى قصصاً لا تُنسى، وأتعلم أن الإنسان مهما بلغ من منصب أو درجة علمية يبقى بحاجة إلى هذه اللحظات التي يقف فيها وجهاً لوجه أمام الواقع، أمام احتياجات الناس، وآمالهم البسيطة، وتطلعاتهم الصغيرة التي قد تغيّر حياتهم بأبسط مبادرة.
التطوع يعلّمنا التواضع قبل أي شيء آخر، ويذكّرنا بأن قيمتنا الحقيقية ليست بما نملك، بل بما نعطي.

عهد جديد مع كل لقب جديد
اليوم، وأنا أكتب هذه السطور على موقعي الشخصي، أجدّد عهدي لنفسي وللمجتمع بأن يكون لقب “المتطوّع الذهبي” منطلقاً لمزيد من العمل لا محطة توقف.
سأظل بإذن الله حاضراً حيثما دعت الحاجة إلى كلمة، أو مشاركة، أو دعم معنوي أو ميداني، وسأحرص على أن أكون إلى جانب كل مبادرة صادقة تسعى لصناعة فرق حقيقي في حياة الناس.

وآمل بكل صدق أن أسهم، ولو بجزء يسير، في تحقيق رؤية أن يصبح في كل بيت متطوّع، وأن تتحول ثقافة العطاء إلى مكوّن أساسي في شخصيتنا الوطنية والإنسانية.
في الختام، أتقدّم مجدداً بأسمى آيات الشكر والتقدير لكل من كان وراء هذه اللفتة الكريمة، سائلاً المولى عز وجل أن يوفّقنا جميعاً لمزيد من البذل والعطاء، وأن يحفظ دولتنا الحبيبة وقيادتنا الرشيدة، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، نافعة لوطننا ومجتمعنا


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار