العاصمة

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ

0
بقلم / محمـــــــد الدكـــــــرورى
الله عز وجل يقول فى كتابه الكريم ( ولقد صرفنا
فى هذا القرآن للناس من كل مثل ) فالقرآن فيه كل شئ والله عز وجل أنزله بحكمه بالغه فلم يترك
شئ الا وأحصاه الله سبحانه وتعالى فى كتابه ومن آداب الاستئذان: اختيار الأوقات المناسبة
للزيارة, فإنَّ هناك أوقاتًا لا يُحب الناس أن يستأذن عليهم أحد فيها؛ كالوقت المتأخر من الليل, أو
الصباح الباكر جدًّا, أو عند الظهيرة, وقد قال الله –تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ
مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ
عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ)…

والمقصود بالطوافين في الآية: الذين يكثر دخولهم على المرء؛ مثل الولد, والخادم, والجارية

, فهؤلاء الطوافون يستأذنون في ثلاثة أوقات: قبل صلاة الفجر, ووقت القيلولة, وبعد العشاء, وما
عداها فلا جناح عليهم, فالآيةُ تُبيِّن أدب الاستئذان للطوافين الذين يكثر دخولهم على المرء. قال ابن
كثير -رحمه الله-: “أي: إذا دخلوا في حالٍ غير هذه الأحوال فلا جناح عليكم في تمكينكم إياهم
من ذلك، ولا عليهم إنْ رأوا شيئًا في غير تلك الأحوال؛ لأنه قد أُذِنَ لهم في الهجوم، ولأنهم
(طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) أي: في الخدمة وغير ذلك“.
معاشر الآباء .. أمر الله -تعالى- أن نُرشد أولادنا -الذين لم يصلوا إلى سن البلوغ- أن يستأذنوا على
أهليهم في ثلاثة أحوال:
قبل صلاة الفجر: لأن الناس نائمون, وقد يكونون
في أوضاعٍ من التكشف يكرهون أن يطَّلع عليها أولادهم؛ بنين كانوا أو بنات.
ووقت الظهيرة: فقد يتخفَّف من لباسه فيضعه وقت القيلولة, ولا يُحب أن يُرى في هذه الحال.
وبعد صلاة العشاء: لأنه وقت السكن والراحة والنوم ..
وأمَّا إذا بلغ الأطفال سنَّ الرجال, بأنْ وصلوا إلى
سن البلوغ؛ فعليهم أن يستأذنوا في كل الأوقات, قال الله –تعالى-: (وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ
فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: “أنه كان إذا بلغ بعضُ ولدِه
الحُلُمَ عَزَلَه؛ فلم يدخل عليه إلاَّ بإذن” ( رواه البخاري ).
وأمَّا الصَّغير الذي لا يُميِّز بين العورة وغيرها؛ فيدخل في كل الأوقات.
معاشر الفضلاء: ومن الآداب: الاستئذان قبل الدخول على المحارم. حتى لو كانوا في بيتٍ
واحد؛ لاحتمال أن يدخل على أُمِّه أو أُخته, وهي في هيئة لا تحب أن يراها فيه, أو تكون عُريانة, أو
نحو ذلك, ولا يجوز أن يرى الرجلُ أمه, ولا ابنته, ولا أخته, ولا ذات مَحْرم منه عُريانة.
عن علقمة قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عباس، قال: أستأذن على أُمي؟ فقال: “ما على كلِّ أحيانها
تُحِبُّ أنْ تراها” ( رواه البخاري ).
وعن مسلم بن نُذير قال: سأل رجل حذيفة، فقال:
أستأذِن على أُمِّي؟ فقال: “إنْ لم تستأذن عليها رأيتَ ما تكره“، وفي رواية: “ما يسؤوك” ( رواه
البخاري ).
وعن عطاء قال: سألتُ ابنَ عباس، فقلت: أستأذن على أختي؟ فقال: نعم. فأعدتُ، فقلتُ: أُختان في
حِجري، وأنا أمونُهُما، وأُنفق عليهما، أستأذنُ عليهما؟ قال: نعم، أتُحِبُّ أن تراهما عُريانتين؟! ثم
قرأ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)… إلى (ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ) قال: “فلم يؤمر
هؤلاء بالإذن إلاَّ في هذه العورات الثلاث“. قال: (وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ) قال ابن عباس:
“فالإذن واجب على الناس كلِّهم” …
وأمَّا بالنسبة للزوج: فلا يجب أن يستأذن قبل الدخول على الزوجة, فإنْ فَعَل فحسن, تقول زينب
امرأة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما-: “كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ” (صحيح: رواه
ابن ماجه).
وقالت أيضًا: “كان عبدُ الله إذا جاء من حاجةٍ
فانتهى إلى الباب، تَنَحْنَحَ وبزق؛ كراهةَ أنْ يهجم مِنَّا على أمرٍ يكرهه” …
ولهذا قال جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-: “نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَطْرُقَ
الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً؛ يَتَخَوَّنُهُمْ, أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ” (رواه مسلم)……

اترك رد

آخر الأخبار