العاصمة

شبح الإعلام في العالم العربي

0
بقلم د. ليلى الهمامي
من أهم اسباب التوتر والتأزم في الوضع التونسي ولعلي اقول الوضع العربي بصفه عامه، هو الاعلام أو المؤسسة الاعلامية.
كيف تشتغل؟ كيف تتشكل؟ كيف تتهيكل؟ ما هي اهدافها؟ من هم المنتمين اليها مهنيا وحرفيا؟…
هذه إشكاليات حقيقية، اشكاليات تضعنا امام استحقاق اصلاح المنظومة الاعلامية، انطلاقا من مقولة بسيطه جدا:
“ان من لا يمتلك صناعه الراي العام في بلده لا يمكن ان يكون سيدا”. السيادة الوطنية تفترض ان نتحكم في صناعة الراي العام لدينا.
الواقع أننا في حرب اعلامية في سماء مفتوحة. الثورة التكنولوجية جعلت العلاقة بين البلدان والفضاءات الاعلامية علاقة حينية علاقة اتصال حيني، اتصال مباشر في اي مكان…
في اي نقطة من العالم يمكنك ان تكون في اتصال مباشر حقيقي وحيني مع اي نقطة في العالم من الجهة الاخرى…
اعلامنا لا يزال بعيدا عن الحرفية… اقول بعيدت عن الحرفية بقطع النظر عن مسالة المعطيات والدقة وغياب الاحصاءات. وهذا أمر مرتبط ومرتهن أيضا باوضاع سياسية عامة، بعطالة المؤسسات، بصعوبة الوصول الى المعلومة العلمية التي من شانها ان تجعل التحليل ذو قيمة ودقيق وصارم…
هذه معطيات هامة وهذه معطيات لابد من ان نشير اليها…
لدينا حقيق، اشكال في الوصول الى المعلومة، لدينا اشكال بالنسبة للباحث وللاعلامي و بالنسبة لكل من يسعى للاطلاع على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية… غياب الاحصائات الدقيقة والمفصلة وفق ابواب ومناهج البحث العلمي…
لكني الى جانب هذا، اردت ان اشير الى امر اقل تعقيدا؛ وهو تعاطي الاعلام سواء الاعلام الالكتروني او الاعلام في شكل الميداني او الاعلام الكلاسيكي او الورقي او كل اشكال الاعلام والميديا… لدينا كلها متخلفة… متخلفه باعتبار عدم النظر… او باعتبار معطى الاقصاء.
اذا كانت ثمة مؤسسة تمارس الاقصاء والاستثناء والفرز الظالم فهي المؤسسة الاعلامية… اتحدث هنا عن المؤسسة الاعلامية العمومية والحكومية كما يشار لها في الشرق او الخاصة او الحرة … كلها تمارس الفرز كلها تمارس الاقصاء،،، وان شرّكت، فلغاية المهزلة والتبخيص!!!
هذا هو الاعلام لدينا هذا هو الاعلام المريض،،، اعلام تحكمه الجهويات، اعلام تحكمه الالوان السياسية، اعلام تحكمه الشبكات العلائقية الشخصية المحظة، اعلام يقصي لا فقط الضيوف، وانما يقصي كذلك الكفاءات ايضا من المحللين والمفكربن والفنانين والاعلاميين والسياسين الذين لا يروقون لبعض اللوبيات…
المشهد الاعلامي في تونس يبدو حاليا كشكل من المحاصصة بين السلطة ومن يوالي السلطة من جهة، وبين من يعارضها.
بعض المناطق، بعض المنصات الاعلامية، لا تزال تتبع ولو باحتشام او بمحدوديه ما، المعارضات الراديكالية ل 18 اكتوبر والتنظيمات المرتبطة بالربيع العربي.
تجريبيا تعرضت شخصيا لاشكال من عنف الاعلام، وكنت شديدة التمسك بقاعدة ضبط النفس … ولم اتجاوز قواعد اللياقة، وبقيت مراعية للجانب الانساني، عندما تم ايقاف بعض الاعلاميين وغيرهم.
لكن اعود لاقول بان اعلامنا متخلف، لا يمكن ان تكون ديمقراطيا، لا يمكن ان تطالب بالتحديث، وان تطالب بالعصرنة وانت مستبد… إن ثمة مستبد متنكر وراء الواجهة الاعلامية متخفٍّ وراء الواجهة الاعلامية، هو الاعلامي نفسه.
بعض الاعلاميين يمارسون ابشع اشكال الاستبداد، ابشع اشكال العسف والاعتباط في الحكم على الظواهر والاشخاص وفي ممارسة الاقصاء والاستثناء… وهذه امور لابد من ان ننظر في اتجاهها. لا يمكن لامة ان تكون ناهضة، لا يمكن لشعب ان يكون وعيا، باعلام يشتغل وفق مزاجيات ومصالح جزئية وخاصة… بل اكاد اقول بانها شخصية، وهي بالفعل شخصية في عديد الحالات.
لا يمكن ان نتقدم باعلام كهذا، لا يمكن ان اتقدم باعلام مريض، لا يمكن ان نتقدم باعلام تحت مسمى الديمقراطية يمارس ابشع اشكال الاستثناء وابشع اشكال السحل. ضروري ان نشير الى مَواطن الداء قبل ان نخوض في تفاصيل البرامج، قبل ان نخوض في تفاصيل الرؤى والتصورات والفلسفات التي يمكن ان تباعد بين هذا وذاك. وهذا امر يطرح بعد ان نصلح المقفز الذي عليه يمكن ان نتوثب لمستقبل افضل.
أضيف وآسفة على التكرار، أن انعدام الحرفية هو الذي دفع بعض اشباه الاعلاميين الى تقديم احكام مسبقة حول شخصي والى ممارسة السحل على بلاتواهات تحت مسمى تحليل،،، تحليل اخر زمن!!!
أشياء قيلت حول كتاباتي تدفع الى الغثيان نفس الشيء وفي ذات السياق ثمة من يسوق من خلال الصحافة الالكترونية الى ما اتفق من الكتابات… هنالك من يكتب اي تفاهة فيسوّق لها على اساس انها تصريح عبقري، في حين يقع اهمال تحاليل ومقاربات جدية وعميقة.
اعلامنا بالفعل مريض، اعلام ينتصر لزيد، ينتشل جثثا ليبعث فيها الروح… تكرار واجترار في دعوة بعض الشخصيات السياسية، حتى وان اثبتت الانتخابات على مر العصور انها لا تمثل شيئا…
ثمه يد خفية تحرك هذا الاعلام، حرب اشباح، على بلطجة، على ابتزاز، على قطع طرق… اعلام وسياسة في حالة ازمة!!!
هذا ما اردت بيانه، وهذا ما اردت اصلاحه… اما ان نبقى في وضع انتظار وترقب وان نخضع للابتزاز والضغط والترهيب من هؤلاء الذين وصفوا انفسهم ونعتوا انفسهم زورا وبهتانا بكونهم اعلاميين، فهذا امر لاغٍ أمر لا اقبل به ولن أقبل به!!!

اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار