العاصمة

الفقد .. لا تحسبوه هين بقلم صفاء فوزى النزهي

0

منذ رحيله و أنا أتجنب أن أمسك قلمي ،أخاف أن أكتب ،أن أتعمق بداخلي ،حتى فاض حملي فأمسكته

الليلة لأجرب ،هل جف هو الأخر مثلما جف قلبي ، هل سيكتب أم ينزف ألما، أعتدت دوما الكتابة عند كل

خيبة أو ألم أو خذلان ،لكن الآن قلمي يبكي كعيني التي لا تجف أبدا ،شهور حداد مرت دون أن يجف عن

البكاء لكنه يأبى أن يخط أي حرف ،لعله ينزف كعادته كلمات وعبارات ليزيح عني ما يحمله قلبي و تفيض به

نفسي ، لكنه أبى أن يخط حرفا واحدا ؛ لعله مات أو رحل أو كسر بموت الأحبة ،لم أكن أتخيل كل هذا

الحزن بعد موت أبي ؛ كونه كان دائم التعب والمرض قد تزايد عليه ، لكن دخوله في غيبوبة أسبوع قبل

رحيله مزقني أربا ، أسبوع طويل لم أذق فيه طعم النوم كنت لا أكف عن البكاء ليل نهار ، تمنيت لو استفاق

لدقائق ليرانى ،ولأساله هل هو راض عني ،تمنيت أن أعتذر منه عن أي تقصير نحوه ،تمنيت أن يفتح عيونه

لحظات لأودعه الوداع الأخير ، لكنني دوما محرومة من الوداع الأخيرا فكما رحلت أمي دون وداع رحل أبي

،لم أتوقع رحيله يومها كنت علي يقين أنه سيعود لنا مثل أي مرة مرض بها من قبل ، لكنه رحل و ترك لي

الحزن و الألم و الدموع و اليتم ،كنت أتصور رحيل أمي أصعب ما مررت به في حياتي ؛ فقد رحلت فجأة دون مرض و تركت لي جرحا غائر و حرمان من الحب و العطف و الحنان.. لكن الأن بعد رحيل أبي تذوقت مر الفقد واليتم الحقيقي ؛أصبحت الدنيا فارغة تماما ، غربة وألم و وحشة لن يحسها إلا من عاشها ، موت الأب يعني أن تصبح بلاسند ،بلا رحمة و بلا أمان ،يعنى أن يكسر ضهرك ،أن تسير بلا عائلة فجأة ..
الغريب أن أقرب الناس لا يشعرون بك ،يظنونه هينا ولكنه ليس هين ،أنه حزن عظيم يزداد كل حين و لا ينتهي ..
الكل يعتقد أنك نسيت، بينما أنت تتألم وتفتقد كل حب و ينقصك كل شيء ، رحيل الأب والأم لا يعوضه أحد ،لن تشعر بألم اليتم إلا إن تذوقته ..ستعرف معنى أن يأتي العيد و يمر كأنه يوم عادى، ستعرف معنى أن تبكي شوقا لهما ليلة العيد ويوم العيد و كل ليلة تمر دونهما ، لن تشعر بالفرحة مهما أمتلكت من مقومات السعادة ؛لأنهما ليس هنا ليفرحان لك و بك ،ستنجح و لن تحس معنى النجاح دونهما ، اليتم صعب حتى لو كنت في فوق الأربعين ، ستشعر أنك طفل فارق حضنهما ،وتاه في الحياة وأصبح بلا وطن وبلا عنوان ، طفل يبكي شوقا واحتياجا لأمه وأبيه ، فلامعنى للحياة بدون أمان وحب ، اليتم لا يوصف بل يحس فقط.
الخلاصة أن تكون بلا أب وأم، يعني أنك ليس على قيد الحياة، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.


اكتشاف المزيد من بوابة العاصمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

آخر الأخبار
بياناً إعلامياً عن بدء المراحل النهائية للتشغيل التجريبي لمونوريل شرق النيل تمهيدا لاستقبال الركاب ف... وحدة شئون المرأة وحقوق الإنسان وذوي الإعاقة تختتم دورة تعلم لغه الإشارة المخصصة لأعضاء الجهاز الإدار... استجابة لما رصده مركز الاعلام والرصد النيابة الإدارية من انتشار مقطع فيديو لتعدى أحد المدرسين على عد... الزمالك يتأهل لمواجهه الاهلى فى نهائي كأس السوبر المصري بعد الفوز على بيراميدز  نانسي بيلوسي تعلن إنهاء حياتها العملية في الكونجرس الأمركى حُكم قضائي بحبس محمد رمضان سنتين في قضية "رقم واحد يا أنصاص قفزة جديدة في أسعار الصاج.. والأجهزة الكهربائية على موعد مع زيادة 6% ويتكوف: سأعلن اليوم عن انضمام دولة عربية جديدة إلى الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل الأهلي يتأهل لنهائي كأس السوبر المصري عقب الفوز على سيراميكا كليوباترا امريكا تفرض عقوبات على أفراد سهلوا تحويل عشرات الملايين من الدولارات من إيران إلى حزب الله