هل الحوثيون كلمة السر في “إسرائيل الكبرى”؟

بقلم: ناصر السلاموني
هذا المقال هو الرابع ضمن سلسلة تسلط الضوء على الطوائف الدينية وأدوارها في تشكيل واقعنا العربي الراهن. فبعد أن تناولنا طائفتي الدروز والبهرة، نقف اليوم أمام جماعة الحوثيين، التي تحوّلت من تيار ديني إلى لاعب سياسي وعسكري إقليمي، يرفع شعارات “نصرة فلسطين” بينما يُغرق اليمن في الدماء، ويُهدد أمن مصر، ويخدم أجندات تتكامل بوضوح مع مشروع “إسرائيل الكبرى”. ويتجلى هذا بعد تعهّدهم بعدم ضرب السفن الأمريكية، وتصريح ترامب حول وقف الهجمات على اليمن بسبب استسلام الحوثيين، ما يكشف عن شبكة مصالح متداخلة، لا تخفى على المتأمل.
ينتمي الحوثيون إلى المذهب الزيدي، وهو مذهب شيعي معتدل نشأ على يد الإمام زيد بن علي بن الحسين. وتميز الزيديون تاريخيًا بتقاربهم مع أهل السنة، فلم يكفّروا الصحابة، وأخذوا عن فقه الإمام أبي حنيفة. غير أن اشتراطهم أن يكون الإمام من نسل فاطمة الزهراء، وأن يخرج بالسيف، وضع بذورًا لفكر ثوري مسلح، تحوّل مع الوقت إلى مشروع دموي.
وبعد سقوط الدولة الزيدية في ستينيات القرن الماضي، بدعم مباشر من مصر وجيشها، أعيد تشكيل النفوذ الزيدي في الخفاء، حتى تم تأسيس تنظيم “الشباب المؤمن” في أواخر التسعينيات بقيادة حسين بدر الدين الحوثي، ثم شقيقه عبد الملك. وفي عام 2014، استولت الجماعة على العاصمة صنعاء، وأدخلت اليمن في نفق طويل من العنف والانقسام.
على الرغم من ترديد شعارات “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل”، لم تُثبت الجماعة أنها تقاتل لأجل فلسطين. بل باتت ذراعًا نشطة لإيران في شبه الجزيرة العربية، تروّج للثورة الخمينية بغطاء زيدي، وتقمع كل مخالف سياسي أو مذهبي. وفي كل مناسبة، يظهر عبد الملك الحوثي كبطل زائف، كما حدث خلال حرب غزة 2023، حين أطلقت الجماعة صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل لم تُصِب أهدافًا ذات قيمة، بينما تكبّد الشعب اليمني المزيد من الدمار نتيجة الرد الإسرائيلي والأمريكي العنيف.
شعارات دعم غزة يقابلها على الأرض ضرر بالغ باليمن، وبمصر، وبالعالم العربي كله. فقد تحوّلت الجماعة إلى فاعل تخريبي في البحر الأحمر، من خلال هجمات استعراضية على سفن تجارية لا علاقة لها بإسرائيل، مما أجبر العديد من الشركات العالمية على تحويل مسارات الشحن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وأدى ذلك إلى خسائر جسيمة في إيرادات قناة السويس، أحد أعمدة الاقتصاد المصري.
والسؤال البديهي هنا: هل الحوثيون يقاتلون إسرائيل فعلًا؟ أم أنهم يُنفّذون دورًا مرسومًا لهم بدقة لإغراق المنطقة في الفوضى، وتسهيل تمرير مشاريع استراتيجية تغيّر الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط؟
لقد سيطر الحوثيين على مضيق باب المندب مما منحهم قدرة على تهديد الملاحة العالمية، والتحكم في خطوط التجارة، وخاصة باتجاه قناة السويس. كما تسعى الجماعة إلى تفكيك الدول العربية من الداخل، عبر إذكاء النزعات الطائفية، وتحويل اليمن إلى ساحة صراع دائم، بعد أن كان “اليمن السعيد”.
تُروّج الجماعة لخطاب المظلومية، مُصوّرة نفسها لعامة العرب كضحية للغرب، بينما هي في الواقع تُهلك الشعب اليمني، وتُقوّض الدولة، وتُزعزع استقرار الإقليم بأكمله. ولعل أخطر ما في المشهد هو تزامن تصعيدها في البحر الأحمر مع مشروع “قناة بن غوريون”، القناة الإسرائيلية البديلة لقناة السويس، والتي باتت أقرب من أي وقت مضى إلى التنفيذ، خاصة بعد العدوان الأخير على غزة.
وهنا نأتى للحقيقة المرة مشروع قناة بن غوريون الذى طُرح لأول مرة عام 1963 بدعم أمريكي، ويربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عبر أراضٍ فلسطينية محتلة. وقد استغلت إسرائيل حرب غزة الأخيرة لإعادة تشكيل جغرافيا القطاع، وإنشاء منطقة عازلة تمتد على نحو 26% من شمال غزة، تمهيدًا لتنفيذ المشروع.
تتلخص الأهداف الصهيونية في:
ضرب قناة السويس وتحجيم الدور المصري.
ربط آسيا بأوروبا مباشرة عبر إسرائيل.
إقامة مدن سياحية على جانبي القناة.
تأمين المشروع بغطاء دولي، كما حدث في قمة العشرين بنيودلهي بإعلان “الممر الاقتصادي” الذي يربط الهند بأوروبا مرورًا بالخليج وإسرائيل. وهذا يكشف الإصرار الأمريكى على إزالة غزة وتهجير أهلها إلى أى مكان.
ورغم الرفض المصري والعربي، فإن إسرائيل تمضي قدمًا، مستغلة الفوضى والصراعات الطائفية في المنطقة.
قد يبدو الاتهام صادمًا، لكن الواقع يفرض نفسه: هناك تبادل مصالح خفي بين إيران وإسرائيل، رغم خطابات العداء العلني. فكلاهما يسعى إلى تفتيت المنطقة العربية:
إيران عبر ميليشياتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
وإسرائيل عبر التهجير، والتدمير المنهجي لغزة، وتنفيذ مخططات نتنياهو بدعم أمريكي وأوروبي.
وهنا، يظهر الحوثيون كحلقة وصل مشتركة في تمرير هذا المخطط؛ فهم يهاجمون السفن في البحر الأحمر، فيتضرر اقتصاد مصر، ويُبرّر لإسرائيل تنفيذ مشروع القناة، وتُضرب أهداف متفق عليها مسبقًا دون خسائر فعلية في الأرواح أو المنشآت، بينما يكون الرد الإسرائيلي مضاعفًا ضد الفلسطينيين في غزة، وضد اليمنيين داخل بلادهم، تمهيدًا للسيطرة على باب المندب وخنق الملاحة العربية. وتستمر إسرائيل في مخططها وخاصة بعد السيطرة على المجال الجوي اللبنانى والسورى وخاصة بعد تدمير البنية التحتية للجيش السوري وتفكيكه وكذلك عدم قدرة الجيش اللبناني على التصدى لأى اعتداء إسرائيلى ووجود القواعد الأمريكية في العراق ودول الخليج أصبح الطريق ممهدا لظهور الجزء الشرقي لإسرائيل الكبرى حتى الفرات ومنح باقي العراق مكافئة لإيران لمجهوداتها ولم يتبق سوى مصر التي من أجل إخضاعها يفعل الحوثيون مؤامراتهم في البحر الأحمر ويخنقهاالحلافاء في الغرب والجنوب.
فينبغي علينا بعد انكشاف معظم أركان المخطط اليهودي-الأوروبي-الأمريكي، القول أنه لم يعد مقبولًا أن نستمر في خداع أنفسنا. فـ”المقاومة الحوثية و التعويل على أمريكيا وأوربا للضغط على إسرائيل فهم شركاء في الجريمة
وليعلم الجميع أن مصر عصية على الخضوع فمصر جيشاً وشعبا جاهزون للتصدى وتحطيم كافة القوى المتأمرة وكذلك أذرعها.
عاشت مصر قوية متماسكة شعبا وحكومة وجيشا

العاصمة:
المشاركات الاخيره