
فلنجعل أعيادنا طاعة
بقلم: ناصر السلاموني
إن الأعياد في الإسلام ليست مجرد أيام للفرح والاحتفال، بل هي شعيرة دينية عظيمة، شرعها الله لعباده ليكونوا في طاعة وفرح حقيقي، وليس في معصية ولهو يبعدهم عن روحانيات العبادة. قال الله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (البقرة: 185). وهذه الآية توضح أن الغاية من العيد هي شكر الله على نعمه وإكمال الطاعة، وليس اتباع الهوى والانغماس في المحرمات.
مفهوم الأعياد في الإسلام
في الإسلام عيدان فقط، كما قال النبي ﷺ: “إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا” (متفق عليه)، وهما:
1. عيد الفطر: يأتي بعد شهر رمضان، في الأول من شوال، وهو فرحة للمسلمين بعد صيامهم وطاعتهم. قال النبي ﷺ: “لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ” (متفق عليه).
2. عيد الأضحى: يأتي في العاشر من ذي الحجة، ويوافق يوم النحر بعد وقفة عرفات، وهو أعظم أيام السنة، كما قال النبي ﷺ: “أفضل الأيام يوم النحر، ثم يوم القر” (رواه أحمد وأبو داود). وقال الله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ (الكوثر: 2).
ومن مقاصد الأعياد في الإسلام تحقيق التكافل الاجتماعي، فلا يقتصر الفرح على الأغنياء فقط، بل يجب أن يعم الجميع، وخاصة الفقراء والمحتاجين. قال النبي ﷺ: “أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّوَافِ فِي هَذَا الْيَوْمِ” (رواه البيهقي).
آداب وسلوكيات العيد
1. التكبير والتهليل: وهو سنة نبوية عظيمة، حيث قال الله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ﴾ (البقرة: 185). وكان الصحابة يجهرون بالتكبير في الأسواق تعظيمًا لشعائر الله.
2. صلة الرحم والتزاور: قال النبي ﷺ: “مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” (البخاري ومسلم). وقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ (النساء: 1).
3. إدخال السرور على المسلمين: وهو من أحب الأعمال إلى الله، فالعيد ليس فقط فرحًا شخصيًا، بل هو فرصة لنشر السعادة بين الفقراء والمحتاجين. قال النبي ﷺ: “أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم” (رواه الطبراني).
4. الحرص على الحشمة في الملبس: يجب أن تكون ملابس العيد محتشمة تليق بمقام المسلم، فقد قال النبي ﷺ: “إنَّ لكلِّ دينٍ خُلقًا، وخُلقُ الإسلامِ الحياءُ” (رواه ابن ماجه).
5. الامتناع عن السلوكيات الخاطئة: مثل التبرج، الألفاظ البذيئة، ترهيب الناس بالألعاب النارية، والانشغال باللهو والغفلة عن العبادات، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ (النور: 21).
تعزيز الترابط الأسري والاجتماعي
الأعياد فرصة لتعزيز الروابط الأسرية والمجتمعية، وذلك من خلال:
الحرص على تجميع الأسرة في جو من الود والمحبة، فقد قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: 21).
تشجيع الأبناء على البر بالوالدين وصلة الأرحام، فقد قال النبي ﷺ: “البِرُّ حُسنُ الخُلقِ” (رواه مسلم).
إحياء قيم الجيران والمشاركة في فرحة العيد، فقد قال النبي ﷺ: “مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ” (متفق عليه).
مساعدة المحتاجين ورسم البسمة على وجوه الفقراء، فقد قال النبي ﷺ: “الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله” (متفق عليه).
كيف نجعل العيد طاعة وسعادة؟
أداء صلاة العيد وشكر الله على تمام العبادة، فقد قال النبي ﷺ: “إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ” (رواه البخاري).
إدخال السرور على الأسرة بدون تحميل الأب فوق طاقته، فقد قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ (البقرة: 286).
الاحتفال بآداب الإسلام، وليس على الطريقة الغربية الفاسدة، فقد قال النبي ﷺ: “من تشبه بقوم فهو منهم” (رواه أبو داود).
التذكير بأن الفرح الحقيقي هو فرح الطاعة، وليس فرح المعصية، فقد قال النبي ﷺ: “للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه” (متفق عليه).
نسأل الله أن يجعل أعيادنا طاعة وسعادة، وأن يعيد للأمة وعيها الديني ليحتفلوا بما يرضي الله.
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.