العاصمة

في يوم العمال العالمي تحية تقدير لعمال يصنعون الحياة بصمت

0

 

بقلم د : خالد السلامي

في الأول من مايو من كل عام، يتوقف العالم للحظة تأمل وتقدير لواحدة من أقدم وأنبل القيم التي أسست الحضارات: العمل. لا يرتبط هذا اليوم بموقع جغرافي، ولا بلون مهنة أو زيّ موحد، بل هو اعتراف عالمي بدور الإنسان العامل، أياً كان موقعه، في بناء المجتمعات وتسيير عجلة الحياة.

بعيدًا عن الخطابات والشعارات، اليوم العالمي للعمال هو فرصة حقيقية للتفكر في دور هؤلاء الأفراد الذين لا تسلط عليهم الأضواء كثيرًا، لكن تأثيرهم حاضر في كل زاوية من زوايا حياتنا اليومية—في الطرق التي نسلكها، والمباني التي نعيش فيها، والطعام الذي نأكله، والخدمات التي نعتمد عليها.

من هم “العمال” في وجدان المجتمع؟
قد نميل، دون قصد، إلى حصر مفهوم “العمال” في فئة مهنية معينة—كالعاملين في مواقع البناء أو التنظيف أو المصانع. لكن الواقع أوسع من ذلك بكثير. كل من يكدّ ويجتهد لكسب رزقه بوسيلة شريفة يستحق أن يُطلق عليه “عامل”، سواء كان يرتدي بذلة رسمية في مكتب فخم، أو يحمل أدواته في ورشة نجارة، أو يقف خلف صندوق المحاسبة في سوبرماركت صغير.

العمل لا يُقاس بمدى أناقة المهنة، بل بمدى الإخلاص فيها، وبالأثر الذي يتركه في الآخرين. لهذا، فإن هذا اليوم هو يوم الطبيب كما هو يوم السائق، هو يوم المهندس كما هو يوم عمال النظافة، هو يوم المبرمج كما هو يوم حارس الأمن.
الإمارات.. نموذج في تقدير العمل والعمال

في دولة الإمارات العربية المتحدة، تشكل منظومة العمل ركيزة أساسية في نهضتها التنموية. ومن يتأمل في تفاصيل الحياة اليومية يجد أن لكل مهنة مكانتها، ولكل عامل دوره المحوري في تحقيق الرؤية الشاملة للدولة.

ولعل أحد أجمل ملامح هذه المنظومة هو حرص الدولة على تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل في بيئات العمل، وتمكين كافة شرائح القوى العاملة من الحصول على حقوقهم الأساسية، مع الاهتمام المتزايد بالصحة المهنية، والسلامة، والتدريب، والفرص المتكافئة.

من المهم أيضًا أن نُشير إلى المبادرات التي تُطلقها مؤسسات حكومية وخاصة للاحتفاء بعمالها، ليس فقط في يومهم العالمي، بل على مدار العام. من توزيع الهدايا الرمزية، إلى تنظيم الفعاليات التوعوية، أو حتى كلمات الشكر البسيطة التي تُكتب على لافتة صغيرة داخل مطبخ شركة أو عند مدخل بناية سكنية.

العمل ليس مجرد مصدر دخل
لا شك أن تأمين لقمة العيش هو أحد أهم دوافع العمل، لكنه ليس الوحيد. فالكثير من الناس يجدون في عملهم مصدرًا للهوية، والإشباع الذاتي، والشعور بالإنجاز والانتماء. وحتى في المهن الشاقة، هناك حكايات لا تُروى عن أشخاص يصنعون الفارق بابتسامتهم، وأمانتهم، وحرفيتهم العالية.

العمل أيضًا هو مساحة للقاء بالآخر، للتفاعل الاجتماعي، لبناء صداقات جديدة، وحتى لاكتشاف الذات. كم من إنسان اكتشف قدراته الحقيقية فقط لأنه بدأ في وظيفة متواضعة ثم شقّ طريقه نحو الريادة؟

التحديات.. وجوه أخرى للجهد اليومي
بعيدًا عن المثالية، من العدل أن نعترف أن الحياة العملية لا تخلو من التحديات. البعض يواجه صعوبة في التوفيق بين متطلبات العمل وحياته الأسرية، وآخرون يعانون من إرهاق بدني مزمن أو ضغوط نفسية ناتجة عن وتيرة العمل المتسارعة.

وهنا تبرز أهمية الدور التوعوي للمؤسسات، سواء كانت حكومية أو خاصة، في التخفيف من هذه الضغوط من خلال إرساء ممارسات عمل إنسانية تراعي التوازن بين الأداء والراحة، وتعزز مفاهيم الصحة النفسية والرضا المهني.

الاحتفاء لا يعني فقط التهنئة
ربما يقع البعض في فخ التبسيط عند الحديث عن “يوم العمال”، فيكتفون بنشر تهنئة لطيفة على مواقع التواصل أو إرسال وردة رمزية. لكن الأهم هو أن نترجم هذا التقدير إلى واقع يومي ملموس: أن نُعامل كل عامل باحترام، أن نُقدّر مجهوده، أن نكون متعاونين وصبورين في تعاملاتنا معه، وأن نُدرك أن لكل وظيفة كرامة، ولكل عامل إنسانيته.

قصص تستحق أن تُروى
أذكر أنني ذات يوم كنت في زيارة لموقع بناء كبير. لفتني شاب في منتصف العشرينات، كان يُنظّم دخول وخروج الشاحنات بابتسامة دائمة رغم حرارة الجو. اقتربت منه وسألته عن اسمه، فأجابني، ثم أضاف: “أنا أحب شغلي.. لأن كل يوم في حركة، وما في ملل.”

هذه الجملة البسيطة تختصر فلسفة عميقة: أن الرضا لا يأتي من طبيعة العمل فقط، بل من نظرتنا نحن للعمل، ومن تقدير الآخرين له. كم من قصة شبيهة تمر أمام أعيننا دون أن نتوقف عندها؟ عامل يدفع عربة تنظيف في المستشفى بابتسامة، أو موظف يمدّ لك يد المساعدة في متجر رغم التعب، أو سائق حافلة يحرص أن يُوصلك بأمان حتى وإن تأخرت. هؤلاء جميعًا يستحقون أكثر من كلمة “شكر”.

العمل والكرامة.. علاقة لا تُفصم
في مجتمعاتنا، هناك رابط عاطفي وثقافي راسخ بين العمل والكرامة. الإنسان حين يعمل، يشعر بأنه يُسهم، بأنه يُنتج، بأنه يعتمد على نفسه. وهذا الشعور بالكرامة لا يُقدّر بثمن. من هنا، يصبح من واجبنا—كأفراد ومؤسسات—أن نحافظ على هذه الكرامة، لا أن نهينها بسوء المعاملة أو التهميش أو تجاهل الجهود.

كلمة أخيرة.. من القلب
ربما لا نملك القدرة على إصلاح كل التحديات في سوق العمل، أو على حل مشكلات الأجور وظروف بعض الوظائف، لكننا نملك شيئًا ثمينًا: الاحترام. وهو بداية كافية لصناعة فارق. لذا، في هذا اليوم، فلنأخذ لحظة نتوقف فيها لنقول لكل عامل نلتقيه: نراك. نقدّرك. شكراً لك. ولا بأس إن أضفنا ابتسامة.. فالاحترام الحقيقي لا يحتاج ميزانية ضخمة، فقط نية صافية.

المستشار الدكتور خالد السلامي ..عضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي وممثل عنه في دولة الإمارات العربية المتحدة
المستشار الدكتور خالد السلامي حصل على “جائزة أفضل شخصيه تأثيرا في الوطن العربي ومجتمعية داعمه ” لعام 2024
حصل المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم .
وحاصل أيضًا! على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي لعام 2023 ؛ ويعد” السلامي “عضو اتحاد الوطن العربي الدولي وعضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي .والممثل الرسمي للمركز في دولة الإمارات العربية المتحدة
كما حاصل على “جائزة أفضل شخصيه مجتمعية داعمه “وذلك لعام 2024 وعضو في المنظمه الامريكيه للعلوم والأبحاث.
ويذكر أن ” المستشار خالد “هو رئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021.


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار