العاصمة

سلنى أولا كيف ربيت الوعى؟!

0

 

بقلم د : شيرين العدوي

لا تسألنى لماذا يصدق الشعب، بل سلنى كيف ربيت عقله؟ أعلم أننا مهما كتبنا فى عصر يستخدم الذكاء الاصطناعى الذى يتحدى الإنسان صانعه، فإن كتابتنا تذهب أدراج الرياح. ففى عصر تتولد فيه مليارات الكلمات فى كل فيمتوثانية، لهو عصر بلا وعى أو هوية ففيه تتضارب الأفكار، وتزيف المعارف،

وتبنى النظريات لأهداف سياسية واستراتيجية. إننا مع الأسف علينا الآن فقط أن ندرك أننا فى عصر العبودية الرقمية، فمنذ آلاف السنوات ونحن عبيد لأى شيء ولكل شيء، أبسطها الموبايل الذى بين أيدينا الآن، وأعمقها أننا عبيد للنظريات الأحادية والمعتقدات البالية.

هكذا صرنا عبيدا فى عصر تتسارع فيه وتيرة المعلومات وتتنوع مصادرها؛ لذلك أصبح من الضرورى أن نعيد التفكير فى كيف نربى الوعى الرقمى والإعلامى حتى نرفع قليلا طوق العبودية عن رقابنا؟.

وأحيى معالى وزير التربية والتعليم على إدماج مادة الذكاء الاصطناعى فى المدارس، فهذه بداية جيدة لعصر يعلم جيدا متطلباته ومستجداته وكيف يواجهها. وأعود إلى مشروع أنادى به؛ ألا هو مشروع التربية الإعلامية الذى أعتبره واحدا من المشاريع الحيوية التى تهدف إلى تحرير العقل وبناء الوعي. يقول الإعلامى دانييل بيل: «إن المعلومات هى القوة، لكنها قوة تحتاج إلى توجيه». فبدلا من أن نستقبل الرصاصة فى عقولنا دعونا نقذف بها منتجها.

إن فكرة التربية الإعلامية تعتمد على دمج مواد إعلامية فى المناهج الدراسية، ثم تدريب المعلمين؛ وذلك عن طريق تقديم ورش عمل حول كيفية تدريسها، ثم تنظيم فاعليات إعلامية مستمرة حول مواضيع إعلامية شائكة، وعمل محاكاة مجتمعية للطلاب حول هذه المواضيع لبناء الفكر والفكر المضاد. مع تنظيم مسابقات إعلامية لتنمية مهارات الفكر النقدى والإبداعى فى استخدام جميع الوسائط الإعلامية. كما يوصى بعمل شراكات مع كبرى الشركات المتخصصة فى الإعلام والمؤسسات الأكاديمية لتبادل الخبرات.

وتعتبر مادة التربية الإعلامية ضرورية فى تعزيز التفكير النقدى لدى الطلاب. فوفقًا لنظرية «التحليل النقدى للوسائط» التى طورها الإعلامى الكندى مارشال ماكلوهان، فإن وسائل الإعلام ليست مجرد أدوات لنقل المعلومات، بل هى أنظمة تؤثر على كيفية تفكيرنا وتفاعلنا مع العالم. من خلال تعليم الطلاب كيفية تحليل الرسائل الإعلامية، وفهم السياقات التى تأتى منها. فهكذا يمكنهم اتخاذ قرارات أكثر وعيا.

وتشير الدراسات إلى أن وسائل الإعلام تلعب دورًا كبيرًا فى تشكيل الآراء العامة والسلوكيات. يقول العالم النفسى الأمريكى إريك فروم: «إن وسائل الإعلام تسهم فى تشكيل الوعى الجماعي، مما يجعل من الضرورى أن نكون واعين لما نتعرض له».
لذا، فإن مشروع التربية الإعلامية يسعى لتعليم الأفراد كيفية التمييز بين المعلومات الصحيحة والمغلوطة، مما يعزز من قدرتهم على مواجهة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة.

إن مشروع التربية الإعلامية ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة ملحة فى عالم اليوم. كما يقول الإعلامى الأمريكى مارك توين: «الأخبار الكاذبة تنتشر أسرع من الحقيقة».
لذا، وجب علينا جميعًا كمجتمع أن ندعم هذا المشروع لضمان أن تكون مجتمعاتنا قادرة على التفكير النقدى والتفاعل بشكل إيجابى مع المعلومات. إن الاستثمار فى تعليم النشء التربية الإعلامية لهو استثمار فى مستقبل أكثر وعيا وذكاء.


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار
أول تعليق من والدة آية عادل ضحية العنف الزوجي بالأردن بعد تأجيل الحكم على الزوج: أطالب بالمؤبد ترامب يطالب نتنياهو بـ"توخي المزيد من الحذر عند مهاجمة الآخرين".  خافيير بارديم النجم الإسباني: لن أعمل مع أي شركة في صناعة السينما أو غيرها تبرر الإبادة الجماعية وت...  حادث إطلاق نار بمنطقة مساكن مدينة ناصر، بدائرة قسم ثان سوهاج "موقف سياسي جامع".. السفير حسام زكي يؤكد أن قمة الدوحة لا تتجه نحو اتخاذ "إجراءات عملية"، ويوضح أن ه... "أقرب إلى السخرة".. الإعلامي عمرو أديب يسلط الضوء على "كارثة" الأجور في مصر، ويكشف أن الآلاف من الع... "فخورون بتمثيل مصر".. مدرب بيراميدز معتصم سالم يؤكد أن فوز فريقه بلقب بطولة الإنتركونتيننتال دفعة ق... لماذا لم يظهر الأهلي بمستوى النجوم؟ نجم الأهلي السابق خالد جاد الله يحلل أداء الفريق، ويؤكد أن حسين ... بعد مشاركته في مهمة سلام.. مستشار ترامب، ستيف ويتكوف، يبيع حصة في شركته بـ120 مليون دولار بعد إصابة 26 شرطيًا.. زعيم المعارضة البريطانية كير ستارمر يؤكد أن بلاده "لن تتسامح" مع الاعتداءات عل...