
قانون الإجراءات الجنائية.. محمد أبوشقة: الحبس الاحتياطي ليس الأصل.. ويمكن حل المادة 105 بتعديل قانون المحاماة
إيمى عمرو
– أستاذ القانون: مجلس النواب استرد ولايته على مشروع القانون.. ويجب إجراء معالجة تشريعية كاملة
قال الدكتور محمد بهاء أبو شقة، أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض، إن ما أبداه رئيس الجمهورية من أسباب الاعتراض على 8 مواد بمشروع قانون الإجراءات الجنائية لا يمنع مجلس النواب من استرداد كامل ولايته في إعادة بحث المشروع برمته.
وذكر أبو شقة، في لقائه مع الإعلامي عمرو أديب، إن الإشكالية القانونية حاليًا هو أن مجلس النواب قصر دوره على إعادة مناقشة المواد محل الاعتراض، وجزم بأن ولايته على مشروع القانون قد زالت بشأن باقي المواد التي لم يُعترض عليها.
وبمراجعة المواد المنظمة لهذه الإشكالية، أوضح أبوشقة أن المادة 123 من الدستور لم تلزم رئيس الجمهورية بتحديد مواضع الاعتراض على مشروع القانون، لكن المادة 177 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب هي ما نصت على إخطار رئيس المجلس بالاعتراض وأسبابه.
وأكد أن هذه النصوص لا تقيد مجلس النواب في مراجعة المواد المعترض عليها فقط، وأنه بمجرد رد رئيس الجمهورية مشروع القانون للمجلس فقد عادت ولايته الكاملة عليه.
وأوضح أنه وفقًا للدستور يمتلك رئيس الجمهورية الاعتراض على مشاريع القوانين دون إبداء أسباب، وقد يكون ذلك لمجرد الموائمة السياسية أو عدم مناسبة توقيت الصدور، حتى ولو لم يكن بمشروع القانون أي مشكلات أو عوار، وهو ما قصده المشرع الدستوري حتى يُحدث توزان بين السلطات.
– معالجة تشريعية تحتاج لوقت كافٍ
وأكد أبو شقة أن اعتراضات رئيس الجمهورية ستقود حتمًا لمعالجة تشريعية تطوف على مواد مشروع القانون بأكمله والتي تتجاوز 500 مادة، وستؤدي إلى تعديل مواد أخرى غير المعترض عليها، بالإضافة إلى استحداث مواد جديدة.
وأضاف أنه لا توجد نصوص تُلزم مجلس النواب بالانتهاء من إعادة دراسة مشروع القانون في وقت محدد، خاصة أن مجلس النواب الآن في فترة يطلق عليها بفترة “الريبة السياسية” قبل انتخاب المجلس الجديد خلال شهرين.
وأعطى أبو شقة مثالًا بقانون التجارب السريرية الذي شمل 35 مادة فقط وأعاده الرئيس إلى مجلس النواب في أكتوبر 2018 وظل المجلس يفحص الاعتراضات على نحو 15 مادة حتى صدر القانون في عام 2020.
وقال إن الاعتراض الرئاسي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية فتح بابًا ذهبيًا لوضع استراتيجية متكاملة للعدالة، ولم ينكر أحد دور مجلس النواب الحالي في إعداد هذا المشروع، لكن الأمر بحاجة لوقت كافٍ يمتد للمجلس القادم الذي سيبدأ فترته في يناير المقبل.
– التحقيق مع المتهم في حضور محام
أكد أبوشقة أن الدستور الحالي نص صراحة على وجوب حضور محام مع المتهم خلال التحقيق، ولم ينظر إلى أي حالات استعجال أو ضرورة تستدعي بدء التحقيق بدونه.
وقد أثيرت خلافات خلال مناقشات اعتراضات رئيس الجمهورية على المادة 105 من مشروع القانون، بسبب اقتراح الحكومة إضافة عبارة تجيز التحقيق مع المتهم أمام النيابة العامة بدون حضور محاميه في بعض الحالات، لتتناسق مع المادة 64 من المشروع ذاته التي منحت مأمور الضبط القضائي -المنتدب من النيابة- استجواب المتهم في الأحوال التي يُخشى فيها فوات الوقت، وذلك دون اشتراط حضور محاميه الموكل أو المنتدب.
وأوضح أبوشقة، أن المادة 54 من الدستور الحالي تنص على أنه “لا يبدأ التحقيق معه المتهم إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، نُدب له محام”، كما نصت المادة 98 من الدستور أيضا على أن “حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول…” وحذف عبارة “على النحو الذي يحدده القانون” التي كانت موجودة في الدستور السابق، وبذلك لم يعطي المُشرع الدستوري، المشرع العادي، أي تفويضًا في ذلك، وإنما أصبح الخيار للمتهم.
وقدم أبوشقة حلًا لمسألة احتمال عدم وجود محام موكل من المتهم أو منتدب بنقابة المحامين وقت التحقيق، موضحًا أن الحل ليس في قانون الإجراءات الجنائية، ولكن يمكن بالتوازي إصدار تعديل في قانون المحاماة يُلزم نقابة المحامين بوضع جدول بأسماء المحامين المنتدبين، نصًا إلزاميا يترتب عليه جزاءً.
– الحبس الاحتياطي ليس الأصل
وبشأن المواد الخاصة بالحبس الاحتياطي، قال أبو شقة إنه على الرغم من التعديلات في السنوات السابقة للحد من الحبس الاحتياطي وفترته، فإن حالاته لم تتناقص في مصر، مشيرًا إلى أن الفكرة ليست في النص المجرد ولكن في ثقافة من يطبق النص ويتعامل معه.
وأوضح أبو شقة أن فلسفة المُشرع تمكن في كون الحبس الاحتياطي هو الإجراء البديل وليس الأصل، ولا يلجأ إليه المحقق إلا إذا لم يكن هناك سبيل آخر، وبالتالي فإن التدابير التي يُطلق عليها “بدائل” يجب أن تكون هي الأصل الذي ينظر إليه المحقق.
يذكر أن اللجنة الخاصة المشكلة لدراسة اعتراضات رئيس الجمهورية على مشروع القانون، تناقش زيادة بدائل الحبس الاحتياطي -وفقًا لطلب رئاسة الجمهورية- ومن بينها التتبع الإلكتروني، ومنع المتهم من التواصل مع أشخاص بعينها.
– مشاكل دستورية في وجود قاضي تحقيق
أشار أبو شقة إلى أن المادة 189 من الدستور الحالي، تنص على أن “النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء، تتولى التحقيق، وتحريك، ومباشرة الدعوى الجنائية عدا ما يستثنيه القانون..”.
وأضاف أن لجنة العشرة التي وضعت دستور 2014 استعانت برئيس مجمع اللغة العربية آنذاك، الدكتور صلاح فضل، والذي فسر بأن وجود الفصلات في المادة 189 تعني بأن ما قبلها يُغاير ما بعدها في المعنى، بما يعني أن الاستثناء الوارد بالمادة يقتصر على مباشرة الدعوى الجنائية فقط وليس التحقيق فيها وتحريكها.
وأوضح أن المادة تقصر التحقيق في الدعوى وتحريكها على النيابة العامة، في مقابل أن مشروع القانون الحالي لا يزال ينص على وجود قاضي تحقيق، وهو ما قد يفتح باب الطعن في دستورية القانون بعد صدوره.
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.