العاصمة

منظومة الاتحاد المغاربي بين الوحدة والتقسيم الاستعماري

0
كتبت د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
الجدل والنقاش حول الوضع العام في شمال افريقيا او المنطقة المغاربية هو جدل يرتبط بعديد المسائل والقضايا في الواقع: قضية التقسيم الاستعماري حدود البلدان التي تشكل منظومه الاتحاد المغاربي؛ ليبيا تونس الجزائر المغرب وموريتانيا.
المسألة الثانية تتعلق بمصير الوحدة في هذه المنطقة، باعتبار ان عناصر التكامل الاقتصادي والتاريخي واللغوي والثقافي متوفرة لتشكيل كتلة.
المسألة الثالثة مسالة الهيمنة والنزاعات المزمنة التي سادت المنطقة، والتي كانت من المعوقات الاساسية، التي حالت دون -لا اقول الوحدة- وانما، توحيد بعض السياسات لما فيه مصلحة شعوب المنطقة.
ملاحظة اولى، أن الاستعمار خاصة منه الاستعمار الفرنسي، كان يراهن على ضمّ الجزائر الى مجال السيادة الفرنسية. وأَعمَلَ الهندسة في تقسيم ورسم الحدود بطريقه ظالمة لتونس… لن أقدّم مزيد المعطيات..، الكل يعلم أن فرنسا كانت تراهن على الجزائر، من أجل أن تبقى تحت السيادة الفرنسية، وأن استثمار فرنسا في الجزائر استثمار في مستوى البنية التحتية على الاقل، استثمار لا يمكن ان يقارَن بباقي البلدان… أكيد استثمار بمقابل، أكيد استثمار مقابل استغلال الثروات الجزائرية، لكن هذا أيضا خاصة في علاقة بالصحراء وحدود الصحراء فيه نظر وفيه قول.
الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة أراد مجاوزة أسباب
الخلاف.
(خطاب الرئيس التونسي 1963 INA)
لكن، ذلك موضوع مطروح، أراد من أراد وكره من كره. هذا تاريخ لا يمكن أن يزيَّف، لا يمكن ان يخضع للمضاربات السياسة ولا لاكراهاتها…
المسألة الثانية هو منزع الهيمنة: فقد لوحظ بالفعل في أكثر من مناسبه ان البعض من الاخوه الجزائريين قصيري النظر او ضعيفي الذاكره (نواب برلمان واعلاميون) لم يتفطنوا الى ان تونس هي الأصل تاريخيا، أقول هي الاصل ولا أتحدث هنا عن الجزائر، لكن تونس كان دائما رقما اساسيا في مختلف مراحل التاريخ، بداية من قرطاج!!! ولن أعدد المراحل، ولن أحدد الردهات التاريخية، لكن تونس معطى أساسي وحيوي.
وحتى لو تجاهلنا التاريخ، في مستوى الراهن، أكيد أن تونس تعيش صعوبات وتعثرات، لكن على الجميع أن ينتبه الى ان تونس قادرة على قلب موازين القوى إقليميا رأسا على عقب. بالطبع أقول هذا، وانا على وعي تام بمعطيات الواقع. لا تبهرنا احصاءات الخردة.
المسالة الثالثة هي أن كل شعارات القومية، الشعارات التي تزينت بها انظمة استبدادية في المشرق وفي المغرب العربي، تناقض حقيقة الانانية في مستوى السلوك القُطري، -لكي أقوم بسرقة هذا المفهوم من معجم إيجيولوجيا القومية العربية-.
عندما يتعلق الأمر بمصالح قطرية، الانانية تستفيق، والمنزع القطري الانعزالي يتخذ اشكالا بغيضة، وتسحب تلك الشعارات المبهرة؛ شعارات الوحدة والقومية ووحدة المصير..، كلها تسحب!!!
عندما يتعلق الأمر بالثروات، الجميع يحاول أو أغلب المنتسبين الى الفكر القومي يحاول ان يستاثر لنفسه بتلك الامتيازات، حتى وإن كانت تلك الامتيازات مشكوك في مشروعيتها…
في ما يخص قضية البوليساريو ، أعلم جيدا واشعر بالاحباط الذي يشعر به الإخوة والأخوات في الجزائر، جراء قرار مجلس الأمن بضم الصحراء الى السياده المغربية… لكنني أقول بأن من يسعى الى بناء الوحدة، يتجاوز ويمتص التباينات والاشكاليات الجزئية، وهذا هو الاساس.
هذا هو الحل الذي أنادي به، بعيدا عن الطوباويات وبعيدا أيضا عن المنطق السلبي أو الاستسلامي أو الانهزامي أو العدمي.
من يمكنه الصراع، يمكنه أيضا التأسيس للحلول الايجابية وأردت أن أكون في كل رسائلي ايجابية.
د. ليلى الهمامي.

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار