
قراءة نقدية في قصيدة: “متى كان القيء كبرياء”للشاعر لزهر دخان
بقلم :chat gpt
متابعة لزهردخان
مدخل عام
منذ المطلع، تكشف القصيدة عن شاعر قرر أن يُقاطع “الحياة” لأنها لم تُنصف القصيدة، فالأدب عنده ليس ترفاً بل عقيدة وجدانية عميقة، فإذا “همدت” القصيدة، “سَئِمَ” هو الحياة.
القصيدة ليست مجرد متلقٍ للوجدان، بل هي كائن معقّد يتفاعل ويرفض ويتواطأ، وأحيانًا يتآمر على شاعرها.
إننا أمام تجربة شعرية تصرخ بصمت، وتحرق نفسها على مذبح الأسلوب.
تحليل المعاني والمضامين
أولاً: أزمة وجودية داخل النص:
“سَائِمٌ أنَا ..، وَلَا تَعْنِينِي الحَياة / مَا دَامَتْ قَصِيدَتِي قَدّ هَمَدَتْ”
يتجاوز الشاعر في هذا المطلع الشكل التقليدي للشكوى، ليطرح تساؤلاً وجودياً: إذا كان الشعر قد خذلني، فما جدوى البقاء؟
وهنا نلمس التصاق الذات الشاعرة بالنص، التصاقًا وجودياً يجعل من تراجع القصيدة موتًا للشاعر لا مجازاً بل معنىً فعلياً.
ثانياً: تقاطعات بين الشعر والجاهلية:
“يُبقِينِي خِطابُهُا عَلی مَهْدِ جَاهِلِيتِي / يُوصِلُني إِلی لَحْدِ جَاهِلِيتِي”
في هذه الثنائية “المهد/اللحد”، تتحوّل القصيدة إلى لعنة دائرية.
اللغة والتراكيب
القصيدة كساحة اشتباك لغوي:
“مَتَی كاَنَ القَّيءُ كِبريَاء”
هذا البيت عنوانٌ للنص، وفيه مفارقة حادة: “القيء” رمز للرفض، و”الكبرياء” صفة نُبيلة، فكيف يلتقيان؟
الشاعر يعري الادعاءات التي تُجمّل الانحدار، فيرفض أن يُعجب بالجمال الكاذب.
نبرة الانفصال الوجودي:
“سَأرتَحِلُ فِي ظِلّ أدبٍ مُستَعَارٍ”
الذات الشاعرة فقدت الشرعية في الانتماء إلى القصيدة الأصيلة، فاختارت “الظل”، “المستعار”، “الذبول”… كلها إشارات على الانفصال بين الشاعر ونصه.
البنية النفسية للقصيدة
القصيدة مكتوبة على وترين:
1. الاحتجاج على الذات: “قصيدتي قد همدت”، “يُبقيني خطابُها على مهد جاهليتي”
2. الاحتجاج على المجتمع والعالم: “متى كانت المطامع تطعم؟”، “وصرت مثل الناس أخمن وأفترض”
وهذا التناوب يخلق توتراً نفسياً خلاقاً.
الشاعر كشخصية درامية داخل النص
“وصرتُ مثل الناس أخمن وأفترض”
لم يعد الشاعر هو “العارف”، بل أصبح مثل الجميع، متفرجاً، حائراً، عاجزاً عن فهم ما يعلو الكلمة أو يندس أسفلها.
خاتمة الرؤية
قصيدة “متى كان القيء كبرياء” ليست احتجاجاً فقط، بل عزف داخلي على وتر الشعر الذي يتحول من غناء إلى خيبة، ومن نور إلى شك.
هي من أعمق القصائد التي كتبها الشاعر لزهر دخان في تجسيد الذات المفجوعة في نصها.
قصيدة لا تقول الحقيقة… بل تقذفها اليوم هي ب-عنوان:متی كان القيء كبرياء …
قصيدة بعنوان : متی كاَنَ القَّيءُ كِبريَاء
****
سَائِمٌ أنَا ..، وَلَا تَعْنِينِي الحَياة
مَا دَامَتْ قَصِيدَتِي قَدّ هَمَدَتْ
وَرَاحَتْ تَركُنُ لِلرَاحَة
فَلا رَدُّ الفِعْلِ أغّرَاهَا
وَلا إغّرَاءُ شَاربي لَهَا عَرَّاها
وَلا هِي كَهُنَّ حَزِنَتْ
هِيَّ لَيسَتْ سَائِمَة
وَكَيفَ تَسْأمُ التِي فِي كُلِ وَادٍ هَائِمَة
تُخَاطبُنِي فَلَا أَتَطَور
يُبقِينِي خِطابُهُا عَلی مَهْدِ جَاهِلِيتِي
يُوصِلُني إِلی لَحْدِ جَاهِلِيتِي
وَأَسَفٌ لَا جُذُورَ لَهُ كَيفَ يُسّقَی
وَكَيفَ يَبلعُ العُذّرُ المَاءَ وَيَرِتَوي
إلَّا بإزهاقِ رُوحِي الجَاهِلةُ تَرّقَی
مَتَی كَانَتْ المَطاَمِعُ تُطّعِمُ
متی كاَنَ القَّيءُ كِبريَاء
لِذَا سَأرَاهَا وَلا أتَقَيأ
سَأرتَحِلُ فِي ظِلّ أدبٍ مُستَعَارٍ
وَأُسَايرُ أَحَاسِيساً عَامَة
سَأَعْتَرِفُ جَدَلاً بِبَعْضِ الذُبُولِ
وَبَعْضِ المُيُولِ
وَأَشُقُّ عَصَا طَاعَة المُغَامَرة
وَأربِطُ حِزَام الشَاعِرِ عَلی مَتنِ ذَاتِ جَنَاح
أَعلمُ أنَّ رِحْلتِي عَلی مَتنها شَاعِرية
قَصِيدَتِي هِي وَأَنَا سَائِم
وَالشِعرُ قَدّ تَفَاقَمْ
وِقِصّةٍ رُصِدّتُ فِيهَا شَاغِرَ الحَظِ
وَقِصّةٍ تَنَحْيتُ عَن بُطُولَتهَا
وَصرتُ مِثل النَّاس أخَمن وَأفْتَرضُ
كَيفَ هُو كَيفَ حَالهُ
مَاذَا رَدمَ فِي أسْفَلِ كَلمَاته
مَاذَا عَلّقَ أعْلاَها
وَمَاذَا سَيقُولُ قَبلَ أنَّ يَخْرَصَ إلی الأَبَدِ
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.