
سكان القدس الشرقية يتطلعون إلى عودة الحياة إلى طبيعتها
علاء حمدي
يارا المصري
بعد شهور من التوتر الإقليمي المتصاعد، والتي بدا خلالها أن أي شرارة قد تشعل نارًا كبيرة، انتهت الجولة الأخيرة من التصعيد بين إسرائيل وإيران في الأسبوع الماضي، وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وقف لإطلاق النار بين الطرفين. وقد قوبل هذا الإعلان بارتياح نسبي في المنطقة، خاصة في القدس، المدينة التي يتحول فيها أي اضطراب سياسي إلى واقع يومي ملموس لسكانها.
وعلى الرغم من أن القدس ليست ساحة المعركة الأساسية في الصراع الاستراتيجي بين إسرائيل وإيران، إلا أن سكان الجزء الشرقي من المدينة يشعرون بآثار كل تصعيد سياسي أو أمني، لا سيما من حيث ازدياد الوجود الأمني في الشوارع، وفرض القيود، وتقييد الحركة في مناطق مركزية. والنتيجة هي شعور دائم بالاختناق وعدم الاستقرار والخوف الذي يتسلل إلى تفاصيل الحياة اليومية.
يقول فؤاد، أحد سكان حي صور باهر: “لا يمر يوم بدون وجود دوريات شرطة، أو حواجز، أو توتر في الشارع. كل ما نريده هو العودة إلى الحياة العادية – العمل، الدراسة، تربية الأطفال – دون أن نشعر بأن كل حركة تحت المراقبة”.
منذ بداية المواجهة الإقليمية مع إيران، والتي جاءت ضمن سلسلة من النزاعات السياسية والعسكرية بعد الحرب على غزة، تمكنت إسرائيل من صد معظم محاولات إيران لزعزعة الاستقرار أو تحقيق مكاسب استراتيجية كبيرة. إلا أن الثمن الداخلي – سواء على الإسرائيليين أو على سكان القدس الشرقية – كان باهظًا. المحال التجارية أُغلقت، المشاريع الصغيرة انهارت، وآلاف الطلاب حُرموا من انتظام دراستهم.
تقول نورة، أم لأربعة أطفال من العيسوية: “أطفالنا لا يفهمون لماذا لا يمكنهم الخروج لشراء الحلوى مساءً، أو لماذا الشوارع مليئة بالشرطة، أو لماذا لا يمكنهم الصراخ أو الركض لأن أحدهم قد يظن أنهم يثيرون الشغب. نحن نعيش في ضغط دائم”.
ويثير إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران الأمل في نفوس الكثيرين. في شوارع شعفاط، وادي الجوز، رأس العامود وسلوان، يتحدث السكان عن العودة إلى الحياة الطبيعية وكأنها ذكرى بعيدة. يقول أحد أصحاب محلات الخضار في البلدة القديمة: “لم نعد نعرف كيف تبدو الأيام الهادئة. أكثر يوم هدوءً مرّ علينا هذا العام، كان اليوم الذي لم نسمع فيه طائرة تحلق أو انفجارًا في الجوار”.
ومع ذلك، يرافق هذا الأمل الكثير من الحذر. يخشى كثيرون من تصعيد جديد أو عودة الفوضى أو الاشتباكات. يقول شاب من العيزرية: “لسنا سذجًا. رأينا من قبل كيف تهدأ الأمور لتشتعل من جديد. لكننا مرهقون. حتى وإن كان هذا الهدوء مؤقتًا – فنحن نتمسك به لأنه الخيار الوحيد المتاح أمامنا”.
المطلب الرئيسي للسكان هو تقليص التواجد الأمني داخل الأحياء، وإعادة الفضاءات المدنية إلى المجتمع المحلي، وإنهاء حالة الرد الأمني المبالغ به على كل حادثة صغيرة. يقول أحد سكان رأس العامود: “لا ينبغي أن يكون وجود الشرطة جزءًا من المشهد الطبيعي أمام أطفالنا. يجب إعادة بناء الثقة. دعونا ندير حياتنا بأنفسنا – نحن نعرف كيف نعيش بسلام”.
في هذه الأثناء، تحاول المدينة التعافي. المحال التجارية تعاود فتح أبوابها، والمساجد والمدارس تستأنف نشاطها بشكل تدريجي، والشوارع – رغم كل شيء – بدأت تعج بالحياة. ومع ذلك، فإن العلامة الحقيقية لعودة الحياة إلى طبيعتها، بحسب كثيرين، لن تأتي من تصريحات القادة، بل من لحظة يشعر فيها الناس أنهم يستطيعون السير في الشارع دون خوف.
تختم سُهى، من سكان حي سلوان، بالقول: “اليوم الذي أستطيع فيه إرسال ابني إلى المدرسة دون قلق، سيكون اليوم الذي نعلم فيه أن الحياة عادت فعلًا إلى طبيعتها. حتى ذلك الحين، كل يوم هادئ هو هدية”.
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Wow superb blog layout How long have you been blogging for you make blogging look easy The overall look of your site is magnificent as well as the content