
أكبر الهزائم التي مُني بها العرب الهزيمة النفسية
كتبت د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
أقول الهزيمة النفسية وأعود الى ما دوَّنَـهُ العلاّمة ابن خلدون حول “المهزوم”، واقتداء المهزوم بالمنتصر والغالب…
لكن الهزيمة لدينا، هي هزيمة النخبة، او لِـنَقُـل، بأكثر دقة او بأكثر احتراز وتوازن، قطاع من النخبة المثقفة والمسيَّسة، التي من المفروض أن تقود المجتمع، بحكم العلم والمعرفة.
هذه النخبة التي تكوّنت منذ انتصاب الاستعمار الغربي بألوانه، خاصة الانجليزي والفرنسي، وجزئيا الايطالي والإسباني، هذه النخبة التي صُنِّـعَت في وَعيِـها وفهمها، في نظام التعليم الانجليزي والفرنسي ثم الامريكي، بعد خمسينات القرن الماضي، بقيت سجينة النموذج الغربي، النموذج الاستعماري… تنتصر لذلك النموذج الدخيل، تعود لنظام قيمه،،، بل انها تدين له بالولاء !!!
هنالك صورة، صورة التلميذ والاستاذ في النظام السكولاستيكي القديم الوسيط على وجه التحديد، هذه النخبه تشعر بالغبطة والسعادة، متى اعترف لها سيدها الاستعماري، بميزه، او بتفوق، او بإنجاز … هذه النخبة هي التي وجدناها بعد الخمسينات في الحكم، والتي وجدناها في سياقات السبعينات والثمانينات خاصة والتسعينات، وجدناها في المعارضه …
هذه النخبة التي أقامت بين مكوّناتها وعناصرها شبكات علائقية ، هذه النخبة التي غالبا ما نجد أنها تُصاهر الفرنسيين والانجليز..، وما شابه…
كأن في المصاهرة وفي الزيجات السياسية قصدّ يترتب عنه حماية، يترتب عن هذه الزيجات حماية خاصه، لتلك الشخصيات… وتلك الزيجات مكّنت بعضهم من مواقع قيادية في الدولة…
وجدت نفسي مدفوعة الى الحديث عن هذا الموضوع الذي في الغالب لا يجرؤ على التحدث فيه أحد، أن هذا الموضوع من أسرار الكواليس، في حين أنه واضح للعيان، في حين أنه معلوم من الجميع… لكنه لا يُنتبه اليه، لا يُتفطن اليه، لكونه يبدو كأنه من البديهي الممنوع ، والحال أن الموضوع، موضوع خطير تتشابك فيه لعبة المخابرات، على لعبة التسويق السياسي، على لعبة الدعم العلني لتلك الشخصيات او لتلك الاطراف… تلك الشخصيات التي نجدها في عديد المواقف تدفع لتسويق طروحات، وللدفاع عن مصالح المستعمر القديم العائد من ثنايا الطرقات الوعرة… وخاصة المتسلل عبرهم وعبر الوكالة التي منحها اياهم، الى الساحة الوطنية…
أقول هذا على الرغم من أنني عرفت الغرب..، وعشت في المؤسسات الغربية الاكاديمية والمالية والاقتصادية البحثية والسياسية ايضا…
أعتقد أن هذه الخلاصة، وهذه التجربة تُحيلنا الى مشروع هام هو مشروع لإصلاح النخبة؛ اقول مشروع اصلاح النخبة لأننا بصراحة، لدينا الامكانات، ونحتاج الأموال الموجودة المتراكمة في البنوك الغربية والتي من المفروض ان يُنفَق منها ولو القليل القليل من الاعتمادات، من أجل بعث مراكز دراسات استراتيجية لصالح العرب!!!
مراكز قد تكون في الشرق في الغرب..، يمكن تحقيق هذا. جامعات عربية عالمية موحدة بين الكوادر وبين الباحثين من تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا ومصر وكل العالم العربي وبلدان الخليج كل بلدان الخليج…
أعتقد ان إنجازات كبرى يمكن ان تتحقق بمجرد قرار، بجرة قلم مقرر، يمكننا تخريج نخب معافاة من عقدة الشعور بالذنب، نخبا معافاة من سذاجة وسطحية من يعتقد اننا ندين للاستعمار بأي شيء إيجابي.
هذا ما اردت قوله اليوم، واعتقد أن ثمة من سيتفاعل وثمة من سيناقش. لكن، في كل الحالات، أفكر وأنشغل بهموم العرب، لانني بالفعل أومن أن التباينات والاختلافات والتعدد الاثني والديني والثقافي الخاص، لا ولن ينفي وجود جسم ضخم متهالك، لكنه قادر على أن ينهض، وبقوة: هو جسم الأمه العربية.
د. ليلى الهمامي.
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.