العاصمة

ساحرة بوخنفالد..

0

إيمى عمرو

اللي في الصورة دي إلسا كوخ ‎أو‎ ساحرة بوخنفالد.

 

قصتها مُرعبة..

 

سنة ١٩٠٦ اتولدت “إلسا” في درسدن – ألمانيا وعاشت حياة هادية جدًا..

 

حتى انها التحقت بمدرسة “المُحاسبة” واتعرف عنها الإلتزام والاحترام، بس كمان انها انطوائيّة وبتحب العُزلة، ومش بتخرُج كتير..

 

بس حياتها هتتقلب رأسًا على عقب..

 

سنة ١٩٣٦ لما تتزوّج من چنرال “ناaي” اسمه “كارل اوتو كوخ” وبعدها تنتقل للعمل كسكرتيرة بواحد من مُعسكرات الإعتقال في أورانينبورغ..

 

عاشت جُوّة “المُعتقل” وسط الظُباط والموظفين بالاول في هدوء شديد، حاولت تتأقلم، بس ما قدرت تتكيّف مع الأوضاع اللي كانت غريبة عليها..

 

بدأ يظهر جانب غريب مِن شخصيتها..

 

فكانت بتراقب عمليات الاعتقال والتعذيب..

 

تشُوف بعينيها تنفيذات الإعدام بطُرق شديدة الوحشية..

 

تراقب كُل التفاصيل وتركز بكُل صرخة ألم، احساس يأس وظُلم، بهدوء شديد..

 

وفي اللحظة دي، كان في حاجة جواها بتتغيّر..

 

خوفها الأول اتحوّل مع الوقت لإثارة، والإثارة دي بقت وقود لرغبة جديدة ما كانتش تعرف إنها موجودة جواها..

 

مرت سنة..

 

يترقى زوجها ويتنقل ل”فايمار” عشان تتعيّن بواحد مِن أكثر مُعسكرات الأعتقال وحشيّة على الإطلاق..

 

‏‎ مُعسكر بوخنفالد “ ‎أو‎ “ Buchenwald مقر التعذيب الأهم بألمانيا..وهناك ظهرت ظلاميّة نفسها اللي كانت مستورة جُوّاها عبر السنين..

 

ولأنها كانت المرة دي معروُف انها زوجة الچنرال، وسكرتيرة رئيس السجن، كانت كُل يوم بتخرُج بحُصانها وتتمشى وسط المساجين أو حديقة السجن..

 

بس عدى وقت وبدأ يظهر منها تصرُفات غريبة.. مُرعبة.

 

اتشهرت “إلسا” بسوط كانت بتمشي بيه وسط المساجين وتضربهم بيه، واللي يعترض بتشاوّر للحُراس عليه عشان يتم اقتيّاده لغُرفة الإعدام بالغاز..

في الأول كان الأمر مجرد متعة عابرة بالنسبة لها، لكن مع كل مرة تضرب فيها، ومع كل صرخة، كان جواها بيتفتح باب أوسع للشر.

 

ليه..؟

 

تقريبًا، استمتاعها بتعذيب غيرها وبتتلذذ بارسالها ليهم للقتل فورًا، كان بيديها شعُور بالقُوّة والإحساس بالقُدرة على التحكُم في مصير رجال..

 

ابتسامتها الباردة وسط أنينهم كانت أوضح من أي كلمة..

 

كأنها بتسمع موسيقى خاصة بيها محدش بيسمعها غيرها..

 

يستمر الموضوع ده بالشكل المُخيف ده..

 

ويتطوّر عندها هوّس جديد ملعُون أكتر..

 

لو حد مِن المساجين عنده وشم يعجبها مثلاً، تأمُر بإعدامه فوّرًا بس قبل كده يتم سلخه حيّ عشان تحتفظ هي بقطعة الجلد اللي عليها الوشم سوّاءً مأخوذ من ذراعه أو رجله..

 

لكن الكارثة إنها ما اكتفتش بده..

 

اللي جاي كان أظلم وأبشع من أي شيطان ممكن يتصوّر..

 

ومن هنا بدأت حكايتها تبقى أُسطورة سوداوية..

 

وعشان كده اللي كانوا معاصرين للأحداث سموها “ساحرة بوخنفالد”..

 

مش بس علشان قسوتها وتعذيبها للمساجين، لكن كمان بسبب الهوس المَرَضي بالجلود المُوشّمة اللي كانت تحتفظ بيها..

 

الموضوع خرج عن حدود المعتقل..

 

بقى فيه كلام بيقول إنها كانت بتستخدم الجلد البشري في صناعة أباجورات، كُتب مُجلدة، وأحيانًا أغراض شخصية..

 

سواء الإشاعات دي كانت صحيحة أو لأ، صورتها اتكوّنت خلاص قدام الناس على إنها شيطانة حقيقية..

 

لكن ماكنش فيه شر بيفلت من الحساب..

 

بعد سقوط النازية وانتهاء الحرب، اتقبض على إلسا سنة ١٩٤٥ واتحوّلت لمحاكمة علنية..

 

المحاكمة دي كانت من أبشع وأشهر المحاكمات، والجرائد العالمية كلها نشرت عن “السيدة اللي بتصنع تذكارات من جلود البشر”.

 

في البداية صدر ضدها حكم بالإعدام، لكن الحكم اتخفف بعد استئناف، واتحوّل للسجن المؤبد..

 

السنين مرّت، وإلسا كوخ قضت باقي حياتها في زنزانة باردة..

 

مكروهة من المساجين والحرّاس وحتى السجينات اللي كانوا معاها..

 

وفي يوم من سنة ١٩٦٧..

 

انتهت القصة أخيرًا لما تم العثور عليها معلّقة بحبل داخل زنزانتها..

 

انتحرت، بعد ما عاشت عمرها كله كرمز للوحشية..

 

من بنت صغيرة هادية وكيوت وصوُلاً لوحش بشري مُرعب نهايته مُخيفة..

 

 


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار