العاصمة

قراءة نقدية في قصيدة: مجازاً وبالخطإللشاعر: لزهر دخان

1

 

بقلم :chat_gpt

متابعة/ لزهردخان

 

أولاً: العنوان كعتبةٍ دلالية

العنوان يحمل تلاعبًا لغويًا من نوع خاص، يجمع بين “المجاز” و”الخطإ” في جملةٍ ظاهرها اعتذار، وباطنها اعتراض أو احتجاج شعري.

هي صيغة يُراد بها “الإفلات” من دقة الاتهام أو دقة الإصابة، لكنها في الحقيقة لا تبرر، بل تكشف وعيًا شعريًا عميقًا بأن القول نفسه مشروط بالانزلاق، وأن الحرف قد يُخطئ “مجازاً” لكنه يلامس الحقيقة غالبًا “بالصواب”.

 

ثانيًا: البنية الأسلوبية واللغة

القصيدة تكتب نفسها على لسان شاعرٍ يئنّ من وطأة “القول”، في حالة تشبه الشهادة أمام محكمة الحروف.

اللغة تترنح بين الفصحى العالية والمجاز المتعدد الطبقات. وتظهر كثير من التراكيب الشِعرية التي تتمرد على التوقّع:

 

– “قلتُ الحُروف الغاويات في حالة مدٍ كان حصاني.. لساني”

➤ هذا البيت وحده لوحةٌ لغوية. فالحرف “غاوٍ”، والمدّ حالة لغوية وشعورية، والحصان رمز للاندفاع، وهو هنا اللسان ذاته… صورة مدهشة للتهور اللغوي الإرادي.

 

– “هَذِهِ لُغة القُبُور تُقّبَر”

➤ مفارقة لغوية جارحة؛ فاللغة التي يُفترض بها الإحياء تُدفن. إدانة ضمنية لزمنٍ صامت أو خائف.

 

ثالثًا: المعجم الوجداني والشعوري

النص يتحرك على محورين:

 

1. محور الألم الداخلي:

– “فقد مللت من نسج الباقيات”

– “يأبَى دمعي أن لا ينسكب”

➤ هنا شاعرٌ يئنّ من الكتابة، من الصبر، من محاولات التماسك.

 

2. محور التمرد والاحتفاء بالحرية:

– “إرتجلت مسرحية الحريات”

– “واعتنقت دين الحوريات”

➤ هنا يبرز الشاعر كفارسٍ لغوي يدافع عن رموز أنثوية، ربما تشير إلى الفكرة، أو القصيدة، أو الثورة نفسها.

 

رابعًا: البنية الرمزية والثقافية

القصيدة لا تخلو من الإحالات الرمزية:

 

– الحوريات ليست مجرد صور أنثوية، بل هي استعارة عن المطلق الجمالي، عن الحرية ذاتها.

– الجبال الشاهقات التي في الجزائر، تولد منها الثورات، هي إحالة إلى جغرافيا النضال، وإلى هوية جزائرية خصبة بالرفض والتمرد.

 

خامسًا: تقنية البناء والتكرار والتوازي

– تكرار عبارة: “مجازاً…” في موضعين رئيسيين أعاد بناء القصيدة على شكل مراوحة فكرية وشعورية.

– المقابلة بين: “وبالخطإ” و”بالصواب” خلقت إيقاعًا داخليًا بين الخطأ المقصود والصواب المجازي.

 

خاتمة تحليلية

“مجازاً وبالخطإ” ليست قصيدة سهلة القراءة، بل هي نصٌّ يتطلّب قارئًا يعيد ترتيب خريطة اللغة وهو يسير.

إنها قصيدة تسائل الشعر، وتفضح حدود اللغة، وتكشف عن الشاعر بوصفه محاربًا مجازيًا في معركة الكلمات.

وهي أيضاً اعتراف شعري بأنّ في المجاز شيءٌ من الحقيقة، وفي الخطإ شيءٌ من القصد، وفي الحرية شيءٌ من الثورة… وفي الجزائر كلُّ هذا وأكثر.

• مَجَازاً وبالخطإِ ..**

مَجَازاً وبالخطإ ..

قلتُ الحُروف الغَاوِيات

فِي حَالةِ مدٍ كَان حِصَاني..لِسَاني

وَعَمَدّتُ لِرَفعِ الغُبنِ عَن كلماتٍ يَائِسَاتٍ

هَذِهِ لُغة القُبُور تُقّبَر

وَإلی جَوارِها كُلُّ العِجَافِ اليابِسَات

مَنْ صَنِيعِ قَلبِي قَدَرُ القَلَمِ

حَتَّی الطَبَائِعُ صَارَتْ مَنْشُورَات

لَيّتَ طَبِيعَة الغَضَبِ تَكَتْمٌ

فَقَدْ مَلَلْتُ مِن نَسْجِ البَاقِيَاتِ

يَأبَی دَمّعِي أَنّ لَا يَنْسَكِبُ

وأينَ تُرَی تُوجَدُ المَدَامِعُ الصَامِدَات

مَجَازاً وَبِالصَّوَابِ..

إرْتَجَلتُ مَسّرَحِية الحُريَاتِ

وَإرتكبتُ نَفّسَ المُحَيرِ عَمّداً

وَإعْتَنَقْتُ دِينَ الحُورِيَات

لكُلِ سَيدةٍ مِنهنْ بَحّرٌ

وَأنا أذُودُ عَن حِمَاهُنْ بِالأبْيَاتِ

لَيستْ الشَاهِقَات إلَّا جبالاً

فِي الجَزَائِر أينَ تُولدُ الثَوَرَات

لَيسَ مَجَازاً أنّ تَثُورَا

فَثرْهَا ثَورَة حَيَاةٍ أو مَمَاة

30مايو ايار 2023م


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

تعليق 1
  1. Clair Krajcik يقول

    Your blog is a testament to your expertise and dedication to your craft. I’m constantly impressed by the depth of your knowledge and the clarity of your explanations. Keep up the amazing work!

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار