
فلا أقسم بيوم القيامة
بقلم/ ناصر السلاموني
يوم القيامة هو اليوم الذي يفصل الله فيه بين عباده، فيثيب المحسن على إحسانه، ويعاقب المسيء على إساءته، كما قال الله تعالى:
“اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ۖ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ۗ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ” (الشورى: 17-18).
إنه يوم يأتي بغتة دون سابق إنذار، قال تعالى:
“هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ” (الزخرف: 66).
وفي هذا اليوم العظيم، يتلقى كل إنسان كتاب أعماله، فمن أخذه بيمينه فهو من الفائزين، ومن أخذه بشماله أو من وراء ظهره فقد خسر خسرانًا مبينًا، قال الله تعالى:
“يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” (المجادلة: 6).
إنه يوم عظيم، سماه الله بأسماء كثيرة في القرآن الكريم، تعبيرًا عن أهواله وأحداثه، وهو يوم لا مفر منه، وعلى كل إنسان أن يستعد له بالتوبة والعمل الصالح، قال تعالى:
“وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ” (الشورى: 25).
قد تعددت أسماء يوم القيامة في القرآن الكريم، وكل اسم يعبر عن جانب معين من أحداث ذلك اليوم العظيم، ومنها:
يوم القيامة – “لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ” (القيامة: 1).
الساعة – “اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ” (القمر: 1).
اليوم الآخر – “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ”.
يوم الدين – “مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ” (الفاتحة: 4).
يوم الحساب – “هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ” (ص: 53).
يوم الفصل – “إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا” (النبأ: 17).
يوم الجمع – “ذَلِكَ يَوْمُ الْجَمْعِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ” (التغابن: 9).
الواقعة – “إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ” (الواقعة: 1-2).
يوم الخروج – “يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ” (ق: 42).
يوم الحسرة – “وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ” (مريم: 39).
يوم التغابن – “يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ” (التغابن: 9).
الطامة الكبرى – “فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَىٰ” (النازعات: 34).
الصاخة – “فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ” (عبس: 33).
القارعة – “الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ” (القارعة: 1-2).
الحاقة – “الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ” (الحاقة: 1-2). وهناك الكثير من الأسماء التي ذكرها الله في القرآن الكريم
فهل نحن جاهزون بأعمالنا للقاء الله والاستعداد لهذا اليوم
قال رسول الله ﷺ: “الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الأَمَانِيَّ” (رواه الترمذي).
وقال ﷺ: “لَنْ تَزُولَ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ بِهِ” (رواه الترمذي).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا” (رواه مسلم).
فعلينا الالتزام بالفرائض مثل الصلاة، الصيام، الزكاة، والحج.
و ترك الذنوب والمعاصي والحرص على التوبة والاستغفار.
و الإحسان إلى الناس، كالصدق، الأمانة، وبر الوالدين.
واعلم أن كثرة ذكر الموت والآخرة، قال ﷺ: “أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ” (رواه الترمذي) من. دلائل صحة القلب وصدق الإيمان.
وعلينا الإكثار من الصدقة، فقد قال النبي ﷺ: “اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ” (متفق عليه).
نسأل الله أن يجعلنا من الفائزين يوم القيامة، وأن يرزقنا حسن الخاتمة.