
مصر والمعونة الأمريكية
سيد أبوزيد يكتب :
المعونة الأمريكية هي مبلغ ثابت سنويا تتلقاه مصر من الولايات المتحدة الأمريكية عقب توقيع إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1978، حيث أعلن الرئيس الأمريكى جيمى كارتر تقديم معونة إقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل تشجيعاً لهما بعد توقيع إتفاقية السلام بينهما، بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة إقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية، وحققت أمريكا الكثير من الإستفادة مقابل هذة المعونة مثل السماح للطائرات العسكرية الأمريكية بالتحليق فى الأجواء العسكرية المصرية ومنح تسهيلات وتصريحات بشكل سريع لمئات البوارج الحربية الأمريكية لعبور قناة السويس بالإضافة إلى إلتزام مصر بشراء المعدات العسكرية من أمريكا، ويُذكر أن أمريكا قدمت لمصر حوالى 7.3 مليار دولار ما بين عامى ١٩٩٩ و ٢٠٠٥ فى إطار برنامج مساعدات التمويل العسكرى الأجنبى، وقد أنفقت مصر خلال نفس الفترة حوالى نصف المبلغ أى 3.8 مليار دولار لشراء معدات عسكرية أمريكية، وهناك تفرقة فى المعدات العسكرية التى تحصل عليها كل من مصر وإسرائيل فى إطار المعونة الأمريكية حيث تحصل إسرائيل على أحدث الأسلحة ذى التقنية العالية بينما ما تحصل عليه مصر من معدات يتم حذف هذه التقنيات منها، ورغم ذلك تحاول أمريكا أن تستخدم المعونة التى تقدمها للضغط على مصر لتحقيق مصالحها السياسية، وظهر ذلك بجلاء فى 17 يونيو 2014 حيث قدم مجلس الشيوخ الأمريكى مقترحاً لخفض المعونة العسكرية الأمريكية لمصر من 1.3مليار دولار سنوياً الى مليار دولار فقط وكذا خفض المعونة الإقتصادية إلى 150 ملبون دولار، وفى عهد الرئيس الأمريكى بايدن قررت واشنطن صرف المساعدة العسكرية كاملة لمصر دون إشتراط تحقيق تقدم فى ملفات حقوق الانسان كما كانت تفعل سابقاً وذلك بسبب إعتماد واشنطن على القاهرة لإستعادة الإستقرار لمنطقة الشرق الاوسط إنطلاقاً من سعيها كوسيط نحو تحقيق وقف إطلاق النار فى غزة، مما يؤكد أن الإستقرار والأمن مقدمان على تحقيق الديمقراطية من أجل مصلحة الأمن الأمريكى حسب بيان المتحدث عن الخارجية الأمريكية، ولعل هذا يفسر إستثناء القاهرة من حجب المساعدات الأمريكية الخارجية نظراً للدور المصرى المحورى فى حفظ الأمن بمنطقه الشرق الاوسط فضلاً عن إرتباط القرار بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، حيث قررت وزارة الخارجية الأمريكية تجميد التمويل الجديد لجميع برامج المساعدات الأمريكية فى مختلف أنحاء العالم بإستثناء السماح بإستمرار برامج الغذاء الإنسانية والمساعدات العسكرية لإسرائيل ومصر، وقد اوضح توم حرب عضو الحزب الجمهورى الأمريكى تعليقاً على هذا القرار أنه له علاقه بإتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية وفى الوقت الحالى له أهميه كبيرة خصوصاً فى ظل الأوضاع الأمنية بمنطقة الشرق الاوسط فيما يتعلق بحرب غزة وكذلك تهديدات الحوثيين للملاحة فى البحر الأحمر، كل هذا له دور فى إستثناء مصر من وقف المساعدات لأن واشنطن تدرك أهمية مصر للمساهمة فى حفظ الأمن بالمنطقة، وتحرص واشنطن على تنشيط صفقات السلاح بينها وبين مصر لان تلك المعونة تمول صفقات لشراء السلاح من الولايات المتحدة الامريكية ومن ثم وقفها يهدد الأمن القومى الأمريكى فيما يخص صناع السلاح، الامر الذى يؤكد أن أمريكا هى المستفيد من منح مصر هذه المعونة، بالإضافة إلى التدريبات العسكرية ما بين القوات المصرية والامريكية (مناروات النجم الساطع) تساعد فى تأقلم القوات الأمريكية مع طبيعة منطقة الشرق الاوسط، ووقف او قطع هذه المعونة ستكون أمريكا هى الخاسرة، ومصر تملك بدائل لتعويض أى نقص أو وقف فى المعونة خاصة أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصرى .
ورغم ذلك نجد الرئيس الأمريكى ترامب يطالب مصر بتهجير الشعب الفلسطينى من غزة الى مصر للقضاء التام على القضية الفلسطينة ملوحاً بوقف المعونة الأمريكية، ونرد عليه بما قاله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر( اننا نتعامل مع دول العالم على اساس انه ليس مسموحا لأحد أن يتدخل فى شئوننا وإذا ظن الأمريكان أنهم بمعونتهم بإمكانهم أن يتحكموا فينا وفى سياستنا فأنا أقول نحن مستعدون لتقليل إستهلاكنا بما يوازى مبلغ المعونة للحافظ على إستقلالنا، والمعونة على الجزمة، واللى مش عاجبه سلوكنا يشرب من ميه البحر واللى هيتكلم كلمه هنقطعله لسانه، إحنا لا نقبل الضغط .