
قلوب القروش
بقلم د/ شيرين العدوي
عندما نغتسل من الذنوب بتطهير الجسد من الطعام، والقلب من الضغائن، والروح باستقبال الطاقة النورانية نكون قد وصلنا لعين الرضا القدسية، ونور التجلي للخير في ذاته، ووجب علي من وصل إلى الحضرة العلية، أن يفرح بالمعية الإلاهية؛ فيستقبل العيد بالجديد، فكما جددنا النفس والعقل والروح والبدن نجدد المظهر وهنا تكمن العظة، فكل وعام وأنتم إلى الله أقرب وبالأعمال أكمل.
وبمناسبة الشهر الفضيل تابعت عن كثب ولمدة عامين أو أكثر برنامجا لطالما حفزني وأسعدني، اسمه ” Shark Tank ” وهو برنامج أجنبي له عدة نسخ في بلاد العالم ومن ضمنها مصر يشارك فيه مجموعة من رجال أعمال مصر الكبار،يتغيرون كل موسم وأحيانا يستضيفون في بعض الحلقات سيدات أعمال عرب، لكن المجموعة الثابتة هم: أحمد السويدي ، ومحمد منصور، وعبد الله سلام، ومحمد فاروق، وأحمد طارق، وأيمن عباس، وانضمت بعد ذلك هيلدا لوقا،
ما استوقفني حقا هو قلوبهم العامرة بالحب والدعم للمشاريع الصغيرة والكبيرة. لقد قدموا جميعا النماذج الملهمة لرجال الأعمال المحبين لبلدهم الداعمين لشبابها، المشجعين للنشء؛ لتغيير النمط السائد بالوظيفة المرتبط براتب، مهما علا لن يسد الاحتياجات الضرورية، في عالم متغير لن يتقف عند الذين يضيعون الفرص، ويدفنون عمرهم سدى. ومن النماذج التي بهرتني من هؤلاء القروش أربعة لا يتقفون عن عمل الخير، أولهم عبد الله سلام بتقديمه خدمة تعليمية بمبلغ زهيد يستطيع أي راغب من خلالها أن يطور مهاراته العلمية في أي وقت بمجموعة من الكورسات المتميزة التي تنمي قدراته وتجعله مؤهلا لسوق العمل؛ فهو ونعم رجل الأعمال المفيد لبلده وهو يطبق المثل الصينى ” لا تعطنى سمكة، بل علمنى كيف أصطاد”.
وقد وافق نهجه أحمد طارق حينما قدم شركة في التعليم تقدم خدماتها أيضا بأجر رمزي، فعينهما على التكنولوجيا والتعليم وهذا ما يميز تجربتهما. أما محمد فاروق فشخصيته الداعمة في البرنامج مختلفة تجعلنا ننتظر ماذا سيضيف للقروش الصغيرة البادئة في رحلة نجاحها. وعن أيمن ممدوح عباس فحدث ولا حرج فهو الخير أينما حل وارتحل؛ بروح نقية شفافة تظهر ملامحها على وجهه.
تابعته طول شهر رمضان ولفت نظري له من البداية مشروعه “مستشفى الناس” فكل يوم يبث عبر صفحته الشخصية تطورها. فإنها لأكبر مستشفى تطوعي بعدد أسرة 600 سرير، وعشرغرف عمليات، و140وحدة رعاية مركزة، لقد بدأ هذا المشروع الخيري الحاج محمد العصفوري، لكن أيمن عباس أكمله وافتتحه. أتابعه وهو يرعاه وأعجب بالنور الذي يسكنه ولا ينضب. في رمضان فجأني بفكرة غاية في الرقي. فقد بدأ ينزل إلى الأماكن الشعبية القريبة من مكتبه في مستشفى الناس، ويقابل أصحاب المشاريع الصغيرة: كعربات الفول، والبقالات، وبائعى الجرير، والخياطين، من أصحاب مشاريع الأرزاق اليومية لكنها لسنوات نجحت واستمرت وأدرت عليهم وعلى غيرهم الربح والستر، فبدأ في مد يد العون بما ينقصهم ليوسعوا مشاريعهم. كنت أتابعهم جميعا وفي ذهني قصيدة محمود درويش “فكر بغيرك” فعندما ينهيها ب: وأنت تفكر بالآخرين البعيدين فكر بنفسك قل: ليتنى شمعة في الظلام. لقد كانوا جميعا شموعا في الظلام فهنيئا لهم وهنيئا لمصر بهم.
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.