
الحروب اللامتماثلة
الحروب اللامتماثلة: حروب العصر التي تحسمها التكنولوجيا كتاب الدكتوراه غاده محمد عامر خبير الذكاء الاصطناعي- مركز المعلومات واتخاذ القرار – رئاسة مجلس الوزراء
زميل ومحاضر – الاكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية
وعميده كليه الهندسة جامعه مصر للعلوم والتكنولوجيا
كتب:إبراهيم عمران
من أين جاءت فكرة الكتاب؟
تقول الدكتورة غاده محمد عامر هم مجموعة كتب “حروب العصر التي تحسمها التكنولوجيا”، تقدم دليلًا قاطعًا عن أهمية امتلاك دول المنطقة العربية المعرفة التكنولوجية لضمان أمنها القومي بمفهومه الشامل. يشهد العصر الحاضر شكلًا جديدًا من الحروب يسمى “الحروب اللامتماثلة”، وهي “حروب المستقبل” غير النمطية التي تمارسها دول إقليمية وقوى عالمية في عصر الثورة التكنولوجية الرابعة.
إن العلاقة الوطيدة بين هذه الحروب والتكنولوجيا الحديثة استلزم تناول الموضوع في كتاب شامل، ونظرًا لتشعب موضوعاته، اضطررنا لوضعه في سلسلة من خمسة كتب منفصلة، لكن متكاملة. لعل هذا الجهد هو الأول من نوعه باللغة العربية، والذي يتناول بالتفصيل والشرح الوافي وبالمراجع العلمـية ماهيـة الحروب اللامتماثلة وأدواتها التكنولوجية.
رغم عدم خلفية أي من المؤلفين في العمل العسكري والسياسي، إلا أن فكرة إعداد السلسلة جاءت من تخصص الباحثين في موضوعه، والتي تظهر في جانبين عضويين، هما:
أولًا: أعوام من العمل المستمر لدعم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي وربط مخرجاته باحتياجات المجتمع العربي في جميع المجالات الحياتية. ذلك من خلال انتمائنا للمؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، تلك المؤسسة التي انطلقت عام 2000م من إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة،. وهي منظمة إقليمية دولية مستقلة غير ربحية، ساهم في تأسيسها العديد من العلماء والباحثين من داخل الوطن العربي وخارجه، بالإضافة إلى ممثلين عن مراكز علمية عربية ودولية. تتخذ المؤسسة من مدينة الشارقة مقرًا إداريًا ومن مدينة القاهرة مقرًا تنفيذيًا لها، وتعمل من خلال مجموعات منتشرة من العلماء والباحثين في مختلف الدول العربية. خلال 21 عامًا، عملت المؤسسة على تعزيز الأداء المتميز للباحثين والأكاديميين العرب ودعم البحث العلمي والابتكار التكنولوجي وريادة الأعمال في مختلف الدول العربية، وسعت إلى تسخير جهود العلماء والباحثين العرب في خدمة التنمية المستدامة وبناء مجتمع اقتصاد المعرفة في الدول العربية من خلال العديد من المبادرات والبرامج، منها مركز الدراسات الاستراتيجية للعلوم والتكنولوجيا.
ثانيًا: عمل الأستاذ الدكتور غادة عامر كمحاضر للتكنولوجيا في كلية الدفاع الوطني – الاكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في جمهورية مصر العربية. ذلك، بعد حصولها على درجة الزمالة من نفس الكلية، وتقديمها لبحث عنوانه “الاستراتيجية المقترحة لمصر لمواجهة الحروب اللامتماثلة”. كان هذا البحث وما تلقته المؤلفة في كلية الدفاع الوطني من محاضرات قيمة بمثابة نقطة تحول للمؤلفين لربط ما تلقوه من خبرة ودراية في المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا مع مجالات الأمن القومي للدول العربية.
هذه التجربة وتلك الخبرة، منحنا فهمًا أعمق لعلاقة امتلاك المعرفة التكنولوجية بالأمن القومي، وما يتيحه التطوير التكنولوجي والابتكار من فرص وتحديات لمستقبل دول المنطقة. في الكتاب الأخير من السلسلة، وبناء على دراسات علمية مستفيضة، نقدم لمتخذي القرار والمهتمين تصورًا شاملًا ومرجعًا نعتقد أنه وافٍ لكيفية امتلاك أدوات التطوير والدفاع والردع في ظل عصر يتصف بالتحول والتغير المستمر.
فشكرًا للمؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، ولكل منستبيها، وشكرًا لكلية الدفاع الوطني – أكاديمية ناصر العليا، في جمهورية مصر العربية، ولكل قادتها وجميع مستشاريها، على إتاحة الفرصة. إن ما تلقيناه منكم كان السبب في إعداد هذا الكتاب، وما تقدمونه هو سبب استقرار المنطقة وتقدم البشرية.
مع تحيات المؤلفين
المقدمة
حروب العصر التي تحسمها التكنولوجيا
في محاولات سابقة، عمدنا إلى تنبيه المجتمع العربي وقياداته لأهمية تعزيز البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار، وذلك لدوره الأساسي نحو تقدم الدولة وتحقيق ما يسمى بـ “التنمية المستدامة”. استمرت الدول العربية في تلقي هكذا نداءات من المهتمين في شؤون الوطن، إلا أنها لم تحقق كثير الأثر. فلم تساهم، مثلًا، في رفع حصة تمويل البحوث عن 0.7% من الناتج القومي (لأعلى الدول العربية دعمًا له). فيما تقدم دول العالم الراغبة في جني مكاسب ما يسمى بـ “اقتصاد المعرفة” ما يتراوح بين 2 و4.7% من ناتجها القومي. الأمر نفسه يتكرر بعدم الاستفادة من القدرات الوطنية ولا من علماء المهجر الذين أضحوا يجدون في الخارج مكانًا مناسبًا لممارسة أفكارهم البحثية وجني ثمار ابتكاراتهم التكنولوجية. كما تقاصرت جهود الحكومات العربية عن توفير مقومات “البيئة المستدامة” التي توفر مكونات الدورة المتكاملة لاستيعاب نتائج البحث وتحويلها إلى خدمات ومنتجات تكنولوجية تنهض بالوطن.
يحدث هذا، إما لأن بعض الدول العربية تعتقد أنه فُرض عليها حظر امتلاك التكنولوجيا المتقدمة محليًا من جهات دولية بطرق مباشرة أو غير مباشرة، أو لأن البعض الاخر قد استسهل استيراد التكنولوجيا من الخارج بما يعفيه -مما يعتقده البعض- من صرف مهدور على منظومة أكاديمية محلية يراها ليست أهلًا لخدمته من -وجهة نظره- أو بسبب ضعف قدرة الباحثين على تسويق قدراتهم وأفكارهم بطريقة يفهمها رجال السياسة والمجتمع في دولهم.
في هذه السلسلة من الكتب نعود لتأكيد أهمية امتلاك المعرفة وبأيدي أبناء الوطن، لكن لسبب آخر أكبر أهمية من التنمية -ليس هذا تقليلًا من شأن التنمية أو حتميتها- وإنما لأن هوية هذه الأرض ومستقبل أبنائها بما يتمثل في أمنهم القومي يتعرض لتهديد مصيري، وبأدوات العلوم والتكنولوجيا. إن من يعتقد بأنه تعلّم مما واجهته المنطقة في العقود الثلاث الأخيرة، ويستمد منها تجربة لأي مواجهة مستقبلية فهو “واهم”، لأن ما هو قادم يتجاوز جميع التجارب والخبرات السابقة. وكل الأدلة تشير إلى أن القادم غير معهود ولا متماثل. فمن يسير بسرعة الخمسينيات أو حتى التسعينيات لن يستطيع أن يبقى في هذا العصر المختلف في كل شيء، فهذه السرعات في استيعاب جديد التكنولوجيا وتكتيكات المواجهة أضحت “سلحفاة” أمام ما يستجد من تطبيقات في السنوات الحالية وما سيتجاوزها في المستقبل. إن كثيرين ممن لا يدركون مدى التسارع الذي يتحقق من اكتشافات وتطبيقات تجعلهم يرفضون ما نتكلم عنه، بل ويقاومونه بحجة أنه ضرب من الخيال العلمي.
إننا نضع في هذا الكتاب بين يدي القارئ العربي أسبابًا حاسمة لتجهيز منظومة علمية محلية قادرة على خدمة احتياجات الوطن، خاصة ما يلزم الجيوش الوطنية والقوى الأمنية لتقوم بدورها في حماية الوطن والمواطنين، وتأمين الاستقرار المطلوب في ظل متغيرات قد تغير شكل العالم أجمع. وأيضًا لكي تقوم المنظومات العلمية بدورها نحو رفد اقتصاد الوطن وازدهار مواطنيه. فإن لم يكن تحسين الحال سببًا كافيًا لبناء المبادرات وحشد الجهود لامتلاك المعرفة، فلعل الخوف على مصير الأهل والأبناء وبقاء الوطن كوحدة متماسكة تضمن قوة الحكومات القائمة سبب أكثر استحقاقًا للعناية. نحن نأمل أن يقدم هذا الكتاب ما يستدعي الدول العربية للإسراع في تمكين قاعدة علمية محلية غير مستوردة ولا مُفتعلة، يتم لها تعزيز القدرات ورصد الإمكانات وبناء التشريعات التي تؤهلها لسرعة الاستجابة لكل المفاجآت.
إن الاتكال على استيراد التكنولوجيا الحديثة في التجهيزات المدنية والعسكرية لا يضع الدولة على طبق من ذهب لاستنزاف مقدراتها واختراق دفاعاتها والوطنية والأمنية فحسب، بل يُعرّيها بشكل كامل أمام مالك (مبتكر) تلك التكنولوجيا ليتلاعب في فاعليتها من أبواب خلفية غير ظاهرة أمام مستخدم تلك التجهيزات التكنولوجية. إنه لا مناص من تأسيس مراكز ووحدات متخصصة قادرة على تطوير تكنولوجيا فائقة تمتلكها دولنا العربية لمواجهة ما يمكن أن يسمى “غزو تكنولوجي” ممتد إلى عمق الدول بشكل خاص والوطن العربي بشكل عام. وإن كان من الضروري تمكين الترابط بين الحكومة والشعب لاحتواء الطاقات والقدرات، فإن تفعيل التقارب بين المؤسسات المدنية والمجتمعية مع المؤسسات الأمنية والعسكرية هو سبيل لتحصين الوطن. وختامًا فإننا ندعو إلى استخدام مبادئ “الديبلوماسية العلمية” بين الدول العربية لاعتقادنا بأنه الطريق الأكثر فعالية والأقصر لامتلاك المعرفة وتطوير التكنولوجيا الفائقة، ومواجهة حروب العصر “اللامتماثلة”.
في مكونات هذه السلسلة هذا الكتاب نتحدث عن شكل مُستحدث من المواجهات، يعتمد على تكتيكات وأساليب ظاهرة أو خفية تستخدم التكنولوجيا التي تتيح التسلل إلى الدول المستهدفة، وتآكلها من الداخل، فتنخر فيها وتفعل ما تفعل دون أن يظهر لها فعل خارجي معادٍ صريح. هذه الحروب اللامتماثلة يمكن أن تُشَن من دون أرض ومن غير زي، لا يُعرف فيها مكان المعركة ولا يتميز فيها العدو من الصديق، وقد تضرب قطاعات متعددة من الدولة، وتستخدم أدوات مفاجئة وأسلحة غير مسبوقة. قسّمنا السلسلة إلى عدة كتب تتناول موضوعات اعتقدنا أنها تغطي الصورة الكاملة للموضوع.
الكتاب الأول: بعنوان “الحروب اللامتماثلة” ويتحدث عن شكل جديد من الحروب، وهو مقسم إلى ثلاثة فصول: الأول تطور الصراع الدولي وأجيال الحروب، والثاني الأمن القومي والحروب اللامتماثلة، ثم تناولنا علاقة التكنولوجيا بكل من الحروب اللامتماثلة والأمن القومي في الفصل الثالث.
في الكتاب الثاني من السلسلة، أفردناه للعلوم وتطبيقاتها التكنولوجية ذات العلاقة بالحروب اللامتماثلة، وجاء تحت عنوان “تكنولوجيا الحروب اللامتماثلة”، وتناولنا فيه أدوات ونماذج وتطبيقات تكنولوجيا الحروب اللامتماثلة، والتي منها إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والبرمجيات الإلكترونية، وتكنولوجيا الجينوم، وتكنولوجيا النانو، بالإضافة إلى عدد من التكنولوجيات الأخرى مثل الفضاء والمواد الفوق طبيعية.
الكتاب الثالث من السلسلة، وجاء تحت عنوان “تكنولوجيا لحروب اللامتماثلة وتأثيرها على المنطقة العربية”، وتناول تعرض المنطقة العربية للحرب اللامتماثلة، وجاء الكتاب في فصلين؛ الأول، الحرب اللامتماثلة على دول المنطقة العربية، والثاني، تناولنا فيه آثار وتداعيات الحروب اللامتماثلة على الدول العربية.
في الكتاب الرابع من سلسلة حروب العصر التي تحسمها التكنولوجيا، أوضحنا أعمال الطرف الخارجي الذي اعتدى على دولنا وكيف وظف أدوات مستحدثة لتدمير المنطقة وتفكيكها، وجاء تحت عنوان “الحروب اللامتماثلة ودور الفاعل الخارجي”. جاءت مادة الكتاب في ثلاثة فصول: الأول، الفاعل الخارجي بين ازدواجية الأدوار ونشر الإرهاب، والثاني، المنظمات غير الحكومية وحركات “اللاعنف”، والثالث، التكنولوجيا في الحرب اللامتماثلة على الدول العربية.
أما الكتاب الخامس والأخير من السلسلة، جاء تحت عنوان “مواجهة الحروب اللامتماثلة في ظل التطور السريع والمستمر للتكنولوجيا” ونظرنا فيه إلى سبل امتلاك المعرفة التكنولوجية، واستعرضنا المنظومات والطرق التي تستخدمها الدول المتقدمة لتطوير وامتلاك تلك الأسلحة، ومنه انتقلنا لإرسال رسائل بموضوعات محددة يُرجى منها أن تكون ذات اعتبار للدول العربية عند بناء استراتيجية الوطن لمواجهة الحروب اللامتماثلة (حروب العصر غير النمطية).
في مجهودنا هذا نتمنى أن نقدم مادة وافية في موضوعه، آملين أن تفتح المادة التي سعينا إلى تقديمها سببًا وجيهًا للتحرك اتجاه توظيف المؤسسات التعليمية العليا والبحث العلمي لصالح الأمن القومي لدولنا، وإيقاف حالة التشتت والتشرذم التي تعاني منها تلك الجهود المهدورة. اعتمدنا في إعداد كتب السلسلة على المراجع الأجنبية -جميعها محكمة أو لها سمعة رصينة- واعتمدنا على الأكثر حداثة، ومصداقية. إنه جهد متواضع نسأل الله يتقبله ويبارك فيه.
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.