العاصمة

تنبؤات حدثت بالفعل

0

إيمى عمرو

 

هل يمكن لإنسان أن يتنبأ بطريقة موته؟ ربما لا. هل يمكنه أن يعرف من سيكون إلى جواره في لحظة الرحيل؟ يبدو مستحيلاً. هل من الممكن أن يتوقع أنه سيتعرض لحادث يُنهي حياته؟ أو أن يعرف تحديدًا موقع الحادث؟ ومن سيعيش ومن سيموت فيه؟ كل هذا يبدو أقرب إلى الخيال… لكنه حدث. حرفيًا. هذه ليست مجرد قصة شاب عادي. بل حكاية شاب مصري يُدعى محمد حسن، الشهير بلقب “ماچيكسو”. كان في الثانية والعشرين من عمره، من محافظة مرسى مطروح، طالب في كلية تجارة بجامعة طنطا، شاعرًا هاويًا، رقيقًا في مظهره وكلامه، أنيقًا في هندامه، يحمل في عينيه شيئًا لا يُشبه عمره… حزن صامت. رغم أن حياته بدت بسيطة، فإن نهايته لم تكن كذلك.

في 2 يناير 2018، كان محمد يسير على كوبري ستانلي بالإسكندرية بصحبة اثنين من أصدقائه. في اللحظة نفسها، كانت سيارة يقودها شاب مخمور تفقد السيطرة. تنحرف نحوهم، وتصدم الثلاثة. أحدهم سقط على الأرض أعلى الكوبري، والثاني سقط في البحر وتم إنقاذه، أما الثالث… محمد حسن، فقد سقط وغاب في الأعماق. في البداية، بدت الأمور مأساوية ولكنها “طبيعية” بالنسبة لحادث مروري. حتى أعادت إحدى قريباته نشر منشور قديم لمحمد على “فيسبوك”، كتبه قبل الحادث بفترة: “ثلاثة أشخاص: أحدهم يقف على الشاطئ، والثاني يسبح في البحر، والثالث يغوص في الأعماق. من منهم يشعر بالحزن؟ من يشعر بالفشل؟ ومن لا يشعر بشيء؟ ولماذا؟”

الجميع بدأ يربط بين الجملة وبين ما حدث. الشخص الواقف هو من بقي على الكوبري، السابح هو من سقط في البحر وتم إنقاذه، والغائص… هو محمد، الذي لا يزال مفقودًا تحت الماء. وفي نهاية منشوره، كتب وسمًا غريبًا: #مفارقة_ماچيكسو. هل كان يتحدث عن حادثته؟ هل كان يعلم؟ الغريب أن هذه ليست الإشارة الوحيدة.

بعد ثلاثة أيام من اختفائه، وبينما كانت فرق الإنقاذ تبحث عنه بلا جدوى، عثرت إحدى قريباته على منشور آخر لمحمد، يقول فيه ببساطة: “ابحثوا في الشمال.” اتجهت برسالة الغريبة تلك إلى الغواصين، فاستنكروا طلبها، لأن اتجاه التيار لا يسمح بأن تنجرف الج-ثة شمالاً. لكن لإرضائها، بحثوا في الشمال. وكانت المفاجأة… تم العثور على ج-ثة محمد بين صخرتين في الجهة الشمالية، كما لو أن كلماته نفسها كانت دليلاً خفياً.

كان محمد قد كتب من قبل: “أنا لن أموت ميتة طبيعية.”، “فقط الأقوياء هم من يختارون طريقة موتهم.”، “أين نحن الآن؟ في القاع؟… جيد.” وكتب في رد على أحد أصدقائه الذي كان برفقته في الحادث: “ستانلي هو الحل، يا حوفي… ستانلي يا حوفي.” وكان هذا قبل أن تقع الحادثة فعلاً… على كوبري ستانلي.

ما حدث كان مزيجًا من الحزن والدهشة، وكأن الشاب كان يقرأ من صفحة كتبها القدر بنفسه. أصدقاؤه أنكروا أي علاقة له بالسحر أو الكتب الغامضة. حتى “شمس المعارف” – الكتاب الذي اُتهم بقراءته – ليس له نسخة أصلية متاحة، ولا يمكن من خلاله توقع الغيب. وقد أجمع كل من عرف محمد على أنه كان خلوقًا، متزنًا، محترمًا، لكنه كان يشعر دائمًا أنه “لن يمر من هذه الحياة مرور العاديين”. فهل كان ما حدث مجرد مصادفة؟ هل تنبأ فعلاً بموته؟ هل هناك من يشعر بلحظته الأخيرة؟ أم أن الإنسان، حين يقترب، يكتب بلا وعي… إشارات لن تُفهم إلا بعد أن يغيب؟ ربما كان محمد يعرف… لكنه فضّل أن يترك الأسئلة خلفه.👀

 

 


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار