
ترامب رجل السلطة لا رجل الدولة
بقلم: إيمان الطحان
لا أرى دونالد ترامب رجل سياسة بقدر ما أراه رجل أعمال يتعامل مع السلطة وكأنها مشروع شخصي، لا يخدم إلا من يجلب له الربح أو يعزز صورته أمام أنصاره. منذ ظهوره الأول على الساحة السياسية، لم يكن لديه برنامج واضح أو رؤية استراتيجية تخدم الدولة الأمريكية بقدر ما كان لديه هوس بالسلطة وبناء علامة تجارية سياسية تحقق له النفوذ الشخصي والمكاسب المالية حتى بعد خروجه من البيت الأبيض.
رئيس بلا مبادئ.. قراراته لمنفعة شخصية
ترامب ليس أول رئيس شعبوي في التاريخ الأمريكي، لكنه بالتأكيد من أكثرهم انتهازية. عندما تولى الحكم، وعد بإعادة “عظمة أمريكا”، لكنه لم يكن يعني عظمة المؤسسات أو الديمقراطية، بل عظمة اسمه وامتداد نفوذه. قراراته الاقتصادية، مثل خفض الضرائب على الأثرياء، لم تكن سوى مجاملة لمجتمع رجال الأعمال الذي ينتمي إليه. سياسته تجاه الهجرة لم تكن لحماية الأمن القومي، بل لحشد أصوات الناخبين البيض الذين يخشون التغيير الديموغرافي. حتى تعامله مع أزمة كورونا كان كارثيًا، لأنه تعامل معها كأزمة إعلامية تهدد صورته بدلاً من كونها جائحة تهدد حياة الملايين.
رؤية ضبابية في السياسة الخارجية.. وتحالفات حسب المزاج
عندما ننظر إلى سياسته الخارجية، نجد أنها لم تكن قائمة على مصلحة أمريكا بقدر ما كانت قائمة على تحالفاته الشخصية. انسحب من اتفاقيات دولية كبرى، ليس لأنه كان لديه بدائل أفضل، بل فقط ليهدم ما بناه من سبقوه. قربه من الأنظمة الاستبدادية لم يكن لخدمة المصالح الأمريكية، بل لأنه رأى فيهم نموذجًا للسلطة المطلقة التي يحلم بها لنفسه. لم يسعَ لعلاقات استراتيجية بقدر ما سعى لعلاقات تخدم مصالحه الآنية.
ترامب بعد الرئاسة.. المعركة لم تنته بعد
خروج ترامب من البيت الأبيض لم يكن نهاية قصته، بل بداية فصله الأخطر. منذ خسارته أمام بايدن، وهو يحاول تقويض ثقة الأمريكيين في ديمقراطيتهم، مدعيًا تزوير الانتخابات دون دليل. اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021 كان نتيجة خطابه التحريضي، ومع ذلك لم يتراجع، بل استمر في ترويج نظريات المؤامرة. واليوم، مع اقتراب الانتخابات الجديدة، يعود ترامب بخطاب أكثر تطرفًا، يتحدث بصراحة عن رغبته في تطهير الحكومة من خصومه، متوعدًا بمعاقبة من لا يدينون له بالولاء.
رؤيتي لسياسته: مشروع شخصي على حساب دولة بأكملها
في نظري، لم يكن ترامب رئيساً يمثل بلاده، بل كان رجلاً يحاول تشكيل أمريكا وفقًا لمصالحه الخاصة. لم يحكم بفكر رجل الدولة، بل بعقلية رجل الأعمال الذي يرى في السياسة سوقاً للمزايدات والمكاسب الشخصية.
اليوم، مع سعيه للعودة، السؤال ليس فقط كيف سيتصرف، بل كيف سيواجه النظام الأمريكي هذا التحدي؟ هل ستسمح أمريكا لرئيس يرى في الديمقراطية أداة لخدمة نفسه فقط أن يعود إلى السلطة؟
التجربة أثبتت أن ترامب ليس مجرد حالة سياسية عابرة بل هو نموذج جديد من القادة الذين يهددون أسس الديمقراطية من الداخل. والسؤال الأهم: هل يتعلم الناخب الأمريكي من دروس الماضي، أم أن إغراء الشعبوية سيعيده مجدداً إلى البيت الأبيض؟
اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.